إبريل 25, 2024عيون الآخرين .. رسالة من بريد الجمعة عام 1986

الإصرار .. رسالة من بريد الجمعة عام 1998

خير الزيجات هو ما يجد فيه الإنسان دائما تعويضه النفسي وإشباعه العاطفي والإنساني الذي يتطلع إليه فيحرص عليه.

عبد الوهاب مطاوع

أنا سيدة شابة عمری 25 سنة ومتزوجة ولي طفلتان وأريد أن اروي لك قصة فتاة من جاراتی بالمنطقة التي أقيم بها عمرها الآن ۲۹ سنة وهي فتاة جميلة ووديعة ورقيقة ومن أسرة عريقة.

وقد بدأت قصتها حين كانت في طريقها لكليتها الجامعية منذ بضع سنوات فصدمتها سيارة مسرعة بالطريق وحملها المارة إلى المستشفى حيث تبين أنها قد أصيبت للأسف بشرخ في العمود الفقري، وبعد رحلة عناء طويلة في المستشفيات رجعت إلى حياتها جالسة فوق الكرسي المتحرك ولم ترفق بها الأقدار بعد ذلك أيضا رحلت أمها عن الحياة، ووجدت نفسها وحيدة في مسكنها الخالي عليها بعد زواج الأخوة.

 

ولأن كل إنسان مشغول بحياته فإن هذه الفتاة الطيبة الجميلة تقضي معظم أوقاتها وحيدة تماما في مسكنها المجهز بكل الأجهزة فتقوم بشئون نفسها وتنظف شقتها وتطهو طعامها وقد تقدم إليها بطلب يدها رجل متزوج فأبت أن تطلب سعادتها على حساب تعاسة إنسانة أخرى، وتقدم إليها من جائها طامعا في مالها وحده، فرفضته لأنها ترجو من ربها أن يجمع بينها وبين من يرغبها لنفسها وتحبه وتعيش له ومن اجله، وتغدق من مشاعرها المحرومة ما يشبه الطوفان، فهل هذه الأمنية حلم مستحيل حقا كما تتصور هي يا سیدی؟

 

لقد أوهمها البعض أن الإنسان المعاق لا يجد فرصته العادلة للتمتع بالحياة العائلية المستقرة، وأريدك أن تكتب إليها أن الإعاقة ليست نهاية الحياة، وأن أحلامها ممكنة التحقيق في أية لحظة حين يأذن الله كما تقول دائما في ردودك فهل تفعل ذلك؟

 

ولكاتبة الرسالة أقول:

افعل بإذن الله وأقول لها أكثر من ذلك أن نسبة نجاح الزواج واستمراره في الحالات الإنسانية الخاصة الشبيهة بحالتها أعلى منها بقدر ملحوظ منها في الحالات العادية وقد لاحظ خبراء الاستشارات الأسرية في أوروبا وأمريكا ذلك وتوقفوا أمامه خلال السنوات الأخيرة وكان تفسيرهم المنطقي المقبول له، هو أن درجة الإصرار على نجاح مثل هذا الزواج واستمراره تكون عالية للغاية عند الطرف الذي يتمثل فيه الحالة الإنسانية الخاصة ولهذا فهو يبذل كل ما في وسعه لإنجاح الزواج واستمراره، ويجد تلك غالبا صداه المتوقع لدى الطرف الآخر، فيتجاوز الزواج الهنات الصغيرة التي قد يتوقف عندها الطرفان في الظروف الطبيعية وتتواصل الحياة إلى غايتها المأمولة في معظم الأحيان

ولا غرابة في ذلك لان الإصرار على استمرار الزواج رغم كل ما يواجهه من محن أو اختبارات هو كما يسلم بذلك الآن كل خبراء الاستشارات الأسرية أقوى العوامل تأثيرا في نجاح الزواج وليس أي شئ آخر، ولقد درس الخبراء بعض أنجح الزيجات وأكثرها دواما خلال السنوات الماضية فكان أقوى عوامل نجاحها هو إصرار الطرفين على إنجاح الزواج واستمراره بالرغم من كل شي، أو إصرار أحدهما على الأقل على ذلك في وجه عبث الطرف الأخر واستهتاره بالرابطة الزوجية.

وخير الزيجات يا سيدتي هو ما يجد فيه الإنسان دائما تعويضه النفسي وإشباعه العاطفي والإنساني الذي يتطلع إليه فيحرص عليه.

ولن يطول الأمد بإذن الله.. وإلا وتكون جارتك الوديعة قد صادفت قدرها المكتوب لها في اللوح المسطور وارتبطت به وسعدت معه وأسعدته بإذن الله.

رابط رسالة العاصفة وهي تعقيب أحد قراء بريد الجمعة على هذه الرسالة

رابط رسالة حصاد الصبر

  نشرت في جريدة الأهرام باب بريد الجمعة سنة 1998

راجعها وأعدها للنشر/ نيفـين علي