خيوط العنكبوت .. رسالة من بريد الجمعة عام 1989
منذ سنوات كنت طالبا فى إحدى
الكليات بجامعة القاهرة .. وأحببت زميلة لي كانت محاطة دائما بهالة من المعجبين
والزملاء وسعيت للاقتراب منها وأنا متردد ففوجئت بها تشجعني على الاقتراب وتصورت
أنها تحمل لي نفس الإحساس الذي أحمله لها ولكن صديقي الوحيد بالكلية حذرني من
الاندفاع وراء مشاعري معللا ترحبيها بي برغبتها الخفية فى ضمي إلى حاشيتها من
المعجبين بها ولم أعر تحذيره انتباها فقد كنت مغلوبا على أمري معها منذ أول يوم
اعترفت لنفسي فيه بحبها وكان من بين الزملاء أكثر من واحد يحملون لها نفس مشاعري
الصامتة لكن ذلك لم يثر اي مشاكل بيننا.. لأنها كانت حريصة على أن توزع علينا اهتمامها
بالعدل فأمضينا العامين الاخيرين من الدراسة ونحن نتعبد في محرابها .. وهي تتقبل
قرابيننا إليها بسماحة وتحرص على عدم إنقطاع الخيوط بيننا وبينها .. فإذا بدا لها
أن أحدنا على وشك الإفلات من تأثيرها.. زادت من جرعة اهتمامها به حتى يعود إلى
سابق عهده وهكذا إلى أن تخرجنا وعملنا فى مجالنا وتقطعت بيننا الاتصالات .. وحاولت
أن أحسم أمري معها فاتصلت بها تليفونيا وطلبت لقاءها فدعتني لزيارتها في البيت
فطرت إليها فرحا واشتريت علبة شيكولاتة وأصلحت ملابسي وطرقت بابها فاستقبلتني
بابتسامتها الساحرة وجاءت أمها واخواتها للترحيب بي .. واستجمعت قواي لكي أصارحها برغبتي
في الزواج منها فدق جرس الباب ودخل أحد أساتذتنا بالكلية يحمل علبة شيكولاتة أخرى
ودهش لمرآي ثم سألني عن أحوالي .. وعن عملي .. وأجبته فإذا بأم فتاتي تعلن في
ابتهاج أن الأستاذ قد خطب ابنتها منذ يومين وأن الخطبة الرسمية ستعلن بعد أيام
وأنني أول زملائها المدعوين لها .. وابتلعت صدمتي .. وتظاهرت بالفرح وانتهزت أول
فرصة للانصراف.
وبعد أيام اتصلت بي تدعوني
للخطبة وقررت بيني وبين نفسي عدم الذهاب لكني وجدت نفسي أذهب إلى الخطبة والتقي
بمعظم زملائي وزميلاتي في الكلية وأتجنب نظرات الزميلات اللاتي يعرفن أمري.
وتزوجت فتاتي من أستاذنا السابق
وتجرعت الألم صامتا وبعد أسابيع اتصل بي زوجها ودعاني إلى تناول الشاي في بيته, وذهبت
إليه في الموعد فوجدت رفاق الدراسة وأمضينا وقتا سعيدا حرصت خلاله زميلتي على أن
تخصني وبعض معجبيها السابقين برعايتها الخاصة .. وطالبتنا جميعا أن نلتقي في بيتها
مرة كل شهر لنجدد ذكريات الدراسة ومضى عامان على هذا الحال تخلص الزملاء السابقون
من سحرها وارتبطوا بغيرها .. وبقيت أنا وحدي فى حبها الصامت وفشلت فى الارتباط
بغيرها إلى أن فوجئت بطلاقها من أستاذنا السابق بغير أن تنجب منه وبدعوتها لي
للقاء في بيت أمها وتجرأت على مفاتحتها فى خطبتها فابتسمت ولم تجب بشئ!
واعتقدت أنها فى حاجة إلى فترة
من التفكير بعد طلاقها .. فانتظرت صابرا وفوجئت بها بعد شهور تتزوج من رئيسها فى
العمل وهو زوج وأب ومنفصل عن زوجته وتكرر معنا نفس طريقتها فى دعوتنا كل شهرين
للقاء فى بيتها.
