شئ من الحكمة .. رسالة من بريد الجمعة عام 1986
وتلقيت أيضا
هذه الرسالة :
اكتب إليك عن
المشكلة القديمة الجديدة والتي ستتكرر دائما وتتسبب في مجموعة من المشاكل
الاجتماعية كان من الممكن تفاديها بشيء قليل من الحكمة.
فأنا يا سيدي صيدلي عمری ٣٤ سنة تزوجت منذ 5
سنوات من فتاة جامعية بعد قصة حب عنيفة وزوجتي هذه أحبها كما كنت أحبها في الماضي
وسأظل أحبها حتى ولو لم أجد حلا لمشكلتي لأنها وقفت بجانبي هي وأسرتها بكل مشاعر
الحب والإخلاص والوفاء حتى الآن .
ما هي المشكلة إذن ؟ المشكلة يا سيدي هي أن
زوجتي بعد أن تزوجنا واستقرت الحياة بنا بدأت تهمل نفسها ومظهرها وزاد هذا الإهمال
بعد الإنجاب الأول ووصل إلى درجة مخجلة بعد الإنجاب الثاني .. وهي الآن على مشارف الإنجاب
الثالث والذي أتصور أن تصل الأمور بعده إلى مرحلة حرجة وخطيرة.
وزوجتي هذه يا سيدي لا تعمل وإنما متفرغة للبيت
ورعاية الأولاد ورعايتي .. وأنا صيدلي اعمل طوال اليوم وفي منطقة مستوى الحياة
فيها مرتفع وأرى الكثيرات كل يوم وأتعامل معهن .. وعند عودتي للبيت احتاج إلى أن أرى
زوجتي الحبيبة كما كانت أيام الخطوبة حسنة المظهر والجمال .. وقد حاولت في البداية
أن ألفت نظرها على استحياء خوفا على مشاعرها فاستجابت لفترة قصيرة ثم عادت إلى
سابق عهدها .. ثم زادت من إهمالها لنفسها لدرجة جعلتني أتكلم معها بكل صراحة مؤكدا
لها ان الله لا يرضى بذلك وأن إهمالها لنفسها قد يؤدى إلى عزوفي عنها تماما وأن
هذا ليس في صالح حياتنا الزوجية .
وامتثلت للأمر
الفترة ثم عادت أيضا إلى سابق عهدها .. ولقد لاحظت بكل أسف أن كلامي معها قد بدا
يتدرج من لفت النظر إلى الكلام المباشر إلى التوبيخ والعنف حتى لقد أقسمت لها مرة أني
سوف أتزوج عليها إذا لم تغير من نفسها .. وبعد فترة حزنت لما قلته لها رغم أنه
تهديد فقط لأنه أحزنها جدا ... ولأن زوجتي هذه من الطيبة بحيث أجد نفسي بعد كل
نقاش عنيف معها نادما على ما قلته لها حتى لو كان الحق معي .. لكني يا سيدي أحيانا
تضيق بي الدنيا وأشعر أنني زوج بلا زوجة.
وأطلب من الله هدايتي وهدايتها وأطلب
منك توجيه نداء إلى كل زوجة تهمل مظهرها بعد الزواج معتمدة على الحب وحده لاستمرار
الحياة الزوجية، وستقرأ زوجتي بابك ولو لها اعتراض على كلامي أو لو اتضح أنني
المخطيء فسأدفع لبريد الأهرام قيمة عشر علب ماكياج من أجود الأنواع هدية لعشر
زوجات أهملن مظهرهن بعد الزواج كما فعلت زوجتي .. مع تحياتي .
ولكاتب هذه الرسالة أقول :
إني متفق معك يا سيدى فيما تطلبه من زوجتك ..
فمن واجب الزوجة ألا تهمل مظهرها بعد الزواج اطمئنانا إلى أنها قد وصلت بعد الزواج
إلى بر الأمان .. ومن واجبها أيضا أن تعتني بنفسها دائما مهما كانت إمكانياتها وفي
حدود هذه الإمكانيات .. ليس فقط رعاية لنفسها قبل غيرها وإنما أيضا سدا لأبواب
الفتنة .. أقصد فتنة زوجها بغيرها ... وهذا احتمال وارد خاصة في مثل ظروفك
الميسورة إذا عادت في إهمالها لنفسها .. لذلك جاء في الحديث الشريف إن من صفات
الزوجة الفاضلة أنه إذا نظر إليها زوجها سرته .. أي سرته بزينتها وجمالها ونظافتها
وعنايتها بنفسها في حدود المقبول والمعقول .
وآسف یا صدیقی لأني غير قادر على الاستطراد أكثر
من ذلك .. فلقد نشرت رسالتك استجابة لرجائك لكنه من سوء حظك أني كنت قد قرأت
رسالتك بعد أن قرأت ورددت على هذه الرسالة المنشورة إلى جوارها "رسالة خاطر
في النهار" .. فلم أعد قادرا على معايشة مشكلتك معايشة كاملة تدفع قلمي إلى
التدفق والاستطراد .. فبعض الهموم يا صديقي تصبح في بعض الأحيان "ترفا" إذا
قورنت بهموم الآخرين ، ومن سوء حظي أني لا استطيع أن أكتب إلا ما أحس به ولقد توقف
إحساسي بمشكلتك رغم اقتناعي برأيك عند هذا الحد فتوقف معه قلمي .. وصدقني إذا قلت
لك أني لم أتعمد نشر رسالتك هذه مع الرسالة الأخرى المجاورة لأقول لك شيئا محددا
من وراء ذلك .. لكنها مجرد مصادفة .. ومع ذلك فلقد جاءت مصادفة مفيدة قد تنوب عني
في استعمال ردي على رسالتك .. فعذرا وشكراً والسلام.
· نشرت في جريدة الأهرام "باب بريد الجمعة" عام 1986
راجعها وأعدها للنشر / نيفين علي
برجاء عدم النسخ احتراما لمجهود فريق العمل في المدونة وكل من ينسخ يعرض صفحته للحذف بموجب حقوق النشر