كشف المستور .. رسالة من بريد الجمعة عام 1999
كل أمتي معافى إلا المجاهرين
وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل عملاً بالليل وقد بات يستره ربه فيصبح فيقول للناس
فعلت البارحة كذا وكذا.
صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم
أثارتني رسالتا "الزلزال المدمر" و "الأرض العطشى" من قبلها ودفعني ذلك أن أكتب عن الطرف الثالث في هذه الثلاثية وهو العشيق.. ولكنني قبل أن أقص روايتي فإن لي تعليقاً على ردكم الذي ترون فيه ضرورة مكاشفة الزوج كي تكون التوبة حقيقية والعقاب رادعاً والتسامح فضلاً. وتعليقي مأخوذ عن فتوى قرأتها لفضيلة الدكتور محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر في موقف مماثل وظروف مشابهة إذ هو يرى أن الاحتفاظ بالسر بعد التوبة الحقة، هو الأمر المفضل ولكي يعاني مرتكب الذنب "الزوجة هنا" وحده آلام إثمه وجريرته فالكبت وعدم البوح هو عقاب في حد ذاته –كما أشرتم- وليس واجباً، ولا عدلاً أن يقاسي الطرف الآخر "الزوج" عذاب فجيعته في إخلاص زوجته حتى وإن كان سبباً غير مباشر فيما وصلت إليه الأمور، أما قصتي فهي أنني كنت في الثامنة والثلاثين من عمري عندما انتقلت إلى إدارة جديدة في عملي تعرفت على الزملاء والزميلات فيها وسرعان ما أصبحت شقيقاً لهم ولست مجرد زميل جديد وافد عليهم، وظل هذا عهدي معهم حتى بعد قيام علاقة لي مع إحداهن وهي السيدة التي تملك قلب الجميع نظراً لطبيعتها الملائكية شكلاً وموضوعاً بأخلاقها الرفيعة وإجادتها عملها وأدائه على وجهه الأكمل من حيث الجدية والإتقان، وللحق فإني لم أبذل أية محاولة مني للإيقاع بها وإنما كان هناك اهتمام زائد بها في حدود الزمالة والشعور الأخوي وصل إلى رفع الكلفة بيننا فقامت بإعطائي رقم تليفون منزلها وحدث تقارب روحي بيننا واتخذت علاقتنا بعداً أكبر من نطاق العمل، وخرجنا معاً في أوقاتنا الخاصة وتطورت العلاقة بيننا حتى أصبحت المعنى الكامل لحياتي كما ظننت في ذلك الحين نظراً لفراغ حياتي من الناس والعاطفة ولأن حباً كبيراً –كالذي تملكني- تجاهها لم أجده في حياتي من قبل وربما للآن..
ولكاتب هذه الرسالة أقول:
عفواً فإني لم أقر "بوجوب" مكاشفة الزوجة لزوجها بما كان من أمرها لكي تكون التوبة حقيقية.. وإنما فسرت فقط تصرف زوجة كاتب رسالة "الزلزال المدمر" واعترافها له بخيانتها بأنها قد رغبت في أن تبرأ من حقه عليها لكي يستريح ضميرها.. وهذا هو اختيارها ولكل إنسان اختياره، لكن هناك فرقاً كبيراً بين الرأي وبين التفسير والتحليل .. ورداً على بعض التساؤلات المشابهة فإني أورد هنا نص فتوى أخرى سابقة صدرت عن لجنة الفتوى بالأزهر رداً على تساؤل زوجة كان لها ماض قبل الزواج ورغبت في أن تبوح به لزوجها، تقول الفتوى وهي بعنوان: "أكرمها الله بالستر وتريد فضح نفسها" :إذا كانت الزوجة قد أخطأت قبل زواجها وهي فتاة فلا يصح أن تقص على زوجها سوءاتها في ماضيها لأنه ينظر إليها على أنها ملاك طاهر وإذا ما أخبرته بماضيها القبيح ربما تغيرت نظرته إليها وربما كرهها وطلقها.. يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "كل أمتي معافى إلا المجاهرين وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل عملاً بالليل وقد بات يستره ربه فيصبح فيقول للناس فعلت البارحة كذا وكذا"..
وعلى هذا فإن على هذه السيدة أن تتوب إلى الله توبة صادقة وألا تخبر زوجها بماضيها المؤلم الذي يؤدي إلى طلاقها، ولا يعتبر كتمان هذه الأمور السابقة للزواج خيانة للزوج، لأن المعصية من الإنسان بينه وبين ربه فلا يصح أن يطلع عليها غير الله تعالى".
هذا هو نص الفتوى.. ولا تعليق لي عليها.. وأعتذر عن إغلاق باب الحديث في هذا الموضوع لحساسيته المعروفة.. وشكراً.
برجاء عدم النسخ احتراما لمجهود فريق العمل في المدونة وكل من ينسخ يعرض صفحته للحذف بموجب حقوق النشر