واعتبرت القصة منتهية عند ذلك
الحد فتقدمت لزميلة لي في العمل خطبتها .. فاستمهلتني فترة للتفكير ثم فوجئت بها
ترفض دون أبداء الأسباب .. ولما ألححت عليها لمعرفة السبب صارحتني بأنها سألت عني زميلاتي
السابقات فأكدن لها أني أسير"فلانة" وأني لا نجاة لي من أسرها مهما
تزوجت وأنجبت وهي لا تريد رجلا قلبه مع غيرها .. فعرفت أن أمري "أفضح"
مما كنت أتصور وقررت أن أتخلص من هذه الوصمة فانتظرت شهورا ثم تقدمت لخطبة فتاة من
محيط أسرة أبي تقيم في إحدى المدن الساحلية وقوبلت بالترحاب وتمت الخطبة سريع وعدت
منتصرا لأبلغ فتاتي فأبدت سعادتها بذلك وأشارت علي بما اتخذه مع خطيبتي من
خطوات لأكسب قلبها.. وتكررت لقاءاتنا في
دائرة العمل وفى بيتها لاستشارتها فإذا بي اكتشف أنى أخدع نفسي .. وأني مازلت
أسيرها.. وأني أظلم فعلا الفتاة الأخرى التى سأقترن بها, وتأكدت من ذلك حين فوجئت
للمرة الثانية بطلاق فتاتي من رئيسها وعودتها إلى بيت أمها, ودهشت أن طلاقها يتم
دائما فى هدوء وبلا مشاكل وبلا عداوات, ففي أول اجتماع لزملاء الدفعة بعد طلاقها
الثاني فوجئت بزوجها الأول وزوجها الثاني مدعوين معنا إلى الشاي ويشاركاننا
الأحاديث والذكريات بروح ودية .. وهي كالملكة توزع ابتساماتها على الجميع!
وعند هذا الحد انهارت مقاومتي
واعترفت لنفسي بأني لا أريد غيرها مهما حدث ففسخت خطبتي وتحملت غضب أبي وأمي وأهلي
.. وقدمت لأسرة خطيبتي كل الترضية الممكنة لكني لم أنس كلمات أمها وهي تقول لي أن حسابي
مع ربي كبير لأني ظلمت ابنتها وأسأت إليها بلا ذنب.
لكن ماذا تجدي الكلمات مع مفقود
مثلي لقد اعتقدت أن فرحتي لتحقيق الأحلام قد حانت فصارحتها مرة أخرى برغبتي فيها ..
فلم تزد عن أن ابتسمت ثم سكتت!
وغضبت هذه المرة وقررت الابتعاد
عنها ومقاطعتها ففوجئت بها تتصل بي تليفونيا وتدعوني لزيارتها .. فذهبت إليها بعد
تردد واستمر اتصالي بها على فترات وكلما حادثتها فى الزواج قالت لي أنها جربت حظها
مرتين ولا تريد أن تجربة للمرة الثالثة!
وبلغت سن الثانية والثلاثين ولم
أتزوج وفشلت معي كل محاولات أمي بعد رحيل أبي لإقناعي به .. وقررت بعد تفكير عميق
أنه لا مفر أمامي إلا بالابتعاد نهائيا عنها.. فسعيت إلى السفر ووفقني الله في
الحصول على عمل بإحدى الدول العربية وسافرت إلى هناك وأمضيت وقتي بين العمل وزيارة
الزملاء والقراءة وسماع الموسيقى فى شقتي ..
ومضى عامان .. وبدأت أشعر بثقل
الوحدة .. واقتنع بضرورة الزواج وذات يوم كنت فى مطبخ شقتي أطهو طعامي .. والتليفزيون
في غرفة المعيشة مفتوح على محطة دولة خليجية مجاورة يأتي إرسالها في الصيف إلى
هناك, فإذا بي أسمع وأنا فى المطبخ صوت حبيبتي يتحدث في شئون الزواج والحب .. نعم
صوتها هي ..صوت فتاتي ومعذبتي حتى خيل إلي أنني جننت .. فخرجت من المطبخ مسرعا إلى
التليفزيون .. فوجدته يذيع لقاء معها هي بلحمها ودمها وابتسامتها التي غيرت مجرى
حياتى وتابعت البرنامج حتى انتهى وكان برنامجا للمرأة وعرفت اسم مقدمته واتصلت بها
فى تليفزيون الدولة التى اذاعته وعرفت منها أن ضيفتها في البرنامج تقيم بفندق كذا
فأسرعت اتصل بها فردت علي بفرحة وسألتني عن أحوالي وقبل أن أبثها مشاعري قالت لي
فجأة سأعرفك بزوجي فلان مدير الفندق وأعطتني السماعة!
