فاتورة الألم .. رسالة من بريد الجمعة عام 1992

 فاتورة الألم .. رسالة من بريد الجمعة عام 1992

فاتورة الألم .. رسالة من بريد الجمعة عام 1992

 
كل ما حم نازل .. وليس للإنسان إلا أن يتحمل أقداره مهما كانت شديدة الوطأة عليه، وروح الإنسان أقوى من كل الآلام .
عبد الوهاب مطاوع
 

أنا وزوجتي طبيبان من قراء بريد الجمعة نسعد بسعادة أصدقائك, أبطال الرسائل حين يسعدون وقليلا ما يفعلون .. ونشقى بشقاء أصدقائك الآخرين حين تقسو عليهم الحياة وكثيراً ما تقسو .. ومع تقديرنا لكل المشاكل والعذابات الإنسانية وصدمات بريد الجمعة إلا أننا نجد أن معظمها يتفاعل معها أبطالها بالسلب أو بالإيجاب .. أما صاحبة القصة التي سأرويها لك فلم تتفاعل مع مشكلتها ولم يكن لها أي دور فيما جرى لها اللهم إلا أنه قدر ومقدور عليها.

 

 فقد استقبلنا في مستشفى إيتاي البارود "ابتسام" الطالبة بدبلوم التجارة التي تبلغ من العمر 17 عاماً. وذلك أثر حادث قطار وقع لها وأراد الله ولا راد لقضائه أن يمتحنها ببتر ذراعيها الاثنين وإحدى ساقيها ولم تبق لها سوى ساق واحده تحتاج إلى عملية أخرى ولله الحمد وانتهى بذلك الفصل الأشد إيلاماً .. أما بقية القصة فهي أن ابتسام قد فقدت الحركة تمام وترقد الآن بمستشفانا وكلها صبر وإيمان ورضا بقضاء الله وقدره مع أنه لا يوجد من يخدمها لأن أباها رجل بسيط الحال .

 

 إن رجاءنا لك فهو أن تكتب إليها لتشد من أزرها بكلمات تعينها بها على أمرها وأن يكتب لها أيضاً أصدقاؤك الكثيرون من قراء بابك وخاصة من أصحاب التجارب المماثلة أو الشبيهة ليرووا لها تجاربهم وكيف تعاملوا معها واحتملوها وشكرا لكل من يستطيع أن يساعدها بشكل أو بآخر وخاصة من أخصائي الأطراف الصناعية وأخيراً يا صديقنا فأننا نتعجب من عبد أعطاه الله اليدين فارتكب بهما الإثم .. وأعطاه القدمين فيمضى بهما إلى الشر ...وتُحرم ابتسام من ساقها وذراعيها وما آذت بها أحداً فلا حول ولا قوة إلا بالله وشكرا لك ولأصدقائك مقدماً إن شاء الله.

 

ولكـــاتب هذه الرسالة أقول:

كل ما حم نازل يا صديقي .. وليس للإنسان إلا أن يتحمل أقداره مهما كانت شديدة الوطأة عليه , وما ابتسام الصابرة الراضية بأقدارها سوى مثال آخر على شجاعة الحياة وعلى أن روح الإنسان أقوى من كل الآلام .. إنني أستطيع أن أروى لها عشرات القصص عن أشخاص شاءت لهم أقدارهم أن يواجهوا تجارب أليمه كالتي واجهتها فتعايشوا مع ظروفهم الخاصة وتصادقوا معها وأصبحوا من فرسان الإرادة, وأثبتوا من جديد أن الإنسان لا يمكن تحطيمه إلا إذا أراد هو أن يحطم نفسه بنفسه ويستسلم لليأس والقنوط والمرارة.


إن الإيمان بالله يا آنستي والرضا بقضائه وقدره والأمل الدائم فى رحمته وعفوه هو أكبر عون لنا على احتمال شدائد الحياة فتمسكي برصيدك الكبير من هذا العون واستزيدي منه وثقي من أنك لست وحدك فى هذه المحنه وأن أصدقائك كثيرين قد ألمهم ما حاق بك .. وسيعبرون لك عن تعاطفهم معك واحترامهم لك بكلمات يكتبونها إليك أو بزيارتك فى مستشفى إيتاي البارود لمن تسمح له ظروفه بذلك أما بريد الأهرام فلسوف يبذل غاية جهده لتعويضك صناعياً عما فقدت ولتخفيف فاتورة الألم التى فرضتها عليك المقادير وإلى لقاء قريب بإذن الله.

صورة من رسالة فاتورة الأمل نشرت في أبريل 1992


رابط رسالة صفاء النهر من كاتب الرسالة بعد عام

رابط رسالة الدواء المر من كاتب الرسالة بعد عامين

رابط رسالة الحياة أشواك تعقيبا على هذه الرسالة

رابط رسالة ابتسامة الصابرين تعقيبا على هذه الرسالة

رابط رسالة الرابطة تعقيبا على هذه الرسالة

 ·       نشرت في جريدة الأهرام "باب بريد الجمعة" في مارس عام 1992

شارك في إعداد النص / بسنت محمود

راجعها وأعدها للنشر / نيفين علي


Neveen Ali
Neveen Ali
كل ما تقدمه يعود إليك فاملأ كأسك اليوم بما تريد أن تشربه غداً
تعليقات