الكوب المكسور .. رسالة من بريد الجمعة عام 2001

 الكوب المكسور .. رسالة من بريد الجمعة عام 2001

الكوب المكسور .. رسالة من بريد الجمعة عام 2001

نحن لا نسعد في المنفى ولا في النسيان، كما قال بطل رواية سوء تفاهم للأديب الفرنسي ألبير كامي‏..‏ وقطيعة الأهل لنا نفي لوجودنا وسعادتنا وسلامنا النفسي، ومحاولة نسيان الأهل وإخراجهم من حياتنا أو العيش بدونهم لا تحقق لنا في النهاية إلا الخراب النفسي والتعاسة الحقيقية والوحدة الداخلية مهما أحاط بنا من زحام الآخرين‏.‏
عبد الوهاب مطاوع

أنتهز فرصة وجودي في القاهرة في أجازة لمدة شهر لكي أكتب إليك وأطلب مساعدتك‏,‏ فأنا سيدة شابة في الخامسة والعشرين من عمري نشأت في أسرة طيبة متدينة‏,‏ ولي شقيق يصغرني ببضع سنوات فأما أبي فإنه رجل حازم مدقق في كل شيء بحكم عمله وطبيعة دراسته العملية‏,‏ ويحب دائما أن يتعامل مع الجميع بالحق ووفقا للأصول‏,‏ كما أنه إنسان ملتزم ويحب أسرته وأبناءه ويجاهد لإسعادهم ويشغل منصبا قياديا في شركة كبيرة‏,‏ وأما والدتي فهي سيدة جامعية وتعمل بإحدى الوزارات وتعيش حياة زوجية موفقة مع والدي وتتصف بالحنان‏.‏


وقد بدأت قصتي خلال مرحلة الثانوية العامة‏,‏ حين تعثرت في دراستي بالرغم من مساعدة أبي لي في دروسي ورغم الدروس الخصوصية والمجموعات الدراسية‏..‏ فلقد رسبت في الامتحان بسبب عدم تركيزي واستهتاري في الاستذكار مما دعا أبي لتعنيفي بشدة لكيلا يتكرر الفشل‏..‏ وبدلا من أن أتفهم هذه الشدة من جانبه وأقدر دوافعها اعتبرتها نوعا من القسوة والظلم وفسدت مشاعري تجاه أبي‏,‏ وفي هذا الجو المتوتر تعرفت على شاب من الجيران يدرس بإحدى الكليات العملية‏,‏ فأظهر لي الحب والحنان وتعاطف مع ظروفي وأشعرني بأن أبي قاس وظالم وجلاد‏,‏ وأن الله قد أرسله هو إلي ليمسح دموعي ويخفف عني وينقذني من بطشه‏!‏


وظهرت نتيجة الثانوية العامة ونجحت بمجموع متواضع والتحقت بإحدى الكليات واستمرت علاقتي بهذا الشاب طوال سنوات الدراسة دون أن تعلم أسرتي شيئا‏..‏ وكان قد وثق علاقته بأخي الأصغر لكي يسهل له مهمته ويرسل لي معه بعض الرسائل‏,‏ وفي هذه الرسائل كان يكتب لي كلمات غرامية ملتهبة ويدعوني بكلمة زوجتي‏..‏ أو امرأتي‏..‏ الخ وكنت أحتفظ بهذه الرسائل في مكان خفي بدولاب ملابسي إلى أن جاء يوم واكتشفها أبي بطريق الصدفة وقرأ ما فيها من ألفاظ بذيئة ووصفه له بأنه ظالم وجلاد فجن جنونه وانهال علي ضربا ووبخ أخي على عدم نخوته وتقاعسه عن المحافظة على أخته من عبث هذا الشاب‏,‏ وحذرني من مقابلته أو التعامل معه بأية صورة من الصور‏.