وعرفت يا سيدي أنها تزوجت للمرة
الثالثة من مدير أحد الفنادق الكبرى وأنها تعيش معه فى هذا البلد منذ عام وعرفت أن
الدائرة المفرغة مازالت تدور بلا أمل فحاولت فى أول أجازة عدت فيها لمصر أن أرتبط
بأول إنسانة ألتقي بها ففشلت لضيق الوقت ومضت شهور ووجدتها تتصل بي في مسكني وتبلغني
أنها تحدثني من نفس العاصمة التى أعيش فيها لأن زوجها نقل إليها مديرا لفرع الفندق
الشهير لمدة عام وزرتها وعدت مختارا إلى شباكها المريرة.. ولم تمض شهور حتى طلقت
من زوجها الثالث ولم يكن طلاقها هادئا هذه المرة .. وإنما كان طلاقا عاصفا تدخل
فيه القنصل العام الذى يمت لها بصلة قرابة .. وتم الطلاق وتنازلت عن حقوقها
وصاحبتها فى كل الاجراءات وحجزت لها مقعدا فى الطائرة.. وقبل سفرها بأيام قلت لها
للمرة الأخيرة أني أحبها منذ 15 عاما وانتظرها فى كل مرة يفشل فيها زواجها وأني
الأحق بها من كل الرجال الذين تزوجتهم فسمعتني ساهمة لأول مرة وفكرت قليلا ثم قالت
لي بفتور أنها موافقة ورغم فتورها فقد طرت فرحا ونقلتها إلى شقتي وانتقلت أنا إلى
شقة أحد أصدقائي حتى تنتهي عدتها وأمضينا الأسابيع الباقية فى شراء الأثاث
والستائر وكل ما ينقص شقة الزوجية..
وكانت هدية زواجي لها سبيكة من
الذهب كتبت لها فى ورقة معها أن حبي لها كالذهب يزداد قيمة مع الزمن وتزوجنا أخيرا
بعد طول انتظار وكنت قد بلغت الثامنة والثلاثين وهي الخامسة والثلاثين.. ولم تكن
قد انجبت فى زيجاتها الثلاث بسبب رفضها الانجاب وحاولت إقناعي بذلك لكني كنت أتوق
لانجاب طفل منها وكانت زوجتي تعمل قبل زواجي منها في شركة فعادت لعملها بعد أجازة
قصيرة.
ثم فوجئت بهم جميعا فى بيتي مع باقي
الزميلات والزملاء وبعد فترة من الزمن بدأت ألحظ أن الدعوات قد زادت .. وأن ظهور
الأزواج والمحبين السابقين قد زاد .. ثم أضيف إليهم بعد عامين من عودتنا ظهور
الزوج الثالث فى إحدى هذه الحفلات!
وأردت إيقاف كل ذلك .. فصارحتني
بأنها لا تستطيع أن تعيش بغير علاقاتها الاجتماعية وأنها نشأت على ذلك ولا تستطيع
تغييره وبعد ذلك بقليل اكتشفت أنها قد انفقت معظم مدخراتها على الملابس الفاخرة
والمجاملات العائلية التي تقدمها بسخاء لأفراد أسرتها ولكل من يتزوج أو يخطب أو
يجري جراحة , وأنه لم يبق لها سوى أقل القليل.
