زائر السعادة .. رسالة من بريد الجمعة عام 1987
أنا يا سيدي
صاحبة رسالة زائر الليل التي نشرتها منذ أربعة شهور وطلبت منك أن توجه كلمة إلى
زوجي الذي يعمل بالخارج منذ 4 سنوات ولا يرسل لي ولأولادي سوى خمسين جنيها ينقطع أحيانا
عن إرسالها .. فنشرت الرسالة ووجهت إليه كلمة تخاطب بها قلبه وعقله ودينه .. وقلت
له في تعليقك أن أداء التزاماتك تجاه أبنائك وزوجتك أفضل عند الله من أداء الحج للمرة
الثالثة الذي كان يستعد له في ذلك الوقت.
وقد قرأت هذه
الكلمات وتجددت أحزاني .. ولم أتوقع أن يستجيب لها بل لعلي خشيت أن تغضبه فينقطع
عن أبنائه .. لكن قدرة الله عز وجل ودعائي المستمر لزوجي بالهداية جعلاه يتأثر
بهذه الكلمات الصادقة فتغيرت لهجة زوجي ومعاملته معي وأرسل لي مصاريف شهر أغسطس
وزيادة عليها أربعون جنيها عيدية للأولاد .. وبعدها أرسل 40 جنيها أخرى وزاد مصروف
البيت من ٥٠ جنيها على 75 جنيها وقال لي أنه صرف نظر عن الحج للمرة الثالثة ولم أفرح
لأنه لم يحج لأن الحج شيء في حد ذاته .. لكني فرحت أنه أدرك أنه لا ينبغي أن يكرره
الإنسان إلا بعد الوفاء باحتياجات أبنائه وأسرته وفرحت بالروح
الجديدة التي
سادت معاملته لي ولأبنائه .. وبالحنان الذي أظهره لهم وكانوا بالفعل يفتقدونه ،
وقال لي أنه بعد قراءة رسالتي يفكر في أن ينهي عمله ويعود إلينا أو يمد عمله لمدة
عام آخر لكي يجمع مالا للأبناء وطلب رأيي في ذلك .
واستشرتك في ذلك فقلت لي إن لم يدخر شيئا في تسع
سنوات من العمل في الخارج فلن يجمع ثروة في عام واحد .. وأن الأفضل أن أشعره بأن عودته
إلينا أهم لدينا من أي مال .. فعملت بنصيحتك يا سيدي وأخبرته بكل صدق الدنيا وحنانها
أنني وأولاده نريد أن نحس بوجوده بقربنا وأن نعيد أيام زمان التي كنا ندير فيها
أمورنا وان الله لن يتخلى عنا.
فحدثت المعجزة
يا سيدي واستجاب لندائي ونداء أولاده وسيحضر إلينا في نهاية هذا العام .. فأشكرك
على نصيحتك المخلصة وأشكرك على وقوفك بجانبي، كما اشكر أيضا السيدات الفضليات
اللاتي مددن لي يد العون عن طريقك فاستطعت بفضلهن وأنا لا اعرفهن معرفة شخصية ولم
التق بهن حتى الآن أن أسدد معظم
ديوني التي كانت تثقل کاهلي وتؤرقني في ليلي ونهاري .. ولا أملك لك ولهن
إلا صادق الدعاء في كل صلاة بأن يفرج كروبكم وكروب المؤمنين جميعا وأسأل الله لك
ولهن الصحة والسعادة وأرجو أن تنوب عني في شكرهن والاعتذار لهن عن عدم قبول
معونتهن لي ابتداء من هذا الشهر بعد أن سددت
معظم الديون
وبعد أن زاد زوجي مصروف الأسرة الشهري .. جزاهن الله وجزاكم كل خير عما قدمتم
وتقدمون للمهمومين من القراء .
ولكاتبة هذه الرسالة أقول :
ولك ولأبنائك
يا سيدتي أصدق الأمنيات بحياة مستقرة هادئة في رعاية زوجك الذي استجاب أخيرا لنداء
العدل والأبوة والواجب وأدعو الله أن يجمع شملكم قريبا وان تظلل السعادة حياتكم
إلى الأبد بإذن الله.
أما السيدات
الفضليات اللاتي سارعن إلى الوقوف إلى جانبك بعد نشر الرسالة ، فاني أدعوهن إلى
التوقف عن إرسال مساهماتهن الشهرية اللاتي خصصنها لك إلى بريد الأهرام بعد أن حققت
هدفها وساهمت في تفريح ضائقتك .
وآه لو استجاب كل إنسان لنداء العدل والواجب
تجاه من يتحمل أمانة المسئولية عنهم وآه يا سيدتي لو وجد كل مهموم من يشد أزره في
محنته ولو بالكلمة الطيبة إذن لخلت الحياة من كثير من آلامها واختفت صور عديدة من
صور الشقاء فيها .. لكن هذا حديث آخر .. أرجو ألا يفسد علينا هذه اللحظة السعيدة
فشكرا لهؤلاء السيدات الفضليات وشكرا لك أنت أيضا على رسالتك البهيجة هذه.
نشرت في جريدة الأهرام "باب بريد الجمعة" عام 1987
راجعها وأعدها للنشر / نيفين علي
برجاء عدم النسخ احتراما لمجهود فريق العمل في المدونة وكل من ينسخ يعرض صفحته للحذف بموجب حقوق النشر