وحاول الشاب بعد ذلك أن يتصل بأبي أو يلتقي به ليشرح له موقفه ويتقدم لخطبتي فلم يتمكن من ذلك‏..‏ وبعد محاولات طويلة التقي به في مكان عام وعرفه بنفسه واعتذر له عما بدر منه وطلب من أبي أن يقبل بخطبته لي فرفض رفضا قاطعا ووبخه على سوء سلوكه وألفاظه غير المهذبة في رسائله‏,‏ وأسلوبه في الوصول إلى قلبي عن طريق تحسين صورته مقابل تشويه صورة أبي في نظري‏.‏
ولم ييأس الشاب بالرغم من ذلك من نيل موافقة أبي‏,‏ وراح طوال عام كامل يوسط الأهل والأقارب والأصدقاء لديه‏,‏ وأمام دموعي كل يوم وذبولي ووساطة أمي‏,‏ قبل أبي في النهاية هذا الشاب من حيث المبدأ وبشرط ألا تتم الخطبة الرسمية قبل مرور عام يكون خلاله قد انتهي من أداء الخدمة العسكرية‏,‏ وأكون قد انتهيت من دراستي‏,‏ وعلى ألا يحاول الاتصال بي بأي وسيلة خلال هذا العام‏,‏ عقابا له ولي على سلوكنا الخاطيء منذ البداية وإثباتا لالتزامنا بأوامره‏,‏ وسعدت أنا بذلك وسعدت أمي معي وسعد هذا الشاب وأسرته بذلك‏,‏ لكن التزامنا بتحذيرات أبي لم يكن كاملا خلال عام التأجيل‏.‏


ثم حضر هذا الشاب بعد ذلك إلى البيت وتقدم لخطبتي رسميا وتم الاتفاق على كل شيء‏..‏ واشترى لي أبي أجمل فستان للخطبة وأقام لي حفلا جميلا بأحد الفنادق الكبرى‏,‏ وفي أول زيارة لخطيبي لي في البيت بعد الخطبة رحب به أبي وقال له إنه قد نسي كل شيء حدث في الماضي ويعتبره من الآن ابنا له‏..‏ وأحسست بصدق مشاعر أبي في ذلك في حين كنت أشعر من حديث خطيبي معي أنه لم ينس رفضه له لمدة عام كامل‏,‏ وصدق إحساسي بعد قليل حين تناقش خطيبي ذات يوم مع والدي في تعديل بعض ما اتفق عليه معه مثل موعد الزفاف والشقة وخلافه‏,‏ واحتدم النقاش بينهما فأصر أبي على الالتزام بما سبق الاتفاق عليه أو يفسخ الخطبة‏,‏ وانصرف خطيبي غاضبا بعد أن طلب منه أبي ألا يتصل بي أو يقابلني إلا بعد الالتزام بما تم الاتفاق عليه‏,‏ لكني التقيت به سرا بعد ذلك بأسبوع فقال لي إنه قرر أن ينتقم من أبي ويرد له الصفعة مضاعفة ويتزوجني رغم أنفه ويضعه أمام الأمر الواقع‏.

 

‏ وبالفعل اتصل بقريب لأمي يعرف أنه على خلاف مع أبي وأبلغه بما اعتزمه وطلب منه إبلاغ أبي بذلك مؤكدا أن أحدا لن يستطيع أن يحول دونه ودون ما يعتزم القيام به‏,‏ واستشاط والدي غضبا وأقسم أن يفسخ الخطبة ولو لفترة ثلاثة شهور عقابا لخطيبي على تحديه له‏..‏ وعلى ألا يقبل به مرة ثانية إلا إذا اعتذر عما قال وأبدي ندمه عليه وأقر بأنه لا يستطيع أن يرتبط بي بدون أذنه ورضائه‏,‏ وجلس معي ذات يوم وأخذني في حضنه الدافيء وراح ينصحني وحذرني من الانسياق وراء هذا الشاب المستهتر ويبصرني بالعواقب الوخيمة التي ستقع إذا خذلته وخضعت لتهديدات هذا الشاب ويعدني بأن يقيم أجمل فرح ويجهزني أفضل جهاز إذا وقفت بجانبه في وجه تهور هذا الشاب إلى أن يلتزم وينفذ ما تم الاتفاق عليه‏..‏ واستمر حديثه هذا ثلاث ساعات كاملة ودموعه تنساب دون انقطاع على خديه‏!‏

 

