الخيوط المقطوعة .. رسالة من بريد الجمعة عام 1998

 

الخيوط المقطوعة .. رسالة من بريد الجمعة عام 1998

الخيوط المقطوعة .. رسالة من بريد الجمعة عام 1998


حين تأتى النهاية يحسن بنا رفقا بأنفسنا ألا نطيل آلام النزاع لنخفف من عذابنا بها.

عبد الوهاب مطاوع



أنا سيدة في الثلاثينات من عمري، نشأت في أسرة متراحمة ومترابطة، وكان أبي مهندسا معماريا كبيرا، ترقى في المنصب حتى أصبح رئيسا لشركة كبرى، وكانت أمي ومازالت أطال الله عمرها الأم الرءوم لأبنائها، وقد تلقيت تعليمي منذ الطفولة في مدارس غیر مختلطة، وانتقلت منها إلى كلية البنات، وتخرجت وعملت كمعيدة بها .. ولأن أبي كان محافظا بطبعه، کما أنني أمضيت مرحلة الدراسة الجامعية في كلية للبنات، فلقد كان اختلاطی بالشبان في أضيق الحدود، وكانت دائرة علاقاتي الاجتماعية محدودة للغاية، ولهذا لم يتقدم للارتباط بی سوى بعض الأقارب من أفراد هذه الدائرة الضيقة، لكني كنت أحلم بالخروج من أسوارها فتطلعت للارتباط بشخص من خارجها، والتقيت بالفعل عند إحدى صديقاتي بصديقة لها ومعها أخوها، وتبادلنا حديث الغرباء الذين يلتقون لأول مرة، وبعد أيام أبلغتني صديقتي بإعجاب هذا الشاب بي، ورغبته في التقدم لخطبتي وكان هو قد استلفت نظري بالفعل، ربما بجرأته في الحديث وأنا التي تميل بطبعها للخجل، وربما بخفة ظله وظروفه العائلية والاجتماعية المناسبة، وبعد أيام جاء لزيارتنا مع أخته وتمت الخطبة وتزوجنا بعد ذلك بثلاثة شهور فقط، وكان زوجي يملك شقة كبيرة في الحي نفسه الذي نقيم فيه، كما كان أبي الذي رحل عن الحياة فجأة قبلها بشهور يرحمه الله قد ترك لكل منا مبلغا معقولا من المال فاستطعت أن أجهز به هذه الشقة خلال فترة قصيرة.

 

وبعد شهور من زواجنا حملت وأنجبت طفلتي الوحيدة فأصبحت منذ اليوم الأول لمولدها هي كل حياتي وخففت عني بعض معاناتي من تغير شخصية زوجي بعد الزواج وفتوره تجاهي وعصبيته الشديدة التي أثارت العديد من الخلافات بيننا، فضلا عن افتقادی للانسجام العاطفي ما بعد الزواج، وبسبب هذه الظروف كلها قررت ألا أنجب منه مرة أخرى، وتعللت في ذلك بانشغالي بالإعداد لرسالة الماجستير وتشاغلت عن إشجاني برعاية ابنتي والاهتمام بها، وجعلت منها محورا لحياتي اخرج معها واشترى لها ما تحب، واهتم بتربيتها ونظافتها وملابسها وتعليمها حتى أصبحت موضع فخري واعتزازي، ثم شاءت الأقدار الحزينة أن تمتحن هذه الزهرة البريئة بالمرض اللعين وهي في السادسة من عمرها فإذا بها تذبل ويشحب لونها وتعاني من العذاب ما لا يطيق الرجال، ودمرني مرضها تدميرا، وسافرنا إلى بلد أجنبي لعلاجها ورجعنا بعد أن تحسنت حالتها كثيرا، فادت امتحانها ونجحت بتفوق في كل المواد رغم غيابها الطويل عن المدرسة، وكنت خلال هذه الفترة قد حصلت على الماجستير ورشحت للسفر إلى دولة أوربية للحصول على الدكتوراه من إحدى جامعاتها، فوجدتها فرصة للهروب من كل شيء، ولمواصلة علاج ابنتی فاصطحبتها معي وسافرت إلى هذه الدولة، وعملت بجانب دراستي لأوفر لها متطلبات الحياة والعلاج في أصعب الظروف، لكن زهرتي البريئة راحت تذبل للأسف يوما بعد يوم، وجاء أبوها لزيارتنا وقضاء بعض الوقت معنا، فلم يمض أكثر من شهر ونصف الشهر على وصوله حتى كان الله قد استرد ودیعته الغالية، ورجعنا بها إلى مصر، وأنا لا اشعر بنفسي ولا بمن حولي، وكلما اشتد علي الحزن القاتل التمست بعض العزاء في أنها قد استراحت من الألم والعذاب، بل وأيضا من نظرات الناس التي لا ترحم، والتي كانت تتوقف رغما عنها عند هزالها الشديد وشحوبها المؤلم في المرحلة الأخيرة.

