الأمنية الغالية .. رسالة من بريد الجمعة عام 1994

 

الأمنية الغالية .. رسالة من بريد الجمعة عام 1994

الأمنية الغالية .. رسالة من بريد الجمعة عام 1994


إن الشيء الذي يحتاج إليه كل إنسان وفي كل مرحلة من مراحل العمر.. ومهما بلغ شانه أو منصبه هو العطف .. وكلما تقدم المرء في العمر اشتدت حاجته النفسية إلى عطف ذويه وأهله وأعزائه ورفقهم به.
عبد الوهاب مطاوع

أنا طالبة جامعية في العشرين من عمري أعيش في إحدى المحافظات، وقد رحل أبي عن الحياة وأنا طفلة صغيرة وأمي في عقدها الرابع منذ اثني عشر عاما فرفضت الزواج بعده وتفرغت لتربیتي ورعایتي وإسعادي، وعشت في أحضانها أجد فيها الأب والأم والأخت والشقيق وأنفقت كل ما لديها لكي تصل بي إلى المرحلة الجامعية، وعوضتني عن حرماني من أبي وعطفت علي ومنحتني كل حنانها.. ومنذ فترة تم عقد قراني على شاب مستقیم ومتدين وعلى خلق، وسوف انتقل إلى عش الزوجية قريبا بإذن الله.

 

 لكن ما ينغص علي سعادتي الآن هو أني أشفق على أمي من أن اتركها وحيدة في الحياة  بعد زواجي وانتقالي إلى بيت زوجي واشعر بثقل دیني لها وأريد أن أسدد بعض هذا الدين وأن أقف بجوارها، كما وقفت هي بجواری طوال السنوات الماضية، وأمي هذه يا سيدي إنسانة طيبة عطوفة ومتسامحة ومتفائلة وقنوعة، فهل تستطيع مساعدتي في تحقيق أغلى أمنية لى الآن وهي أن تجد شريك الحياة الذي يماثلها في السن والطيبة والعطف لتقضي معه بقية عمرها ويعوضها عن وحدتها وكفاحها معي خاصة وأنها يتيمة مثلي وافتقدت حنان الأب كما افتقدته أنا حيث لم اعرف شكل أبي إلا من الصور فقط.

 

إننا نقرأ لك معا باب بريد الجمعة ونتعزی ببعض مآسيه عن وحدتنا وظروفنا ... ولقد سبق أن ساعدت في حل مشاكل مماثلة لمشكلة أمي، فهل تستطيع المساعدة أيضا في حل هذه المشكلة التي تؤرقني الآن مع خالص الشكر لك والعرفان.

 

ولكاتبة هذه الرسالة أقول:

ما أجمل أن تتبادل فتاة حنون مثلك العطف والحنان مع أمها فتسعى لإسعادها وهي تستعد للانتقال إلى حياتها الجديدة. كما سعت أمها من قبل لنفس الهدف وكرست لها حياتها وجهدها ومالها طوال السنوات الماضية.

إن الشيء الذي يحتاج إليه كل إنسان وفي كل مرحلة من مراحل العمر.. ومهما بلغ شانه أو منصبه هو العطف .. وكلما تقدم المرء في العمر اشتدت حاجته النفسية إلى عطف ذويه وأهله وأعزائه ورفقهم به.


وما تفعلينه الآن بسعيك النبيل لإيجاد شريك حياة مناسب لأمك ليس ردا لدينها عليك فقط وإنما هو تعبير أيضا عما ينطوي عليه صدرك من حب وإعزاز لها ورفق بها، ولابد أن تكون والدتك عطوفا وحنونا مثلك فهي النبع الذي استقيت منه طوال السنوات الماضية، فأثمر هذه الروح العطوف الطيبة ، یا آنستي اكتبي إلي بكل بيانات أمك الحنون وعنوانها عسى أن استطيع تحقيق أمنيتك الغالية.. وشكرا.

رابط رسالة الطرف الثالث وهي تعقيب من خطيب كاتبة الرسالة

رابط رسالة مخالب الحدأة تعقيبا على هذه الرسالة

رابط رسالة السكين تعقيبا على هذه الرسالة

 

·       نشرت في جريدة الأهرام "باب بريد الجمعة" عام 1994

راجعها وأعدها للنشر / نيفين علي


Neveen Ali
Neveen Ali
كل ما تقدمه يعود إليك فاملأ كأسك اليوم بما تريد أن تشربه غداً
تعليقات