وأرجو أن تسامحني حين أقول لك إنني قد تظاهرت أمامه بالامتثال وأكدت له أنه من المستحيل أن أخرج على طاعته‏..‏ في نفس الوقت الذي كنت قد اتفقت فيه مع خطيبي على الزواج في أول فرصة تتاح لنا بدون علم أبي وأسرتي‏..‏ وذات يوم لم يكن أبي في البيت فاستأذنت أمي في الخروج لزيارة جدتي وتوجهت إلى حيث كان خطيبي قد أعد كل شيء في حضور أسرته وقريب أمي وعدد قليل من أصدقائه وتم الزفاف في سرية وخوف وتكتم شديد وقام هذا القريب بالوكالة عني بزعم سفر والدي للخارج‏.‏

وعلمت أسرتي بما حدث في اليوم التالي فنزل عليها النبأ كالصاعقة‏,‏ وأصيب أبي بأزمة قلبية وارتفاع شديد في الضغط ونقل للمستشفي ومرضت أمي بالسكر‏,‏ واعتبرني أبي منذ ذلك اليوم كما علمت بعد ذلك في عداد الموتى وأعلن الحداد علي أربعين يوما وعلق صورة لي في الصالون ووضع عليها شريطا أسود وأقسم ألا يعترف بي كابنة له ولا بزواجي ولا بثمرة هذا الزواج وألا أدخل بيته مدى الحياة وأن يظل قلبه غاضبا علي وعلى زوجي إلى آخر العمر‏.‏
وتدهورت حالتي النفسية سريعا وشعرت بالحزن الشديد وترددت على الطبيب النفسي للعلاج وبعد شهور من محاولات العلاج وإخراجي من حالة الحزن والاكتئاب قرر زوجي أن يسافر للعمل بدولة عربية ويصطحبني معه لكي ينسيني أسرتي وأهلي وجو الأحداث المحزنة‏..‏ وراح يبالغ في إظهار حبه لي ويغرقني بالهدايا من حين لآخر‏..‏ لكن هيهات أن يخرجني شيء من أحزاني وتعاستي فإن صورة أبي وهو يبكي تلاحقني في صحوي ومنامي فأنهض من نومي مفزوعة وأشعر بالحزن والألم والخوف وعذاب الضمير‏.

 

ولقد مضت ثلاث سنوات حتى الآن على سفرنا وكلما رجعنا لبلدنا في أجازة أحاول توسيط بعض أقاربي ليشفعوا لي عند أبي في أن يسامحني على خطئي الكبير‏,‏ لكن قلب أبي كما يقولون لي لا يلين لي أبدا ولا يقبل مجرد ذكر اسمي أمامه‏,‏ وكلما حدثه أحد عن اعترافي بخطأي يستشهد بكلمة لك في أحد ردودك تقول فيها إن الاعتراف بالخطأ لا يكفي وحده لكي يعفينا من اللوم إن لم نبادر بتصحيح الأخطاء ورد الحقوق المتعلقة بها ويقول أيضا إن الكوب الذي انكسر لا يمكن إصلاحه وإعادته إلى حالته الأولي مرة أخرى.

 

 وأنا يا سيدي لا أمانع في فعل أي شيء للتكفير عن خطيئتي‏..‏ ومستعدة لتحمل أي عقاب يحكم علي به أبي في سبيل أن أنال عطفه ورضاءه وحبه وبالتالي حب كل الأسرة لي.

 




ولكاتبة هذه الرسالة أقول‏:‏ 

من الأساليب المرفوضة دينيا وأخلاقيا‏,‏ أن نسعى لاكتساب محبة أحد بتبغيضه فيمن ينبغي له أن يحبه ويحتفظ له دائما بأعظم الود والعرفان‏,‏ والواضح هو أن زوجك ــ ربما لصغر سنه وقلة خبرته بالحياة في ذلك الحين ــ لم يعلم جيدا أنه ليس من النبالة في شيء أن يحبب إليك نفسه عن طريق المزايدة على المشاعر السلبية الوقتية التي تملكتك في بعض الفترات تجاه أبيك لشدته عليك‏,‏ بدلا من أن يستخدم تأثيره عليك في ترشيد هذه المشاعر المؤقتة‏..‏ وتبصيرك بما وراء هذه الشدة من حرص علي مستقبلك وخوف عليك من الفشل‏..‏ وإيثار لك بالحب والاهتمام‏,‏ كما لم يكن يحق له كذلك مهما كانت معاناته من تشدد أبيك معه‏,‏ أن يتحداه علي الملأ ويعلن عزمه على الزواج منك رغما عن إرادته ولا أن يسعى لإيلامه وجرح كرامته بإبلاغه هذا التحدي المهين عن طريق من يعرف هو جيدا أنه لا يكن له   
ولا كان مما يحق له أيضا بأي حال من الأحوال أن يغريك بالخروج علي طاعة أبيك وإتمام الزواج في غيبته ورغما عن إرادته‏,‏ فيقهر بذلك إرادته ويشعره بالعجز والهوان والإذلال الأدبي‏.‏