 

 ومكثت في مصر فترة قصيرة كنت ازور خلالها مثوی ابنتي الحبيبة كثيرا وأتعجب لنفسي كيف مازلت على قيد الحياة رغم رحيلها، لكني على أي حال إنسانة مؤمنة واسلم بقضاء الله وقدره .. وقد رجعت إلى الدولة الأجنبية لاستأنف الإعداد لرسالة الدكتوراه وانشغل بها عن همومي وكلما سمحت لي الظروف رجعت إلى مصر لزيارة قبر ابنتي ولمحاولة الاقتراب من زوجي الذي أشفقت عليه من صدمة فقد ابنته التي كانت تحبه وكان يحبها من أعماقه، ولكن محاولات الاقتراب منه، وتجاوز الفجوة العميقة التي حدثت بيننا ذهبت أدراج الرياح وحدث ذلك أيضا حين جاء هو إلى البلد الأجنبي الذي أعيش فيه لزيارتي وقضاء شهر معي.

 

وفي إحدى زياراتي لمصر وقع بيننا خلاف كبير كالعادة، فصارحت شقيقة زوجي لأول مرة بأن كل الخيوط التي كانت تربطني بأخيها قد انقطعت الآن بعد رحيل ابنتي، وإننا عاجزان تماما عن التفاهم والاستمرار ولا تهدأ المشاكل بيننا، وأنه مادام الأمر كذلك فلا داعي لاستمرار هذه العلاقة الغريبة، وخاصة أنه ليس بيننا ما بين الأزواج والزوجات من علاقات طبيعية، فإذا بشقيقته تجيبني بأن معظم الأزواج والزوجات يعيشون حياتهم على هذا النحو، وأنه لا داعي للانفصال لمثل هذا السبب .

أما زوجي فلقد كان رأيه هو أنني قد فقدت عقلي نهائيا بعد وفاة ابنتي وأنه سوف يصبر علي حتى استرد رشدي .. ولست أنكر أنني حزينة على رحيل ابنتي، وأظن أنني سأظل كذلك إلى نهاية العمر لكني على الناحية الأخرى إنسانة متزنة وراشدة ومدرسة جامعية ولا اتخذ قراراتي لأسباب انفعالية، ولهذا فقد تمسكت بطلب الطلاق، وكنت أتوقع أن يستجيب زوجي في هدوء لطلبي إكراما لما كان بيننا من صلة وأحزان مشتركة، لكن عاملا جديدا تدخل في الموقف وحال بيني وبين تحقيق هذا المطلب.

 فلقد رشح زوجي من جهة عمله لمهمة خارجية في نفس البلد الأجنبي الذي أدرس به لمدة عامين ومن شروط من يخرج في هذه المهمة أن يكون متزوجا وله حياة عائلية مستقرة تسمح له بتبادل الزيارات العائلية مع الدبلوماسيين واستقبال الضيوف في بيت الزوجية .. الخ، وكان معنی طلاقه لي في هذه الفترة هو أن يفتقد هذا الشرط وتضيع عليه هذه البعثة، فهاج زوجي وماج واتهمني بالرغبة في تحطيم مستقبله وتدخل الوسطاء بيننا وأقنعوني بتأجيل الانفصال إلى ما بعد انتهاء مهمته الخارجية، ومع وعد أكيد منه بأنه لن يقف ضد رغبتي بعد انتهائها وعودته إلى مصر، وطلبت منه وعدا صريحا بذلك فاقسم لي على ذلك وطلب مني أن أثق في وفائه لوعده، كرجل يحترم كلمته .

 

ورجعت معه إلى البلد الأوربي، ومضى العامان بحلوهما ومرهما ورجع زوجي إلى مصر وأنا لم انته بعد من رسالة الدكتوراه .

وانتظرت أن يفي زوجي بعهده لي بالطلاق الودي بلا مشاكل ولا قضايا فلم يف للأسف بوعده ومضي عامان طويلان آخران وهو يرفض ويتعلل بالأسباب، مع أني أقيم في البلد الأوربي وهو يقيم في مصر ولا أعرف عنه شيئا، ولا يبلغني من أخباره إلا القليل وعن طريق الأصدقاء.



