الغريزة الأساسية .. رسالة من بريد الجمعة عام 2002
قرأت رسالة الليالي
الباردة للسيدة الشابة التي مرض زوجها بمرض السكر وأصبح غير قادر على إعطائها
حقها الشرعي في الحياة الزوجية وهي تحبه ومتمسكة به ولكنها تتعذب يوميا من أجل
احتياجها لزوج كامل وقرأت رسالة أحزان المساء للرجل الذي تجاوز الستين عاما
وبالمعاش ويعاني من أن زوجته لا تعطيه حقوقه الشرعية بحجة أنهما قد كبرا على ذلك
وهو يتمزق يوميا لحاجته لزوجة وقرأت رسالة السفينة الغارقة التي تزوجت فيها
زوجة شابة ثلاث مرات ولم يكتب لها النجاح فيها جميعا فأثارت هذه الرسائل شجوني
وشجعتني على أن اكتب لك عن قصتي التي فكرت كثيرا في أن أكتبها لكي أجد حلا لها
خلال خمس سنوات من الزواج حتى الآن .
فأنا شاب أبلغ من
العمر السادسة والثلاثين نشأت في أسرة متوسطة ماديا ولكنها تشغل مناصب مرموقة في
المجتمع وتهتم بالتعليم كثيرا فنشأت بين أبوين متحابين وأخوة مترابطين أي في أسرة
مثالية في كل شيء في أحد الأحياء بالمناطق الشعبية بالقاهرة الكبرى وتدرجت في
التعليم حتى حصلت على شهادتين جامعيتين أحداهما تتيح لخريجيها الحصول على شقة بإحدى
المدن الراقية فحصلت عليها وبمساعدة الأهل استطعت أن أجد الزوجة المناسبة اجتماعيا
وتزوجتها منذ خمس سنوات ورزقني الله بطفلين غاية الجمال ووجدت زوجتي هذه حنونا
ونظيفة ونشيطة ومرحة أي أنها جميلة في كل شيء إلا شيئا واحدا فقط لا تعيه وإنما
ترفضه وهو حقوق الزوج الشرعية فهي دائما وأبدا لا تحب ذلك نتيجة ظروف خاصة بها لا
دخل لي فيها وعلى مدى خمس سنوات حاولت أن أفهمها أن الرجل عندما يطلب امرأته يجب
أن يجدها وأنه يراعي ظروفها وفي غير ذلك فمن المفروض أن تطيعه .. وبالرغم من أنني
أداعبها وألاطفها برقة كما أمرنا الرسول صلى الله عليه وسلم.
ولكن هيهات فهي
ترفض أن أقبلها وترفض أن ألمسها إلا بصعوبة بالغة وفي المرات القليلة التي جمعتنا
سويا أراد الله لنا أن ننجب طفلين أما فيما عدا ذلك فإنني أتعذب وكثيرا ما قلت لها
حرام عليك إنني إنسان طبيعي والمفروض أنك زوجة مثالية في كل شيء فلماذا تفعلين ذلك
معي فتبكي وتقول أنها تعرف أنها ظلمتني معها لكنها هكذا لا تحب هذه الأشياء وإنما
تكرهها فأقول لها إذن سأتزوج عليك لكي أجد رغبتي التي ليست موجودة لديك فتقول لي
أنني إذا أردت أن أتزوج فلابد أن أطلقها أولا فأفكر في نفسي وأقول أنني إذا طلقتها
وهي حاضنة فستأخذ الشقة بما فيها وارجع أنا كما كنت قبل الزواج وأتساءل ما ذنب
أطفالي الأبرياء في أن أجعلهم يتمزقون في هذه السن الصغيرة وفي نفس الوقت إلى متى
سأتحمل هذا الكبت وأنا في هذه السن الصغيرة التي لا يتحملها من هم تعدوا الستين ..
وأجد في نفس الوقت لا فائدة منها لأنني جربت معها جميع الطرق على مدى السنوات
الخمس السابقة لذلك قررت أن أكتب لك عسى أن أجد من بين قارئاتك من ترضى أن تكمل
معي مشوار الحياة كزوجة ثانية بغير أن تعلم زوجتي أو أهلها حفاظا على كيان المنزل
وعلى أولادي في هذه المرحلة وبشرط أن يكون لديها شقة لأنني حاليا غير قادر على
توفيرها وأنا أعمل في مركز مرموق وتجعلني على علاقات وطيدة بأناس كثيرين فهل أجد
ذلك عندك وهل لديك حل آخر لمشكلتي وأخيرا أرجو تسمية هذه الرسالة بالغريزة
الأساسية حتى استطيع أن أتعرف عليها عند نشرها.
ولكاتب هذه الرسالة أقول:
لن يستريح الإنسان إلا في قبره؟ كما يقول أحد الحكماء!على أية حال فاني أقول لك باختصار أنه إذا كانت زوجتك تمتنع عنك وأنت شاب ولا تصبر على نفسك ولا تريد في نفس الوقت أن تنفصل عن زوجتك لكيلا تمزق طفليك بينك وبينها فإن من حقك شرعا أن تتزوج من أخرى مع استمرارها في عصمتك وليس من الإنصاف أن تمنعك من ذلك ولا أن تشترط عليك طلاقها قبل أن تتزوج من أخرى .. لأن اعفاف الزوج لنفسه من مبررات الزواج الآخر إذا كانت زوجته الوحيدة تمتنع عنه وهو في عنفوان شبابه وطاقته ولا يأمن على نفسه من الفتنة إن طال به الحال على هذا النحو.. فراجع زوجتك في هذا الأمر من جديد واستعن عليها.. بوالدتها على وجه التحديد.. ولا بأس بأن تعرض نفسها على طبيب لأمراض النساء, وأن تستشير في أمرها الطبيب النفسي عسى أن يكون لما تعانيه منه أسباب قديمة يستطيع الطبيب المتخصص أن يعينها على تجاوزها.