أما أنت أيها السيدة الشابة فإن قائمة أخطائك في هذه القصة طويلة ومتعددة‏..‏ وتبدأ بارتباطك بهذا الشاب وأنت فتاة مراهقة بالمرحلة الثانوية‏,‏ وإساءة تفسيرك لشدة أبيك معك‏,‏ وعدم التزامك بما قطعت على نفسك من عهد لأبيك بعدم الاتصال بهذا الشاب خلال عام التأجيل‏,‏ إلى أن تبلغ ذروتها المؤلمة‏..‏ بخداعك له حين طلب منك عدم الانسياق وراء هذا الشاب المتهور إلى أن يلتزم بما سبق الاتفاق عليه وسالت دموعه الحارة ثلاث ساعات متصلة وهو يبصرك بعواقب الأمور ويرجوك ألا تخذليه وألا تطعنيه في قلبه وكرامته وأبوته بالخروج علي طاعته‏..‏ وكل ذلك في الوقت الذي تتفقين فيه مع خطيبك علي إتمام الزواج رغما عنه‏..‏ وتنتظرين الفرصة المواتية لتنفيذ هذا الاتفاق الذي يطعن أباك في الصميم ويهزم إرادته أمام فتاك المتهور‏..‏ فكأنما لم تؤثر فيك دموعه السخينة ولا رجاءاته الحارة لك ولا أمنيته الحسيرة أن تنصريه في الموقف الذي يتخذه تحقيقا لصالحك أنت قبل كل شيء‏,‏ ومرارة الخذلان تدمي‏,‏ أيتها الشابة حين تجيء إلينا ممن كنا ننتظر منهم الانتصار لنا وليس لخصومنا‏..‏ ولؤم الخداع يمرر  النفس والقلب حين يجيئنا ممن أخلصنا نحن لهم الود وطلبنا لهم الخير والسعادة‏,‏ فلا عجب إذن أن مرض أبيك بالقلب وارتفاع الضغط ورقد طريح الفراش في المستشفى‏.

 

ولا عجب أيضا في أن تكتشفي أنت بعد قليل أن زواجك ممن أحببت لم يحقق لك السعادة التي كنت تطمحين إليها‏,‏ لأنك قد حرمت في مقابل ذلك من أشياء بالغة الأهمية لا يعوضها اجتماع شمل المحبين إذا غابت عنهم‏,‏ وأولها فرحة الأبوين والأهل بك والتفافهم حولك يوم عرسك‏,‏ فضلا عن حبهم وحنانهم ودعمهم العاطفي والإنساني لك‏..‏ فنحن لا نسعد في المنفى ولا في النسيان‏,‏ كما قال بطل رواية سوء تفاهم للأديب الفرنسي ألبير كامي‏..‏ وقطيعة الأهل لنا نفي لوجودنا وسعادتنا وسلامنا النفسي‏,‏ ومحاولة نسيان الأهل وإخراجهم من حياتنا أو العيش بدونهم لا تحقق لنا في النهاية إلا الخراب النفسي والتعاسة الحقيقية والوحدة الداخلية مهما أحاط بنا من زحام الآخرين‏.‏

والسعادة التي تشوبها شوائب النبذ والنفي والإحساس بالذنب تجاه الأعزاء‏..‏ هي سعادة مسمومة مهما كانت طلاوتها الظاهرية‏,‏ ولقد قلنا مرارا إن الضمير قد لا يمنعنا أحيانا من ارتكاب الخطايا‏,‏ ولكنه يمنعنا دائما من الاستمتاع بثمار هذه الخطايا‏.‏
وحالك خير دليل علي ذلك‏,‏ فإن الضمير لم يمنعك من خذلانك لأبيك وخداعك له وخروجك علي طاعته‏,‏ لكنه يحول دونك الآن ودون الاستمتاع  بثمرة زواجك ممن تحبين‏,‏ وبحياتك الشخصية بعد الزواج‏.‏

