رسالة ممنوعة .. رسالة من بريد الجمعة عام 1991
بعض الناس قد تصدق عليهم مقولة عالم النفس
سيجموند فرويد التي يقول فيها : "إن تصرفات البشر تصدر عن قاعدتين هما
الغريزة الجنسية .. والرغبة في العظمة !"
وهؤلاء
يعيشون حياتهم بلا قيود ولا حدود كأنهم وثنيون من غزاة الشمال لن يواجهوا موتًا
ولن يبعثوا منه ولن يلقوا حسابًا ولا عقابًا على ما فعلوه بحياتهم وحياة الآخرين !
عبد الوهاب مطاوع
أكتب إليك يا
سيدي من مدينة ساحلية لأتحدث إليك عن سيدة من النوع الذي لا تحبه من النساء لكن لا
مفر من أن أحدثك عنها لأنها سبب مأساتي .. والمؤسف أني سوف أحدثك في رسالتي عن أمي
وليس عن أي سيدة أخرى !
فأنا سيدة شابة
متزوجة من شاب طيب من أسرة طيبة ويشغل مركزًا مرموقًا ولي منه طفلة صغيرة جميلة
ومأساتي التي بدأت منذ طفولتي تكمن في جمال والدتي وأناقتها .. فلقد كان لها
دائمًا سطوة كبيرة على كل العاملين معها بل وعلى من تقع عينه عليها .. وقد جئت أنا
وأختي الصغيرة إلى الحياة لأن أمي الجميلة الطاغية هذه أحبت أبي صاحب المركز
الكبير في مدينتنا مع أنه كان متزوجًا وأبًا لخمسة أبناء وتزوجته وأنجبتنا ثم
ملَّته بعد قليل فطلبت منه الطلاق وعادت بنا إلى بيت جدي ، وانطلقت بكل معنى
الكلمة .. حتى عثرت على شخص آخر ذي مركز مرموق في بلد مجاور وتزوجته وأصبحت تسافر
إليه في بلدته في نهاية كل أسبوع ، وتتركنا طفلتين في رعاية زوجة خالي المشغولة
ببيتها ، حتى سقطت شقيقتي الوحيدة ذات مرة من النافذة وماتت أبشع ميتة رحمها الله
بسبب انشغالها بنفسها وجمالها عنا .
وبعد هذا الحادث الأليم أشارت على زوجها أن يؤجر
شقة في مدينتنا لكي يلتقيا فيها بدلاً من أن تسافر إليه كل أسبوع ، ففعل واستمرت
حياتهما الزوجية فترة ثم ملته هو الآخر وتخلصت منه بالطلاق وبعد طلاقها مباشرة
ركزت بطاريات جاذبيتها على مديرها فتزوجته سرًا رغم أنه متزوج وله أبناء في مدينة
أخرى .. وبعد فترة نقل من مدينتنا إلى بلده حيث تعيش أسرته ، وأصبح يحضر إليها ،
مرة أو مرتين كل شهر ثم ملته هو الآخر وطلبت منه الطلاق لكنه رفض طلاقها ولعله كان
أول من استطاع الصمود لرغبة من رغباتها فلم تبدد حياتها في المشاحنات لتحصل على
الطلاق .. وإنما عادت لرقتها وليونتها معه وعاملته أفضل معاملة حتى تيقن تمامًا أن
طلبها الطلاق كان نزوة عارضة وانتهت وكانت أسرته تقضي الصيف كل سنة في مدينتنا
الساحلية فانتظرت أمي في صبر حتى جاءت أسرته إلى المصيف .. وبهدوء القاتل المحترف
دبرت أن تفاجئهما زوجته "التي لا تعرف بالزواج" معًا ، وتمت المكيدة بكل
إحكام وكان لها وقع الكارثة على الزوجة والأبناء فاضطر زوجها تحت وطأة الفضيحة
والاضطراب إلى طلاق أمي ، وعادت الزوجة مع أبنائها من المصيف ، فلم يمضِ عليها وقت
طويل حتى لقيت وجه ربها متأثرة بأحزانها أما أمي فلم تهتز لها شعرة واحدة في رأسها
الجميل وحصلت على وثيقة طلاقها وأصبحت تحتفظ بها في حقيبة يدها دائمًا . وانطلقت
في الحياة في حماية هذه الوثيقة !
