بشير السعادة .. رسالة من بريد الجمعة عام 1988

 

بشير السعادة .. رسالة من بريد الجمعة عام 1988


بشير السعادة .. رسالة من بريد الجمعة عام 1988


هل تذكرني .. أنا يا سيدي صاحبة رسالة "أمواج الحياة" التي حكت لك عن  بيتها الذى تهدم فى القاهرة فوق أسرتها فراحت تحت أنقاضه ولم ينج منها سوى فتاة عمرها 7 سنوات كانت وقت انهيار المنزل فى الفرن تشتري الخبز وطفل عمره 3 سنوات في غفلة من الأسرة ليلعب , فوجدت نفسي وشقيقي وحيدين في الحياة بلا مأوى ولا أهل .. وقادني تفكيري كطفلة للذهاب مع شقيقي للإسكندرية للإقامة فيها بعد وفاة السيدة التي آوتنا بعد الحادث وأورثتنا مائة جنيه .. فسكنا في غرفة في حي شعبي والتحقنا بالمدرسة .. حتى كبرت وعملت عاملة فى فندق أغسل فيه الصحون لأعول نفسي وشقيقي الطالب وقلت لك أن شقيقي قد كبر ووصل إلى الثانوية العامة.

هل تذكرني الآن ؟ .. لقد كتبت إليك رسالتي وقتها لأروي قصتي للشاب الجامعي كاتب رسالة "عيد الميلاد" الذي فقد أسرته وهي في طريقها للذهاب إليه فى الإسكندرية للاحتفال معه بعيد ميلاده لكي أخفف من آلامه وأشد من أزره وليعرف أن فى الدنيا غيره ممن غدرت بهم الحياة.

وبعد نشر رسالتي كتبت أنت أن كثيرين يريدون مساعدتي وشقيقي ماديا وبالرعاية وقرأت أنا ذلك وبكيت تأثرا وطلبت من شقيقي أن يكتب لك ليشكر هؤلاء على مشاعرهم ويشكرك ويعتذر لك عن عدم قبول معاونتهم لأننا تعودنا على الكفاح فى الحياة, وكان يكفيني فقط مشاعرهم ومشاعرك أنت الذي اعتبرك أبا لي رغم أني لا أعرفك وأهلا لي لأني بلا أهل .

 

والآن يا سيدي أكتب لك لأزف إليك خبرين سعيدين عن حياتنا أنا وشقيقي .

أما الأول فهو نجاح أخي في الثانوية العامة بمجموع 89% وإن شاء الله سوف يلتحق بكلية الهندسة.

أما الثاني فهو أني قد خطبت إلى شاب وسيم جدا ومن عائلة مرموقة في الإسكندرية وأمه حنون جدا وأحس أنها أمي .. وكنت قد تعرفت عليه منذ فترة قصيرة وعرف حكايتي بالتفاصيل وقد تمت الخطبة فى فندق مشهور بالإسكندرية .. ولم أنس أهل"الحتة" الذين أحاطوني برعايتهم في الحي الشعبي الذي نقيم فيه فدعوتهم جميعا إلى الخطبة ولم أترك أحدا منهم لم أسلمه دعوة لحضورها , خاصة أن أهل خطيبي يعرفون عني كل شئ وإن شاء الله سوف يعقد القرآن قريبا.. ولقد أردت أن تشاركني أنا وأخي فرحتنا لأننا نعتبرك من أسرتنا البسيطة.. وأردت أيضا أن أقول لكل من تقابله عقبة في حياته أن عليه أن يصبر وسوف يعوضه الله عن آلامه وأحزانه كما أراد لي سبحانه وتعالى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

ولــكـاتــبة هــذه الـرســالـة أقـــول:

 

أقول ألف مبروك خطبتك السعيدة ونجاح شقيقك وتفوقه فى الثانوية العامة وشكرا لك من الأعماق أن أردت أن أشاركك أفراحك التى أسعدتني وستسعد معي آلاف القراء الذين قرأوا رسالتك الأولى وأحبوك مثلي وأعجبو بكفاحك الشريف فى مواجهة الشدائد.

فالحق أنكما جديران بكل خير وكل سعادة فى الحياة, ولا شك أنك تستحقين هذا الشاب الممتاز كما يستحقك وأرجو أن يكتب الله لكما السعادة معا .. وكم سوف يسعدني أن أعرف موعد القرآن لأرسل إليك بباقة ورد بإسمي واسم قراء هذا الباب .. فعسى أن تبلغيني به في وقت قريب إن شاء الله, وعسى أن تتيح لي الظروف أن أشارككما دائما كل مناسباتكما السعيدة بإذن الله.

رابط رسالة أمواج الحياة

نشرت في جريدة الأهرام "باب بريد الجمعة" سبتمبر 1988

كتابة النص من مصدره / بسنت محمود

راجعها وأعدها للنشر / نيفين علي


Neveen Ali
Neveen Ali
كل ما تقدمه يعود إليك فاملأ كأسك اليوم بما تريد أن تشربه غداً
تعليقات