أما الزواج السري
وبدون علمها فليس الحل الملائم لمشكلتك ولن يكون المخرج الآمن لك من هذه المحنة.
فأما أن ينجح
الطبيب النفسي في إزالة المعوقات النفسية التي تحول بين زوجتك وبين الحياة
الطبيعية.. وأما أن تأذن لك بالزواج من غيرها مع استمرارها في عصمتك.. وليس
هناك خيار ثالث!
أصدقاء على الورق
تعقيب أحد القارئات على الرسالة
استفزتني
رسالة الغريزة الأساسية الذي يشكو من عدم استجابة زوجته لرغباته الحسية وهي بأمانة
شديدة مشكلة 80% من نساء مصر وردي عليها, فهو ليس رأيي لوحدي ولكنه أيضا رأي
صديقاتي, قريباتي وزميلاتي في العمل.
وأسمح لي أوجه ردي لكاتب هذه الرسالة وللرجال عموما ولزوجي خاصة ـ
يا أستاذ يا صاحب رسالة الغريزة الأساسية لقد قرأت رسالتك جيدا وأكثر من مرة وخرجت
ببعض النقاط فاحتملني حتى النهاية وأرجو أن ترد علي:
* لم أجد أية إشارة تنوه بها عن السيدة التي تشاركك الحياة والتي تشكو منها ـ
وهذا يعني انحسار رؤيتك لمشكلتك فقط فهل معنى هذا عدم وجود أي مشكلة لديها تستحق أن
تنوه عنها ؟ أشك
* أعلم تماما أن تلك الغريزة التي تتحدث عنها أساسية في حياة الرجل ومهمة ولكن
أليس في الحياة اهتمامات أخرى على نفس الدرجة من الأهمية إن لم تكن أهم ؟؟ مثلا:
هل تسكن في مسكن ملائم ومناسب لوضع زوجتك الاجتماعي؟ هل أنت تلبي طلباتها جميعها؟
هل تقوم بواجباتك الاجتماعية تجاه عائلة زوجتك أم أنك تتجاهل حقها في التباهي بك
أمام أسرتها؟ هل تسعى حقا لإسعاد أولادك وتلبية طلباتهم حتى ولو كانت ضد رغبتك ؟
هل تعتبر خروجك معهم كأسرة واحدة شيئا مملا ؟ هل الذهاب معهم يوم الإجازة إلى
النادي تعب وإرهاق عليك يمكن الاستعاضة عنه بالجلوس في المنزل أم تلقي بهذا إلى
زوجتك ؟
* وهل تسمع منك زوجتك كلاما جميلا حقيقيا أو هل تحضر لها هدية بسيطة كرغبة
حقيقية منك أم ان كل هذا هو فقط تمهيد للوصول إلى هدفك الحقيقي وهو الغريزة
الأساسية ؟
* هل تعمل زوجتك لتساعدك في أعباء الحياة المتزايدة ؟ هل تعمل ساعات عمل أكثر
منك ؟ هل تتواجد أنت في المنزل قبلها ؟ هل تقدر لها كل هذا المجهود المبذول ؟ أشك
* في نهاية اليوم هل فكرت مرة في أن تختتم اليوم بجملة مجاملة حقيقية نابعة من
قلبك مقدرا لها عناء ومشقة اليوم الطويل ثم تقبلها متمنيا لها نوما سعيدا بدون
السعي وراء تلك الغريزة الأساسية ؟
* هل فكرت مرة في أن تأخذها في نزهة مفاجئا إياها بمكان كانت لكم فيه ذكريات
ماضية ؟ هل عدت مرة من العمل بتذكرتين للسينما ؟ أشك
لك يا سيدي ولكل الرجال: أرجوكم فكروا في سعادة زوجاتكم أولا, فكروا في
المجهود المضاعف المطلوب من سيدات هذا العصر الملعون الذي يلقى على أعناقها بما
يفوق قدراتها واحتمالها, فكروا في أعصابها التي تدمر كل يوم خارج المنزل
وداخله, فكروا في الرجل الذي يتجاهل كل هذا ويتجاهل حتى إحساسها بمن يربت على
كتفها وبمن يشاركها حملها فأعطوها حقوقها أولا قبل أن تفكروا في حقكم ـ ارضوها
واعطفوا عليها ـ اظهروا لها مشاعر حقيقية بدون أي مطلب وراءها ـ وان لم تعطكم حقكم
بعد ذلك فلتشنقوها في ميدان عام إذن.
من رسالة لقارئة تعلق فيها علي رسالة الغريزة الأساسية
رابط رسالة الوجه العبوس تعقيبا على هذه الرسالة
· نشرت في جريدة الأهرام "باب بريد الجمعة" عام 2002
راجعها وأعدها للنشر / نيفين علي
برجاء عدم النسخ احتراما لمجهود فريق العمل في المدونة وكل من ينسخ يعرض صفحته للحذف بموجب حقوق النشر