وبعد فترة أخرى
عاد مطلقها الذي أصبح أرمل بعد مأساة وفاة زوجته وأم أبنائه ، فتزوجته سرًا ودون
علم أهلها بمهر كبير ومؤخر صداق أكبر والأدهى من ذلك أنها تزوجته بوثيقة طلاقه
منها واحتفظت هي في حقيبة يدها بوثيقة طلاقها الأول منه ، واشترطت عليه أن يلتقيا
في شقق بعض أهله في مدينتنا وألا تذهب إليه في بلدته ، واستمر الحال هكذا حتى مرض
الرجل ولزم بيته ولم يعد يراها وطلب منها أبناؤه أن تذهب لتعيش معه وترعاه في مرضه
فأبت أن تفعل ذلك وبقيت في مدينتنا تنتظر موته لترثه ، وقد قاربت الآن الستين من
عمرها لكن جمالها وأناقتها يزدادان إشراقًا وخطرًا كشيطان جميل .. بل لعلها ازدادت
أنوثة ودلالاً وشخصيتها مازالت طاغية على الجميع ما عدا من تقرر أن تسيطر عليه
فإنها تلين وتتدلل له حتى تشعره بأنه أعظم رجل في العالم فيخر ساجدًا أمامها !
ولكاتبة هذه الرسالة أقول :
لقد وضعت
رسالتك هذه بعد قراءتها في ملف الرسائل الممنوعة وهو ملف أحتفظ فيه ببعض الرسائل
التي أحجبها عن النشر لاحتوائها على بعض ما يخدش الحياء العام ، أو بعض ما أخشى من
تأثيره السلبي على الأخلاق خاصة أخلاقيات النشء ، أو بعض ما أراه يدخل في باب
تبرير أو تجميل الخطيئة بالمبررات الواهية مما قد يغري آخرين بتكرارها أو يبرر
للبعض الآخر الاستمرار في خطيئته حين يقرأ عن " زملاء " له في ضعفه
البشري والمرء يرضيه دائمًا أن يحس بأنه ليس الخاطئ الوحيد في العالم .
لكني وجدت نفسي
بعد قليل أمد يدي إليها مرة أخرى وأسأل نفسي كيف أستطيع أن أعينها على أمرها بكلمة
قد تخفف عنها بعض همومها إن لم أنشر الرسالة ؟ أوليس من الممكن أن يتحقق احتمال
الواحد في المليون فترتكب فعلاً ما تندم عليه بعد ذلك ؟ ثم كيف نعرف نحن الحياة
بكل وجوهها إن لم نعرف وجوه الشر لنتجنبها . ووجوه الخير لنتبع خطاها ونحاول أن
نتأسى بها بل وكيف نعرف للفضليات فضلهن إن لم نضعهن موضع المقارنة مع غيرهن لنزداد
إكبارًا لهن والأشياء تعرف أحيانًا بأضدادها لقد روى لنا القرآن الكريم بلا حرج
ولنفس العبرة من امرأتي نوح ولوط وقد كانتا تحت نبيين وعبدين صالحين فخانتاهما في
العقيدة وحقَّ عليهما العقاب ، وروى لنا على الجانب الآخر عن الفضليات من أمهات
المؤمنين ومريم ابنة عمران وامرأة فرعون الصالحة . فإذا كان الأمر كذلك فلأنشر
الرسالة ولأقل لك يا سيدتي افعلي كل ما ترينه في صالحك لإنقاذ زوجك من براثن هذه
السيدة التي لا أسميها بغير ذلك تنزيهًا لرمز الأم النبيل أن يُقرن بها ما عدا
التفكير في أي عمل غير مشروع شرعًا وقانونًا ولا يؤذي في النهاية إلاكِ ولن يضر
ضررًا بليغًا إلا بطفلتكِ البريئة .. افعلي كل ما تشائين وقاتلي بكل سلاح في يدك
لإبعاد هذه "السيدة" عن حياتك وزوجك وسعادتك ، واجهيها بكل ضراوة وبلا
أية مواربة فهي لن تفزع من لومك ولن تضطرب وهي من لا تهتز شعرة في رأسها الجميل
لوفاة ضحية من ضحاياها .. من عجب أن زيجاتها الثلاث كان لها ضحايا باستمرار هم
زوجات وأبناء أزواجها ، إذًا فالعبي معها "المباراة" على المكشوف فليس
ثمة ما يبرر التجمل أو الاستيحاء وأوراقها كانت دائمًا علنية ومكشوفة فربما تحرك
المواجهة ما بقي لها مما يربطها بجنس البشر فتعفيكِ من سمومها ثم استعيني إن فشلت
المواجهة بكل أهلك عليها وهم أكثر الناس دراية بها وطالبيها بصرامة بالامتناع عن
زيارتك والامتناع عن الاتصال بزوجك وطالبي أهلك بمساندتك في ذلك وواجهي زوجك لكن مع
الحكمة والاحتفاظ معه بشعرة معاوية وبصِّريه بحقيقة الخطر الذي يتهدده والإثم الذي
ينحدر إليه خاصة أنه حتى لو أراد زواجها بعد طلاقك فإنها لا تحل له شرعًا لأنها من
المحارم بالنسبة له بعد أن تزوج ابنتها ودخل بها ، ولا بأس إذا اقتضت الضرورة
القاسية بأن تصارحيه ببعض ما لا يعرفه عنها رغم إيلام ذلك لك ومنافاته لكل الطبائع
الإنسانية .. لكن ماذا نقول والوضع كله لا إنساني وأنت في حالة دفاع عن النفس ضد
خطر داهم يبيح اللجوء للمحظورات . وجربي معها كل الوسائل حتى ولو اضطررت في
النهاية إلى الاتصال بزوجها وإقناعه بأن يحاول إغراءها بكل الوسائل لتعيش معه
بعيدًا عنك بدعوى أن ذلك في صالحه وصالحها .. افعلي كل ما تفعلينه إذا دافعت عن
زوجك ضد عدوان غازية غريبة عنك ولا تربطك بها صلة دم ، فالحق أنه لا تربطك بها هذه
الصلة المقدسة منذ استباحت لنفسها أن تهدرها بيديها .. وافصلي ما بينها وبين حياتك
ثم ادعي لها ربك في النهاية بالهداية .