والحق إنني لا أفهم كيف يحبك زوجك ويرضي لك في نفس الوقت بتعاسة الحرمان من رضاء أبيك وأمك وأسرتك؟‏..‏ أو كيف يحبك ثم يتقاعس عن تقديم هذه التضحية البسيطة لك فيسعى لاسترضاء أبيك بكل الحيل والوسائل‏,‏ وبنفس التصميم الذي نفذ به تحديه المعيب من قبل لأبيك‏,‏ ويصبر عليه حتى تصفو له نفسه ويتقبل اعتذاره ويستشعر صدق ندمه‏..‏ والحب الحقيقي وغير الأناني هو الحب الذي يعبر عن نفسه‏,‏ بالأفعال والتصرفات على طريقة سيدني كارتن بطل رواية قصة مدينتين لتشارلز ديكنز‏,‏ حين قال لفتاته‏:‏ إنني مستعد لأن أقدم حياتي لك ولمن تحبين وليس لها وحدها دونهم‏.‏ كما أنه مسئول أدبيا ودينيا وأخلاقيا عن قطيعة أهلك لك وحرمانك من رضاهم‏,‏ ومن واجبه أن يسعي لإصلاح ما أفسده عليك بإغرائك بالخروج على طاعة أبيك وإعانتك علي ذلك‏.


ولاشك في أن والدك‏,‏ سوف يصفح الصفح الجميل عنك وعنه إذا قدمتما له الترضية الكافية‏..‏ وشعر في قرارة نفسه بصدق ندمك وندم زوجك علي ما فعلتما‏..‏ وصدق رغبتك في نيل عفوه واستعادة مودته‏..‏ فالآباء والأمهات يا سيدتي قد يغضبون‏..‏ ويقاطعون‏..‏ ويعلنون باللسان موت من أغضبهم من الأبناء‏..‏ لكنهم أبدا لا يكرهون ولا يكفون عن التلهف الصامت المحسور في أعماقهم على اللحظة التي يجيء فيها الابن الضال أو الابنة الضالة فتقف بين أيديهم باكية ونادمة ومتمثلة بقول الشاعر العربي‏:‏

إن كان ذنبي كل ذنب فإنه
قد محا الذنب كل المحو من جاء تائبا

فلا تكتفي بإرسال الوسطاء لأبيك وإنما اذهبي بنفسك إليه أولا واسكبي عبرة الندم بين يديه‏,‏ وتحملي غضبه وعجزه المؤقت عن النسيان‏..‏ وكرري المحاولة مرة ثانية وثالثة إلى أن يرضي‏.‏
واصطحبي زوجك معك في الوقت الذي ترينه ملائما‏,‏ لكي يعتذر به ويعترف بجريمته في حقه ويؤكد استعداده لتقبل أي شيء يراه هو مرضيا له للصفح عنه وعنك‏,‏ ولقد يكتفي والدك بهذا الإعلان ويراه مضمدا لجراحه‏,‏ ورادا لكرامته‏,‏ وكافيا لإرضائه‏.‏ فإن الملك في العصور الوسطي كان يكتفي بلمس كتف الفارس الراكع أمامه معبرا له عن استعداده للتضحية بحياته من أجله‏,‏ بالسيف تأكيدا لهذا المعني‏,‏ ولم يكن يقطع رقبته به ليتأكد من صدق الولاء‏,‏ وكذلك سوف يفعل والدك بإذن الله‏..‏ إذ أن المهم لديه الآن أولا وقبل كل شيء هو أن يشعر بصدق ندمك وندم زوجك علي ما ارتكبتما في حقه‏,‏ وليس توقيع العقاب أو قطع الرقاب‏!‏

رابط رسالة الطعنة القاسية تعقيبا على هذه الرسالة

رابط رسالة الجناية العظمى تعقيبا على هذه الرسالة

·       نشرت في جريدة الأهرام "باب بريد الجمعة" عام 2001

راجعها وأعدها للنشر / نيفين علي


Neveen Ali
Neveen Ali
كل ما تقدمه يعود إليك فاملأ كأسك اليوم بما تريد أن تشربه غداً
تعليقات