القائمة الرئيسية

الصفحات

ضوء الشمس .. رسالة من بريد الجمعة عام 1990

 

ضوء الشمس .. رسالة من بريد الجمعة عام 1990

ضوء الشمس .. رسالة من بريد الجمعة عام 1990

أنا سيدة عمري ٣٦ سنة .. تزوجت منذ عشر سنوات من رجل فاضل أحببت فيه كل شئ فلم أكمل تعليمي وتفرغت له وعشت معه في شقة صغيرة من غرفتين وصالة ومع والدته التي يعولها ولا عائل لها غيره ، ورزقنا الله بطفلين أكبرهما الآن في الثامنة والأصغر في السادسة .. وكان زوجي خريجا لإحدى المدارس الصناعية ويعمل بالورش الخاصة ويكسب ما يكفينا ويبر إخوته .. ولا يبقى شيئا للمستقبل. ومنذ حوالي عامين عاد زوجي من عمله في المساء ومعه كيس من الفاكهة فحيانا وأعطى الكيس لأمه كالعادة لكي توزع علينا الفاكهة .. ثم تناولنا طعام العشاء وطلب مني أن أوقظه في الصباح الباكر ليذهب إلى عمله ونام ونمت بعده قريرة العين راضية عن حياتي وعن أسرتي ونهضت من النوم مبكرة ففتحت النوافذ .. ودخلت أشعة الشمس إلى غرفة النوم وعدت إلى فراش زوجي فأيقظته برفق .. مرة .. وأخرى كعادته فإذا به يصحو منزعجا ويصرخ في

وجهي مذعورا وخائفا ويطلب مني فتح النوافذ لأنه لا يرى شيئا .. فقلت له أن الشمس تملأ المكان والنهار جميل .. وهدأت من روعه واصطحبته إلى الحمام وغسلت له وجهه بالماء والصابون لعلها حالة بسيطة وتزول سريعا .. لكنه لم يهدأ ولم يكف عن الصراخ .. حتى أدركت المصيبة .. وتمنيت ساعتها لو آن الله قد سلبني أنا نور عيني وأبقى بصر زوجي .. وأسرعنا إلى المستشفى .. وأصبحت منذ ذلك اليوم زائرة مستديمة لأقسام الرمد بالمستشفيات وبعد فحوص عديدة قال لي الأطباء أن حالة زوجي العمى العصبي وأن علاجه في يده وحده وأنه يحتاج إلى الراحة النفسية والعصبية قبل كل شيء .. مع الالتزام بعلاج طويل .

 

وبدأنا العلاج .. لكن الحالة لم تتحسن .. بل وازدادت سوءا حين عرف زوجي أني اضطررت للخروج للعمل في البيوت لكي أوفر له العلاج ولأسرتي الطعام ، وأصبح زوجي إنسانا محطما .. وأصبحت أنا اخرج من بيتي كل صباح لأعمل في المنازل واغسل الملابس واشترى للبيوت طلباتها من الأسواق .. وأصبت في يدي بحساسية من الصابون من كثرة استخدامه كل يوم وأصبحت رائحته تثير عندي الغثيان فلا يستقر في معدتي طعام إذا شممتها .. ومضت الشهور ونحن على هذه الحال.

 ومنذ أيام .. كنت عائدة من أحد البيوت بحي الزمالك سيرا على الأقدام فوق كوبري أبو العلا .. فوجدت نفسي انظر إلى مياه النيل وأطيل النظر .. وتراودني لأول مرة فكرة أن أقفز إليه .. وظلت الفكرة تشغلني من أول الكوبري إلى نهايته دون أن أجرؤ على تنفيذها خوفا من عقاب الله .. وخوفا على أولادي وأسرتي وأسألك أليست هناك طريقة لعلاج زوجي ليعود له بصره ولتعود لنا سعادتنا كما كانت.

 

ولكاتبة هذه الرسالة أقول:

تفضلي بزيارتي مع زوجك مساء الاثنين القادم ومعكما كل التقارير الطبية عن حالته .. عسى الله أن يهييء لك من أصدقاء بريد الجمعة من أطباء العيون من يأخذ بيده على طريق العلاج وعسى أن يستطيع بريد الجمعة أن يعينك على أمرك في هذه الظروف العصيبة .. ويعيد ضوء الشمس إلى حياتكم مرة أخرى بإذن الله .. إنه على كل شيء قدير.

رابط رسالة تحت السلم تعقيبا على هذه الرسالة

نشرت في جريدة الأهرام "باب بريد الجمعة" مارس 1990

راجعها وأعدها للنشر / نيفين علي 

reaction:
Neveen Ali
Neveen Ali
كل ما تقدمه يعود إليك فاملأ كأسك اليوم بما ستشربه غدا

تعليقات

محتوي المدونة غير منسوخ من الانترنت ولكنه جهد فريق عمل قام بجمعه من أرشيف جريدة الأهرام وإعادة كتابته ومراجعته وتهيئته للنشر ليكون مرجع شامل لمحبي الأستاذ .. لذا نرجو من السادة الأفاضل الذين يتخذون المدونة أساسا ومرجعا لمنشوراتهم عدم النسخ والاكتفاء بروابط الرسائل لحفظ مجهود فريق العمل وإلا عرضوا أنفسهم للإساءة والفضح على وسائل التواصل الاجتماعي ليكونوا عبره لغيرهم من سارقي جهد غيرهم. نيفين علي .. بسنت محمود