فالجمال لا يدوم وإن طال أمده ، وهو وحده بغير
جمال الروح والأخلاقيات لا قيمة له لكن بعض الناس قد تصدق عليهم مقولة عالم النفس
سيجموند فرويد التي يقول فيها : "إن تصرفات البشر تصدر عن قاعدتين هما
الغريزة الجنسية .. والرغبة في العظمة !"
وهؤلاء يعيشون
حياتهم بلا قيود ولا حدود كأنهم وثنيون من غزاة الشمال لن يواجهوا موتًا ولن
يبعثوا منه ولن يلقوا حسابًا ولا عقابًا على ما فعلوه بحياتهم وحياة الآخرين !
أما الليونة والنعومة والجاذبية التي تتحدثين عنها فلا غرابة فيها إذ هل هناك ما هو أكثر ليونة وجاذبية ونعومة ملمس .. من جلد الحية الرقطاء ؟
تعقيب القراء على رسالة ممنوعة
القارئ كمال محمد سنوسي والقارئ
رشاد محمد أحمد : خيانة إمرأتي نوح ولوط لهما كما هو معروف خيانة في العقيدة
وبإفشاء الأسرار وقد استخدمت في إشارتي إليهما نص التعبير القرآني عنهما فقلت
أنهما "كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما"
والخيانة الدينية لا تقل إثما
وشناعة إن لم تزد عن الخيانة الزوجية , وأعتقد أن هذا واضح لكني أستجيب لطلبكما
إحتراما لرأيكما .
وللقارئ الأستاذ كمال سنوسي
أقول : إني قصدت بعبارتي الانفعالية "قاتليها بكل سلاح لإبعادها عن زوجك
" كل سلاح مشروع بالطبع .. والهدف هو إبعادها عن التفكير في إرتكاب جريمة
تندم عليها ويدفع أطفالها الأبرياء ثمنها في المستقبل .. ولربما جاريتها في
الانفعال لكي أقنعها بعدم الإقدام على ما فكرت فيه .
وللقارئة السيدة سلوى محمود
أقول : أني قد ذكرت مرارا أني أبدي رأيي في مشاكل القراء في ضوء ما يعرضونه علىّ من
وقائع .. وبالتالي فإن أي وقائع يتوهمها كاتب أو كاتبة رسالة يتحمل هو مسئوليتها
أمام ضميره , ولقد تحسست في بداية تعليقي على الرسالة الممنوعة فقلت أن رمز الأم
النبيل اسمى من أن تمسه هذه القصة الشاذة , لأن الاستثناء النادر من القاعدة لا
يبطل القاعدة نفسها ولا يخدش قدسيتها ولست أميل للموافقة على رأيك في إحتمال أن
تكون كاتبة الرسالة معقدة من أمها وتحس تجاهها بالغيرة لأنها أجمل منها كما تقولين
أو لأنها تعتبرها مسئولة عن موت شقيقتها في سن الطفولة لانصرافها عنهما بحياتهما
الخاصة وأن ذلك قد يدفعها لتوهم أشياء قد تبدو صحيحة في علاقتها بزوجها , وأسبابي
في ذلك أن ابنة ما مهما بلغت من تعقيدها من أمها وحتى لو توهمت بعض الأشياء غير
الصحيحة بدافع الغيرة وإحساسها بخطر جاذبية أمها .. فإنها لا تبادر إلى طرح
مشكلتها معها بهذا الشكل إلا إذا كانت قد خرجت نهائيا من مرحلة الشك والتوهم إلى
ما هو أبعد من ذلك وإلا إذا كانت قد فقدت كل قدرة لها على إحتمال الموقف والتعامل
معه بهدوء وعموما فلقد حذفت من الرسالة ما لم أحتمل نشره ولا أريد أ أشير إليه
وأعتقد استنادا إلى رسالتها أن هناك ما يجعل لمعاناتها أساسا كبيرا من الواقع ,
أما إشفاقك عليها من الحرج إذا ما صارحت زوجها ببعض الحقائق عن أمها ثم تبين لها
فيما بعد أنها كانت واهمة فيها فهو إحساس نبيل لكني أعتقد أن الزوج ليس غائبا
تماما عن الحقائق , وإن غاب عنها في الماضي فحاله الآن معها خير دليل على صحتها
والإنسان كما قلت مرارا تاريخ وليس موقفا عابرا , وشكرا لك .
