الجولة الأولى .. رسالة من بريد الجمعة عام 2001
أنا سيدة في الثلاثين من
عمري, تزوجت منذ ثماني سنوات بالطريقة التقليدية من قريب لي لم أره إلا حين جاء
ليخطبني, ووافقت أمي عليه لأنه من عائلة كريمة, ووافقت أنا بالتالي لأني لم
يكن لي ارتباط بأي إنسان, فأنا من النوع الملتزم دينيا وخلقيا والحمد لله,
ولقد أحببته خلال فترة الخطبة, وكان هو يحبني جدا ويحاول بشتى الطرق إسعادي,
لكني اكتشفت بعد الزواج أنه كانت له مغامرات كثيرة. وأنه من النوع المدلل لأنه
الولد الوحيد وضعيف الخبرة بأمور الدين فكنت أعلمه أشياء كثيرة لم يكن يعرفها وعشت
معه في سعادة وأنجبت منه ثلاثة أبناء, ثم وأنا في حملي الأخير منذ سنتين بدأت
ألاحظ عليه تغيرا في أحواله فهو يقضي معظم الوقت خارج البيت, مع العلم أنه لا
يعمل ويعيش على ميراثه من أبيه لأنه لا يتحمل أوامر رؤسائه في العمل.
واكتشفت بالمصادفة البحتة خيانته لي فلم أقل له شيئا وكتمت أحزاني في قلبي وبدأت
ألمح له عن أن هذه الأشياء حرام وعقابها عند الله كبير وكان أهله يساعدنني كثيرا
في ذلك وبعد فترة أحسست أنه تحسن بعض الشيء وبدأ يصلي ويقرأ في كتب الدين وفرحت
بذلك لكني كنت أحس دائما أنه يخفي شيئا عني, إلى أن أخبرني ذات يوم أنه تزوج ممن
كان يعرفها وأني لو طلبت الطلاق فسيطلقها هي الأخرى, وقد أخبرها بذلك واشترط
عليها ألا يعيش معها وأن يقضي يومين فقط في الشهر عندها كما أنها لن ترث منه شيئا
وعرفت أنه تزوجها من غير علم أهلها وأنها أقل منه بكثير في المستوى الاجتماعي مع
العلم أني لم أقصر في حقه يوما في أي شيء, كما أني على قدر كبير من الجمال,
والغريب أن كل من حولي يرون في زوجي أنه رجل عينه زائغة وليس هناك أي مبرر لان
يتزوج من أخرى لكني كنت أثق فيه كثيرا.
والمشكلة هي أنني أريد وبشدة الآن أن أتركه لأني أحس باشمئزاز منه, لكن أولادي
هم نقطة ضعفي لأنهم متعلقون بأبيهم للغاية ووالدته تطالبني ألا اترك البيت وهو
يقسم بالله أنه يحبني ولا يستطيع أن يعيش مع الأخرى ويتركني, وأنه لا يرتاح مع
غيري وكل من حولي يقولون إنه لو ترك هذه فسيعرف غيرها لأنه من النوع الذي لا يكتفي
بواحدة.. فماذا أفعل يا سيدي وأنا أحس بظلم كبير.
أرجو أن ترد علي في أقرب وقت.
ولكاتبة هذه الرسالة أقول:
انسحابك من أول جولة يعني تسليمك بالهزيمة قبل أن تبدأ المعركة.. وليس من صالحك ولا من صالح أبنائك أن تخلي أنت الطريق على الفور للأخرى لكي تنفرد بزوجك دونك.. وإنما الأقرب إلى المنطق هو أن تكافحي كفاح الأبطال لاسترداد زوجك واجتذابه إليك وإلى أبنائه وأسرته.. وأن تبذلي في هذا السبيل كل ما تملكين من طاقة وجهد.. وكل الأسباب ترشحك لذلك, فأنت الزوجة.. والأم.. والأبناء والحياة العائلية الفاضلة.والأخرى هي النزوة..
والمغامرة والمتعة العابرة وإذا كان هناك من ينبغي له الانسحاب من حياة زوجك فلتكن
الأخرى ولست أنت ولابد أن تقاومي مشاعرك الطارئة بالنفور من زوجك بعد علمك بزواجه
وأن تستعيدي حميمية العلاقة بينك وبينه وأن تشعريه دون صدامات معه بتأنيب الضمير
على ما فعل بك وبعدم احتياجه النفسي والعاطفي إلى سواك, فإذا بذلت كل ما تملكين
من جهد في هذا السبيل وصمدت للتحديات.. واستنفدت كل الحيل دون طائل وعجزت بعد
طول المجاهدة عن الاستمرار.. فقد يكون لك حينذاك الحق في اختيار ما ترينه ملائما
لحياتك دون أن يلومك احد.
أما الانسحاب الفوري والسقوط
من أول طلقة فليس مما تنصح به زوجة محبة وأم مثلك ولا هو في صالحك وصالح أبنائك
الصغار.
· نشرت في جريدة الأهرام "باب بريد الجمعة" عام 2001
راجعها وأعدها للنشر / نيفين علي
برجاء عدم النسخ احتراما لمجهود فريق العمل في المدونة وكل من ينسخ يعرض صفحته للحذف بموجب حقوق النشر