وساورني الشك فيها لأول مرة
لكثرة اتصالها بمطلقها الثاني ولم أكن أستريح له فراقبتها لأول مرة وعرفت أنها
تلتقي به في مكتبه وفى النادي بغير أن تذكر لي ذلك ثم لجأت إلى صديقي القديم فأجرى
أيضا تحرياته عن طريق موظفة تمت له بصلة قرابة فعرفت منه أن رئيسها السابق فى
العمل يرغب فى الزواج منها مرة أخرى وأنهما اتفقا على ذلك تقريبا وجن جنوني
وصارحتها بشكوكي , فنفت الأمر بفتور وأكدت لي أنها تحاول الاستمرار معي إلى النهاية
ولكنها إذا فشلت سوف ترجو مني أن أسرحها بإحسان .. لكي نظل أصدقاء إلى الأبد !
وحمدت لها ساخرا صراحتها وكتمت ألمي في قلبي .. وقررت أن أثأر لحبي منها وفي تكتم
شديد وبدأت سرا أراسل زملائي في الخارج وأطالبهم بإيجاد عمل لي وعدم مراسلتي على
البيت.. وبعد شهور أرسلوا لى تأشيرة دخول.
وخلال هذه الفترة كنت ألح على زوجتي في ضرورة استبدال شقتنا بشقة أوسع فى حي أرقى تليق بها.. ووافقتني بلا حماس.. لكني أشركتها في مشاهدة الشقق الجديدة مدعيا أن قطعة الأرض الزراعية الصغيرة التى ورثتها مع إخوتي عن أبي في الأقاليم قد دخلت كردون المدينة وأصبحت أرض بناء وأنني سأبيعها وأحصل على نصيبي منها وأضمه إلى ثمن الشقة الحالية ثم نشتري شقة أخرى أكبر واصطحبتها لرؤية شقة بكورنيش المعادي ما أن رأتها حتى تعلقت بها وتحمست لشرائها فعرضنا شقتنا للبيع وبعتها بثمن أقل من سعر السوق ووقعت هي على العقد باعتبارها مالكة الشقة وتسلمت أنا الشيك بثمن الشقة ما عدا 3 آلاف جنيه تدفع بعد تسليم الشقة أول الشهرالقادم وأخذت الشيك استعدادا لبيع الأرض بعد يومين ثم شراء الشقة الجديدة والانتقال إليها قبل حلول موعد التسليم وفى اليوم التالي صرفت المبلغ وأودعته باسمي وحولت بعضه إلى دولارات من السوق السوداء وعدت إلى البيت هادئا.
ولــكــاتب هـــذه الرسالة أقــول :
من مكمنه يؤتي الحذر ! هذا هو أول
درس من دروس قصتك العجيبة هذه وما أكثر ما بها من دروس ! ففتاتك التى تعبدت فى
محرابها طويلا وظللت ترقب زواجها وطلاقها مؤملا أن يكون "دورك" قد حان
استنامت إلى أنك أسير حبها وإلى أنها قد شلت إرادتك كما تشل خيوط العنكبوت ضحيتها,
فإذا تحت الرماد لهيب نار تتلظى وتتلهف على أن تحرق كل شئ فجأة ! أما أهم دروس
قصتك فهو أن سعادة الإنسان ليست فى انعدام أهوائه ولأنه ليس هناك إنسان بلا أهواء
وإنما فى سيطرته عليها, وأنت لم تحسن السيطرة على أهوائك لا في البداية ولا في
النهاية.. ففرطت طويلا فى علاقتك بها منذ البداية وأضعت زهرة العمر فى انتظار أمل
قد لا يتحقق وقبلت مرغما بعد زواجك منها ما لا ترضاه لنفسك من أساليب الحياة
استسلاما لهوى نفسك فى حبها ثم حين استشعرت الخوف.. مجرد الخوف من ضياع الحلم فقدت
السيطرة على هوى النفس الراغبة فى الانتقام .. وبادرت بالعدوان كما يفعل الذئب الخائف
قبل أن يقترب منه أحد.. فأخطأت بانتقامك كما أخطأت بإستسلامك وطاشت سهامك أيضا فلم
تنتقم من زوجتك بقدر ما انتقمت من طفلتك البريئة التى تحتاج إلى رعاية أمها مهما
كان رأينا فى هذه الأم, ولم تنتقم لشرفك ورجولتك وإنما انتقمت منها ! لأن الانتقام
الصحيح للرجولة وللنفس هو من النأي بها عن معاشرة من تسئ إليهما. .وفى إبراء الذمة
منها.. لا فى تركها معلقة بدعوى حرمانها من حق الزواج.. فتفعل ما تشاء وهي تحمل
اسمك ثم تحصل فى النهاية على الطلاق بحكم المحكمة لغيابك عنها ثلاث سنوات بلا
عنوان معروف .. فأيهما أصون لكرامتك ورجولتك يا صديقي؟ وماذا تجنيه من حرمانها من
الزواج إن استحالت حياتك معها.. إلا أن تدفعها دفعا إلى الخطيئة وهي زوجتك وأم
طفلتك مهما جرى .. إن تصرفك هذا ليس دليلا على أنك قد تخلصت من خيوطها اللزجة التى
تقيد حريتك لأننا لا نحس بأدنى رغبة فى الانتقام ممن لا يعنون لدينا شيئا.. وإنما
نحسها فقط تجاه من لم نشفى بعد من تأثيرهم الطاغي علينا.. وإن اتخذ هذا التأثير
شكلا آخر كما هو الحال معك الآن.