وللقارئ الفاضل الذي طلب عدم
نشر اسمه ح . م . ج أقول إني يا سيدي في عجب من قولك إنك تظن أن زوج الابنه وأمها
يجهلان حكم الشرع في أمرهما ويعتقدان أن بإستطاعتهما الزواج بعد طلاق الابنة مع أن
أمها محرمة عليه كحرمة أمه سواء قبل طلاق الابنة أو بعد طلاقها , لكني أحترم رأيك
وتجربتك في الدعوة التي أكدت لك أن كثيرين يجهلون بالفعل محارمهم ويحتاجون إلى من
يذكرهم بها وأستجيب لرغبتك في توضيح ما ظننته واضحا وهو أن أم الزوجة محرمة على
زوجها بمجرد عقد قران الابنة حتى ولو طلقها زوجها قبل الدخول , فما بالنا وقد دخل
بها وأنجب منها .. وذلك على عكس الربيبة التى لا تحرم إلا بعد الدخول بالأم كما
أذكر أيضا من لا يعرف وكما تطلب مني بحديث البراء بن عازب عندما لقي عمه الحارث بن
عميرة فسأله : أين بعثك رسول الله فأجابه بعثني إلى رجل تزوج إمرأة أبيه فأمرني أن أدق عنقه " وذلك للتذكير
أيضا بأن إمرأة الأب محرمة على الابن كحرمة الأم على ابنها .
ولو طلقها الأب أو مات عنها ..
وأرجو أن أكون قد أديت الأمانة وأشكرك على كلماتك المشجعة الطيبة , وأشكر كل
القراء الأفاضل الذين علقوا على هذه الرسالة بدافع الرغبة في تنوير الآخرين
وحمايتهم من الزلل وإضافة الجديد إلى معارفهم.
وللقارئة الفاضلة التي ترجوني
أن أنشر الآية الكريمة من سورة النساء التي تتحدث عن المحارم لعل زوجها هو الآخر
"يتذكر" فإني أستجيب طائعا وأنشرها وهى الأية 23 : بسم الله الرحمن
الرحيم
"حرمت عليكم أمهاتكم
وبناتكم وإخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات الأخ وبنات الأخت وأمهاتكم اللاتي
أرضعنكم وإخوانكم من الرضاعة وأمهات نسائكم وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي
دخلتم بهن فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم وحلائل أبنائكم الذين من
أصلابكم , وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف " إن الله كان غفورا رحيما
.. والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم كتب الله عليكم وأحل لكم ما وراء ذلكم
" صدق الله العظيم .
والمعنى واضح ولا يحتاج إلى
تفسير , فحكم التحريم النهائي يشمل الأم والابنة والأخت والعمة والخالة وبنت الأخ
وبنت الأخت والأم بالرضاعة والأخت بالرضاعة والربيبة التي في حجر الرجل أي ابنة
الزوجة التي دخل بأمها , فإن لم يكن قد دخل بأمها وطلقها قبل الدخول جاز له أن يتزوج
إبنتها فيما بعد , وزوجة الابن الذي من صلب الأب وليس بالتبني , أما حكم التحريم
المؤقت فهو في الجمع بين الأختين بينما تحل أخت الزوجة لزوجها بعد طلاق الرجل
لأختها وإستيفاء العدة .. وكذلك المحصنة حتى تطلق وتنقضي عدتها .. وعفوا لتطفلي
على مقام أهل الفتوى إذ لولا طلب القراء لما تجرأت على ذلك .
كتبها من مصدرها / بسنت محمود
راجعها وأعدها للنشر / نيفين علي
برجاء عدم النسخ احتراما لمجهود فريق العمل في المدونة وكل من ينسخ يعرض صفحته للحذف بموجب حقوق النشر