العطر الأخاذ .. رسالة من بريد الجمعة عام 1988
أنا طبيب اعمل وأقيم في إحدى مدن الوجه القبلي الصغيرة وأنا وزوجتي من قرائك ونتابع ما تنشره ونعتبرك أخا لنا على البعد لما نتفق معك فيه من آراء ومشاعر وأحاسيس .. وقد اتفقنا على أن نعرض عليك هذا الأمر، وهو أن لنا من الأطفال بنتين في سن ٦ و ٤ سنوات .. وولدين في سن سنة ونصف. وسن شهر واحد .. وذات يوم منذ بضعة أشهر ابلغني مفتش الصحة في المدينة التي أعيش فيها بحكم الزمالة والجوار أن لديه طفلا عمره أيام مجهول الهوية وبالرغم من أن الله قد من علينا بالذرية ولدينا منها ما يرضينا ويسعدنا فقد قررت أنا وزوجتي أن نستضيف هذا الطفل الرضيع وأن نضمه إلى قبيلتنا الصغيرة إلى أن يقضي الله في أمره فضممناه إلينا ورعته زوجتي التي كانت وقتها حاملا في ابننا الأصغر واستخرجنا له شهادة ميلاد وعرضنا أمره على النيابة فأمرت بإيداعه الملجأ، وكان من الممكن أن تنتهي مسئولينا عند هذا الحد لكننا طلبنا من النيابة أن تأذن لنا برعايته في بيتنا فأذنت بذلك ، واستمر الطفل في حضانتنا لأننا فكرنا في أنه من الأصلح كثيرا له لن أن ينشأ هذا الطفل بين أحضان أسرة كأسرتنا على أن ينشأ في ملجأ ، ولو فعلت ذلك أسر أخرى لإنصلح حال كثيرين ممن ترسى بهم المقادير إلى الملاجئ. فاستمررنا في كفالته ورعايته لكننا نحس بان هناك من قد يكون أكثر حاجة منا لهذا الطفل ومن يستطيع أن يكون أكثر فائدة له منا كأن يكونون ممن لم يرزقهم الله بأطفال.
إذ في هذه الحالة سوف ينشأ الطفل " خالد " في رعايتهم دون حرج ودون تمييز بينه وبين بقية الأطفال في مستقبل الأيام فهل من بين قرائك من له الرغبة في رعاية هذا الطفل بشرط أن يعرف أنه محدد الاسم ومن مواليد ۸۸/۳/۳۱ .. وأن يكونا أبوين لم يرزقا بأطفال وأن يتعهدا بحس الرعاية والتربية الدينية الصحيحة ثم وعفوا لهذا الشرط أن يسمحا بأن يكون لنا حق متابعة أحواله والاطمئنان عليه من حين إلى آخر حتى ولو قلنا أننا أقربائه.
إنني أضع هذا الأمر أمانة بين يديك حتى تجد له من يناسبه حين يأذن الله بذلك بعد شهر أو شهرين أو سنة .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ولكاتب هذه الرسالة التي تقطر عطرا إنسانيا أخاذا أقول :
. ولقد قبلت
الأمانة يا سيدي وأرجو أن يوفقني الله في أن أجد لهذا الطفل المحروم من يسعد به
ويضمه في حضانته فيحميه ويحتمي به من غوائل الزمن ولسوف أكتب إليك حين يسوق الله إليه
من ائتمنه عليه وعلى رعايته.
أما شرطك الكريم بأن تسمح لك أسرته الجديدة بمتابعته والاطمئنان عليه ، فأنعم به من شرط يلخص في كلمات محدودة معنى الأخوة الإنسانية والرحمة والتكافل الذي تبقى جذوته مشتعلة في أعماق هذه الأمة إلى يوم الدين ، وأهلا بكما وبإخوتكما التي اسعد بها وافخر راجيا من كل قلبي أن أكون جديرا بها وبمعانيها السامية.
العطر الفواح
بعد نشر الرسالة بأسبوع
منذ نشرت في الأسبوع الماضي رسالة "العطر الأخاذ" للطبيب الفاضل الذي ضم إلى أسرته وأطفاله الأربعة طفلا وليدا مجهول الهوية رحمة به وحماية له من الإبداع بالملجأ وقلت أنه قد طلب مني أن اختار له أسرة محرومة من الإنجاب لكي ترعى هذا الطفل حتى ينشا في أحضانها بلا حرج وبغير تفرقة بين الأبناء .
منذ نشرت هذه الرسالة ووعدت بتلبية رغبته
النبيلة وعاصفة من العطر الإنساني تهب علي من كل الجوانب.
· فمن
ميلانو اتصل بي تليفونيا عدة مرات الطبيب المصري الذي نشرت له منذ عدة شهور رسالة يطلب
فيها رعاية طفل ينشأ بينه وبين زوجته التي لم تنجب ، وطلب مني ترشيحه لرعاية هذا
الطفل واعدا بتقديم كل الضمانات حين يصل إلى القاهرة في أجازته في أكتوبر القادم.
· ومن
القاهرة اتصلت بي السيدة الفاضلة التي نشرت لها منذ فترة رسالة أليمة بعنوان "شعاع
الفجر " عن مرض طفلها الوليد بمرض غير معروف والتي مازالت تعيش أحزانها اعانها
الله عليها وخفف عنها آلامها لتسألني : الست أحق بهذا الطفل لعله يطفىء اللهيب في
صدري بعد أن نفذ السهم المحتوم بعد نشر الرسالة منذ شهور .. فينحبس صوتي وأنا أؤكد
لها أنها أحق فعلا .. لكن هل هذه هي الطريقة الوحيدة ؟
· ومن
القاهرة أيضا اتصلت بي القارئة السيدة ليلى ، وطلبت رعاية هذا الطفل المحروم وكذلك
السيدة سهام ، والسيدة سمر ، والحاجة ماجدة والمهندس . ع .
· ومن
المنيا تلقيت رسالة تطلب نفس الطلب ومن طنطا ومن شبين الكوم ومن أسيوط، حتى بلغ
عدد الاستجابات التي تلقيتها خلال ٦ أيام فقط 11 طلبا من قارئات وقراء أفاضل .
يا
إلهي .. أليس غريبا أنه رغم كثرة ما تعاملت مع الجانب الإنساني الخير من الحياة مازال
للدهشة عندي نصيب حين يفاجئني عطر الخير بأكثر مما أتوقع ؟
لقد
أسميت رسالة هذا الطبيب الإنسان "العطر الأخاذ" إشارة إلى معانيها
السامية .. فماذا استطيع أن اسمي كل هذه الاستجابات الإنسانية النبيلة لرعاية طفل
محروم وتحمل أمانة المسئولية عنه ، ثم ماذا استطيع أن افعل والخيار بين الأخيار
أمر صعب إلا إني أرجو كل هؤلاء الفضلاء أن يمنحوني مهلة لمدة 3 أسابيع فقط قبل أن
نتفق نحن جميعا على أكثر الظروف ملائمة لرعاية هذا الطفل الوليد وشكرا وحبا
وعرفانا لهم جميعا .
رسالة البشرى تعقيبا على هذه الرسالة
رابط رسالة هدية من السماء تعقيبا على هذه الرسالة
راجعها وأعدها للنشر / نيفين علي
برجاء عدم النسخ احتراما لمجهود فريق العمل في المدونة وكل من ينسخ يعرض صفحته للحذف بموجب حقوق النشر