فإذا أردت أن تثبت لنفسك قبل
غيرك أنك قد شفيت منها إلى الأبد فأعلمها بمقرك وعنوانك وألق إليها بورقة الطلاق
لأنه لا يليق بك أن يستمر أرتباطك بمن لا ترى فيك رجلها وواجه الأمر الواقع بشجاعة
كما يفعل الأقوياء لأن الهروب منه والنكوس عن مواجهته ليس قوة كما تتصور وإنما ضعف
ودليل على أنك لم تبرأ بعد من سحرها القديم.
وزوجتك مهما كان لي من اعتراض
على كثرة زيجاتها وإدمانها اعجاب الآخرين وتقريب الأسرى السابقين والحاليين منها
وبعض سلوكياتها غير المريحة إلا أنها من النوع الذى يجيد التفاهم مع الآخرين وكان
من الممكن جدا أن تتفاهم معها فى هدوء على الانفصال ورعاية الطفلة وباقي الأمور
المعلقة بينكما ونحن فى النهاية لا نعيش فى غابة لا سبيل لاسترداد الحقوق فيها سوى
بإنتزاعها بالغدر والخديعة وإنما نعيش وسط بشر وأهل وأقارب وقضاء يستطيع أن يفصل
بالحق بينكما وفى كل الأحوال فإني أرى أن محاولة التفاهم مع الآخرين ولو أدى الأمر
إلى التنازل عن بعض الحق ترفعا عن منازعتهم وإبقاء على ما لابد منه من روابط عادية
بين شريكين منفصلين بينهما طفلة .. وشرفا لمن يختار هذا الطريق الأكثر لياقة بكرامته
ورجولته .. فاختر لنفسك ما تشاء لكن لا تنس أبدا أن انتزاع طفلة فى هذه السن
الصغيرة من أحضان أمها عمل لا يغفره الله لأحد ولا ينجو مرتكبه من عقاب القانون.. مهما
كانت دوافعه ومبرراته.
وليس هكذا يا صديقي يعتذر
الإنسان لنفسه عما رضيه لها من قبل من هوان والعقاب الصحيح للزوجة المتمردة هو فى
تسريحها والانفصال عنها بلا ضجيج ولا زوابع ولا مغامرات بوليسية لأن القوة
الحقيقية والغنى الحقيقى هما فى الاستغناء لا فى استجداء التأثير والسيطرة عليها بحرمانها
من طفلتها وبتعذبيها بها.
والرشيد حقا هو من لا يحس فى
نفسه بالرغبة فى الانتقام من أحد لأن عدالة السماء كفيلة بأن تقتص له ممن أساء
إليه اليوم أو غدا أو بعد حين والسلام.
رابط رسالة الانتقام تعقيبا على هذه الرسالة
نشرت في جريدة الأهرام "باب بريد الجمعة" فبراير
1989
كتابة النص من مصدره / بسنت
محمود
راجعها وأعدها للنشر / نيفين علي
برجاء عدم النسخ احتراما لمجهود فريق العمل في المدونة وكل من ينسخ يعرض صفحته للحذف بموجب حقوق النشر