أنغام الأمل .. رسالة من بريد الجمعة عام 1989

 

الشفاء من السرطان

                          أنغام الأمل ..رسالة من بريد الجمعة عام 1989

أكتب إليك هذه الرسالة بعد أن قرأت رسالة الأنغام الحزينة لأروي لكاتبتها التي تشفق على شقيقها من آلام العلاج القاسي قصتي أنا أيضا مع الأمل والألم .. فأنا سيدة أصبت بالمرض اللعين فى الرئة وترددت على كبار الأطباء وأجريت كل الفحوص اللازمة فرفض ثلاثة من أكبر الجراحين أن يجروا لي جراحة استئصال الورم خوفا على أسمائهم اللامعة , ولأن الفحوص كلها أكدت أني مصابة بخلية سريعة الانتشار, وأن فرصتي في الحياة لن تزيد على 4 إلى 6 شهور .. وسمعت كل هذا الكلام فضحكت ولا تعجب من ذلك لأن إيماني بالله أقوى من كل شئ وقلت مواسية أهلي .. إن كانت الكتب تقول ذلك فإن الأمر بيد الله وحده .. وأنا لا أم لي تبكيني .. ولا ولد لي ابكيه كلما تصورت فراقي له .. ومادام الأمر كذلك فلأواصل طريق العلاج الكيماوي لكيلا أقصر فى حق نفسي .. وبدأت هذا العلاج وهو داء فعلا أكثر منه دواء كما قالت كاتبة الرسالة ورغم أن الأطباء قالوا أنه لا فائدة منه .. فقد حدث شئ غريب .. بعد أسبوع واحد من بدء علاجي به إذ حدث تحسن كبير فى صورة الأشعة إلى درجة دفعت الأطباء إلى التشكك فى صحة التحاليل الأولى .. فأعدنا إجراءها فجاءت مؤكدة لما كشفت عنه فى البداية .

 

وفى هذا الوقت أشار علي صديق بالسفر للخارج للعلاج مادام هناك بصيص أمل لكن هناك بالطبع رأي مخالف يرى أنه لا داعى للتكاليف ولا للعذاب مادامت النهاية وشيكة وقريبة , ففضلت الأخذ بالأسباب وسافرت إلى لندن وعرضت نفسي على أطباء مستشفيين معروفين هناك وبدأ العلاج الكيماوي وكان هو نفس العلاج الذى تلقيته فى القاهرة مع الفارق فى كمية الجرعات ونسبها .. وبعد فترة أخرى بدأ العلاج بالاشعاع واستغرق علاجى 5 شهور ثم عدت إلى بلادي على أن أعاود السفر إلى لندن كل ثلاثة أشهر لمدة سنة .. فهل تعرف ماذا حدث بعد ذلك .. انهيت علاجي تماما في يناير 1977 وها نحن فى عام 1989 ومازلت حية أرزق واتمتع بصحة جيدة والحمد لله .. وقد زرت لندن منذ سنوات فذهبت إلى نفس المستشفى والتقيت ببعض الأطباء الذين عالجوني فأبلغوني أن حالتي تدرس في معهد الأورام هناك باعتبارها حالة جديدة من حالات هذا المرض ليس لأنها شفيت  لأن الشفاء وارد جدا وإنما لأنها حالة خلية نشيطة جدا وسريعة الاستجابة جدا للعلاج .. فى نفس الوقت .. وهكذا شاءت إرادة الله .. أن أحيا واتغلب على اليأس والألم.

 فلتترك كاتبة رسالة الأنغام الحزينة التردد ولتؤمن معي بأنه لا يأس مع الحياة .. والحمد لله على كل حال.

 

ولــكــاتــبة هــذه الـرسـالـة أقـــول:

 

"إنما الصبر عند الصدمة الأولى" كما يقولون يا سيدتي .. أي أن الإنسان إذا تمالك نفسه واعتصم بالصبر والإيمان بالله فى اللحظات الأولى من مواجهته لأي شئ كريه حملته إليه الحياة فإنه يستطيع أن يصمد أمامه وأن يستعين بحكمته على اجتيازه والتعامل معه بما يتطلبه مقتضى الحال .

 وأنت قد صبرت على هول الصدمة الأولى واعتصمت بإيمانك بربك فهداك سواء السبيل وقاد خطاك إلى الطريق الصحيح وقد صمد إيمانك للمحنة فصح فيه قول الرسول الكريم  "ليس الإيمان بالتمني ولا بالتحلي .. ولكن ما وقر فى القلب وصدقة العمل " ولقد وقر إيمانك في قلبك وصدقه عملك فأخذت بالأسباب ولم تقصري في حق نفسك فأتم الله عليك نعمته .. وحق لك الشكر والثناء .

فشكرا لك على رسالتك الفريدة .. وأرجو أن تضيفها كاتبة رسالة الأنغام الحزينة إلى رصيد خبراتها بالحياة وتستفيد مما بها من معان.

                                              لقراءة رسالة الأنغام الحزينة اضغط هنا

نشرت في جريدة الأهرام "باب بريد الجمعة" أبريل 1989

كتابة النص من مصدره / بسنت محمود

راجعها وأعدها للنشر / نيفين علي


Neveen Ali
Neveen Ali
كل ما تقدمه يعود إليك فاملأ كأسك اليوم بما تريد أن تشربه غداً
تعليقات