ولكاتبة هذه الرسالة أقول :

أفعل يا سيدتي ليس من أجلك وحدك، وإنما من أجله هو أيضا .. فالحق أن استمرار هذا الوضع المعلق بينكما لا يسيء إليك وحدك وإنما يسيء إليه هو أيضا، وإلى رجولته ونخوته وقيمه، ولست أحسبه يرضى لنفسه مهما كان تاريخ كل منكما مع الآخر .. وأيا كان الظالم والمظلوم منكما، بأن يحبس سيدة مثلك على ذمته منذ عامين وهي تعيش في مجتمع غربي بعيدة عنه، وهو يعيش بعيدا عنها في بلد آخر، وقد تقطعت كل الخيوط التي كانت تجمعهما ولم يعد هناك أمل في رأب الصدع بينهما، ورغم ذلك فمازال يرفض طلاقها بغير سبب سوى أن يعضلها ويكيد لها ويحرمها من حقها المشروع في أن تسترد حريتها ممن لا ترغب في مواصلة الحياة معه، وكل ذلك ليس من الدين ولا من القيم الأخلاقية ولا من الكرامة الشخصية في شيء، فالدين الحنيف الذي لم يكره شيئا مباحا كما كره الطلاق قد شرع للزوجة، إذا أمسكها زوجها وهي كارهة للحياة معه، ودون إيذاء منه لها أو إضرار بها أن تقدم لزوجها ما تفتدي به نفسها منه، فيما يعرف في لسان الفقه بالخلع، وهذا الافتداء ليس بالضرورة مالا تقدمه الزوجة لزوجها لتحصل به على حريتها، وإنما يكفي أيضا أن يكون تنازلا عما لها عليه من حقوق مادية قد تعدل ما تكلفه في زواجها أو أكثر، ومصداقا لذلك جاء في التنزيل الحكيم .. فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به ، تلك حدود الله فلا تعتدوها "البقرة : ۲۲۹" .

 

أما إذا ضيق عليها زوجها ودفعها بظلمه لها وإضراره بها إلى طلب الطلاق وافتداء نفسها منه بمال تؤدية إليه كارهة، فإنه يكون بذلك برأي الإمام الأكبر الراحل الشيخ محمود شلتوت معتديا على مالها، والرأي عنده في مثل هذه الحالة هو إنفاذ الطلاق إنقاذا لها من الضرر ووجوب رد الزوج للمال الذي اكرهها على دفعه ثمنا للطلاق .

هذا من ناحية الدين، أما من ناحية القيم الأخلاقية والكرامة الشخصية فليس مما يشرف أحد أن يمسك عليه زوجة كارهة لا ترغب في استمرار الحياة معه وتتوسل إليه بكل الوسائل لکي يطلق سراحها ويسرحها بإحسان أو بغير إحسان، فإذا ظن الرجل إنه إنما يعضلها بذلك ليثأر لكرامته الشخصية منها، فلقد طاشت سهامه في ذلك أيضا، لأنه بتعنته معها في هذا الشأن، وتعليقه لها بلا طلاق لسنوات عدة إنما يكاد يحرضها بطريق غير مباشر على الوقوع في الخطيئة فإن أصابت إثما في هذه الفترة فعليه بعض إثمها وعلى كرامته ونخوته كل اللوم ومعظم العار، فأي كرامة شخصية ينتقم لها إذن مثل هذا الزوج في هذه الحالة وقد أعان هو زوجته بتعنته معها على أن تطعنه في صميمها ؟

 

يا سيدي إنني اقدر ظروفك الإنسانية المؤلمة بعد أن ثكلت طفلتك الوحيدة .. وأدرك جيدا أن ما أصاب زوجتك من شرخ نفسي غائر في محنة فقدها، قد أصابك شرخ مثله أو أعمق غورا، لكني لا أرى لك رغم كل ذلك أن تتمسك بزوجة كارهة لا ترغب في أن تحمل اسمك مهما كانت أسبابك لذلك أو دوافعك، بل إنه حتى لو كانت نيتك في ذلك طيبة ودوافعك للتمسك بها غير انتقامية وكنت تأمل حتى الآن في أن تسترد نفسها بعد أن تتجاوز محنة فقد طفلتها وتواصل الحياة معك، فليس التمسك بعدم طلاقها هو الطريق السليم إلى ذلك، فلقد قال أحد السياسيين الدهاة ذات يوم، ليس من الحكمة أن نضيع الوقت في محاولة إثبات حسن نيتنا تجاه من يضمر لنا سوء النية، لأنه لن يقتنع بذلك ولأننا لن نجني من وراء ذلك تغييره أو إقناعه بما نريد له أن يقتنع به، وإنما الأجدر بنا هو أن نتحرك من هذه النقطة التي قد نتجمد عندها إلى نقطة أخرى نقول له فيها: ماذا تريد .. وماذا ستقدم مقابل ما تريد .. وهذا هو ما أنصحك به أيضا يا سيدي ، والطلاق في النهاية وقف مؤقت للحياة الزوجية وليس وقفا أبديا لها، ومن الممكن دائما استئنافها في أي مرحلة من العمر بعد أن تزول سحب الخلاف وتذوب المرارات القديمة من النفوس، وحتى لو لم يكن هناك أي أمل في استئنافها في المستقبل فماذا يعيب الإنسان في أن تفترق السبل بينه وبين إنسانة عاشرها بضع سنوات ثم استحالت العشرة بينه وبينها ؟

