وكيلة محام .. رسالة من بريد الجمعة عام 1984

 

وكيلة محام .. رسالة من بريد الجمعة عام 1984

وكيلة محام .. رسالة من بريد الجمعة عام 1984

بدون مقدمات سأقول لك إنني فتاة عمري ٢٤ سنة راسبة في دبلوم التجارة كنت أعمل "وكيلة محام" وكان محاميا وتأجرا في نفس الوقت فكنت أجلب له الزبائن وأعقد له الصفقات.. وكانت ظروف العمل تضطرني للسفر والاغتراب والمبيت أحيانا خارج البيت ولم يكن أحد من أسرتي يسأل عني أو يهتم بي، وقد تتصور أنني أكتب إليك لأطلب منك عملا أخر، لكن هذا غير صحيح لأني أكتب إليك لأني أطلب منك عريسا لي !

 إنني أعرف أن بريد الأهرام لا ينشر طلبات الزواج لكني أرجو ألا تجعل من ذلك سببا للإحجام عن مساعدتي فكل ما أريده منك هو اسم و عنوان شاب أو رجل يرغب في الزواج وسأتصل "أنا" به وأعرض عليه رغبتي في الزواج منه "واعذرني في هذا الأسلوب لأني لا أعرف كيف "أصيد" العرسان کما نجحت كل جاراتی وصديقاتي في "صيدهم".

 

فلقد تزوجت بنات الحي واحدة وراء أخرى ولم يبق غیري وأصبحت أخشى عيون جاراتي وقريباتي.. اللاتي يتساءلن بنظراتهن كلما زفت عروسة جديدة وكأنهن يسألنني: "وأنت متى ستتزوجين؟ "ولقد أصبحت أكره هذه النظرات في عيون قريباتي وجاراتي وأكره أن التقي بهن في فرح.. أو في مناسبة اجتماعية.. وأقول لنفسي وماذا أفعل يا ربي هل اشتري عريسا.. ومن أين؟

 

أنت لا تعرف حجم الحسرة التي تحس بها فتاة في سن الزواج كلما تزوجت صديقة لها، وخصوصا إذا كانت أصغر منها بكثير.. وأنت لا تعرف معنى أن توجد هذه الفتاة في فرح وترى صديقاتها وكلهن متزوجات وفرحات بأزواجهن، حتى ولو كانوا أزواجا "لا يسرون الخاطر".. والفتاة وحيدة وسطهم تضع يدها على خدها!

 إنني والله العظيم فتاة متدينة ومظهري حسن وعلى قدر متوسط من الجمال وعندي أخلاق.. وأنا شريفة.. وطاهرة.. وليس بي ما يخجل أبدا.. لكن كل ذلك لا يفيدني بشيء.. وليس أمامي غيرك لأكتب إليك أرجوك أن "ترزقني" بعريس يرفع معنوياتي.. ويحفظ کكرامتي أمام زميلاتي.. أي عريس.. یا سیدی.. ولو "حرامي"! فسأرضى به وأقبله فأنا أريد أن أذوق طعم الفرحة في حياتي وأريد الاستقرار والأمان.. فطوقني "بجميلك" هذا ولن أنساه لك طوال عمري والسلام.

 إمضاء..".

 

ولكاتبة هذه الرسالة أقول:

لقد أخطأت الطريق إلى ما تطلبين يا آنستي .. لكن رسالتك تكشف عن دلالات اجتماعية خطيرة.. فإلى هذا الحد تتهافتين على طلب الزواج يا آنستي وأنت مازلت في الرابعة والعشرين من عمرك إلى حد أن تطلبي زوجا ولو كان لصا.

ثم تعلنين بجرأة أنك ستقبلينه وترضين به !.. إنني لن ألومك وحدك فلا شك أن زلزالا عنيفا قد هز القيم وغير الكثير مما كنا نعرفه عن المثل والشرف و الحياة الشريفة.. وإني لاعتبر رسالتك هذه شهادة خطيرة على ما جرى لمفاهيم البعض من تغيرات و تحولات.. لكني سأقول لك فقط إنني لا أؤيدك في تفكيرك ولا أستطيع أن أساعدك فيما تريدين ولا أظن أن قيمك هذه تغري أي طالب زواج بالاقتراب منك.. "فتماسکي" قليلا لكي لا تقبلي ما لا تقبله الحرة، ولکي لا تجدي نفسك في النهاية وقد تزوجت ممن هو أسوأ من "حرامی"! ولعلك تفهمين ما أعني!.

 

فالزواج ليس "صيدا وقنصا" كما تتصورين وإن كنت "متدينة" وكفاك ما تقولين عن نفسك .. فلا شك أنك تعرفين أن الله وحده سبحانه وتعالى هو من "يرزق" بالعرسان وبكل شيء .. وليس أحدا سواه ..

وربما تعرفين أيضا أن الأمور تجري بالمقادير وأنك لن تحققي شيئا من وراء التهافت المعيب سوى أن تخسري نفسك وكرامتك في النهاية.

رابط رسالة تاجر شنطة تعقيبا على هذه الرسالة

 ·       نشرت في جريدة الأهرام "باب بريد الجمعة" عام 1984

راجعها وأعدها للنشر / نيفين علي


Neveen Ali
Neveen Ali
كل ما تقدمه يعود إليك فاملأ كأسك اليوم بما تريد أن تشربه غداً
تعليقات