 

إن من لا نصلح له نحن قد نصلح لغيره، وفي الحياة دائما من قد يسعد بنا ويشعرنا بما حرمنا منه من حب وعطف وتقدير لدى الآخرين، والانفصال على أية حال بين زوجين لا تربط بينهما روابط الأبناء الأبدية والحرص المشترك على سعادتهم لا ينتقص من كرامة الرجل إذا طلبته زوجته، ولا ينقص من جدارة المرأة إذا أقدم عليه الرجل من جانبه، ولا يعني في النهاية شيئا سوى أن كلا منهما لم يجد سعادته مع الآخر، ومن حقه أن يطوي هذه الصفحة المريرة من حياته ويبدأ صفحة أخرى يرجو أن تكون سعيدة ، وما تفعله أنت الآن يا سيدي لن يثمر شيئا سوى تأخير طي هذه الصفحة المريرة لسنوات ثمينة لا تخسرها زوجتك وحدها، وإنما تخسرها أنت أيضا معها .

فحين تأتى النهاية يحسن بنا رفقا بأنفسنا ألا نطيل آلام النزاع لنخفف من عذابنا بها، وإذا كنت تتوهم أنك تكيد لزوجتك بألا تطلقها إلا بعد سنوات طويلة يذوي خلالها شبابها فلا يرغب فيها من بعدك أحد، فالحق أنك تكيد لنفسك مثل ذلك وأكثر، إذ كيف سوف تتفتح مشاعرك لامرأة أخرى وصدرك مشغول بالرغبة في الانتقام من أخرى، وأين هي السيدة الكريمة التي تقبل الارتباط برجل يحبس زوجة أخرى على ذمته سنين عددا كيدا لها وانتقاما منها ؟

 

وأية صورة بشعة يقدم بها نفسه لمثل هذه السيدة وما يفعله سوف يثير شكوكها في عدله ورحمته ونخوته وقيمه الأخلاقية ؟

إنني على ثقة من أنك في أعماقك أفضل كثيرا مما تقدم به الآن نفسك للآخرين بهذا الموقف المتعنت من زوجتك، لكنه العناد قرين الجنون الذي يخرج من الإنسان أسوا ما فيه ويطمس فضائله وأخلاقياته، فسو أمورك المادية مع زوجتك بالعدل والإحسان يا سيدي، وأطلق سراحها، وثق من أنك حين تفعل ذلك فإنك لا تخسر شيئا سوى تعاستك بهذه الزيجة غير الموفقة وما يرتبط بها من ذكريات أليمة .

 

ويكفيك .. ويكفي زوجتك معك ما تجرعتماه من آلام الثكل المريرة وإذا كنت تبحث عن سبب يقابله عقلك لطلب زوجتك للطلاق وتمسكها به طوال الأعوام الماضية، فيكفي أن أقول لك إن محنة الثكل في حد ذاتها قد تكفي وحدها لشرخ العلاقة الزوجية بين زوجين متحابين شرخا يتطلب في بعض الأحيان بضع سنوات لإعادة رأبه، وذلك إذا لام أحدهما في عقله الباطن الآخر عن بعض المسئولية عما شهدته حياتهما من آلام، فما بالك بزوجين لم تنبت بذور الحب ثمارها بينهما، ثم فقدا معا الشيء الوحيد المشترك بينهما ؟

إن التمسك بالطلاق هنا قد يكون في بعض أسبابه رغبة نفسية قاهرة من جانب زوجتك في طي هذه الصفحة الحزينة من حياتها بكل رموزها ، وقد تكون له أسباب أخرى تتعلق بالعشرة بين الزوجين، لكن هذا الدافع النفسي الباطني يفجرها لها دفعة واحدة ويضخم منها إلى حد تستحيل معه العشرة بالفعل في بعض الأحيان، فلا تظلم نفسك وزوجتك بالإصرار على استمرار هذا الوضع المعلق بينكما والمعذب لكليكما معا، وابدأ حياتك من جديد مع أخرى تعوضك عما عانيت، ولا تبدد هبة العمر الثمينة في النزاع والشقاق والمكايدة بلا طائل في النهاية سوى الخسائر النفسية والصحية للكائد والمكيد له، وليغفر الله لك ولها ما كان من أمركما معا، وليعوضكما خيرا عن طفلتكما الراحلة وعما ضاع من العمر في التعاسة والعناء .

 ·       نشرت في جريدة الأهرام "باب بريد الجمعة" عام 1998

راجعها وأعدها للنشر / نيفين علي


Neveen Ali
Neveen Ali
كل ما تقدمه يعود إليك فاملأ كأسك اليوم بما تريد أن تشربه غداً
تعليقات