الابتسامة الشاحبة .. رسالة من بريد الجمعة عام 1989
الإنسان تاريخ وليس موقفا عابرا نحكم به على جوهره الأصيل .. وتاريخ بعض الناس يثبت بالدليل نبلهم وقدرتهم على العطاء النفسي والمادي للآخرين .. والعطاء قيمة إنسانية لا علاقة لها بما يملك الإنسان ولا برصيده .
وأمثال هؤلاء تتسم طباعهم بكرم
النفس ونبل الأخلاق والقدرة على الصفح والنسيان اللذين لولاهما ما ابتسمت وجوه في
وجوه .. وهم لا يسمحون للحقد بأن يلوث قلوبهم لأنهم يعرفون أن الحقد هو ثروة
الفاشلين والمغرورين وحدهم .. ويعرفون أيضا أن الحياة قصيرة وأنها أكثر قيمة من
أن يبددها الإنسان في إيلام الآخرين والتلذذ بما يصيبهم من كوارث.
عبد الوهاب مطاوع
أكتب إليك بعد قراءتي للرسالتين اللتين تحدثتا عن الانتقام .. الشخصي منه
والإلهي لأروي لك قصتي وأسألك النصيحة.
فقد بدأت قصتي عندما تخرجت في الجامعة وتقدم لي شاب مهذب وعلى خلق يخطبني
فلم أشعر تجاهه في البداية بأية عاطفة أكثر من قبوله نفسيا لكني مع مرور الوقت
بدأت أنجذب إليه بشدة وأحبه وتوثقت العلاقة بيننا حتى أحسست كأني أحبه منذ سنوات
طويلة .. أما هو فقد تفجرت ينابيع الحب في قلبه منذ البداية وعبر لي عنه بلا تحفظ .. وكان
كغيره من الشباب في بداية حياته تخرج في إحدى الكليات منذ 3 أعوام ويعمل في أحد
مصانع القطاع العام, ويعمل بعده في مصنع أخر تابع للقطاع الخاص ويعمل بالساعه في
مصنع ثالث,ويبدأ يومه في السابعة صباحا فيعمل بلا إنقطاع حتى العاشرة مساء وأحيانا
حتى الثانية عشرة ليوفر متطلبات الزواج والشقة ويخطف اللحظات التي يمر علي ببيتي
فيها ليتحدث معي ويبثني حبه وهيامه ويقضي يوم الجمعة معي من الصباح حتى المساء , وكلما
تجمع لديه مبلغ حفظه لدي ليدخر مقدم الشقة.
وأصر رغم ظروفه على أن يقدم لي شبكه محترمة لكيلا أبدو في مظهر أقل من
زميلاتي.
وبعد عام من الكفاح المتواصل دفع مقدم الشقة عن طريق جمعية الإسكان بالمصنع
الذي يعمل به, وكانت قوة إرادته بلا حدود , ويعمل حتى يسقط من الأعياء وكلما جاءني
مرهقا متعبا أحسست بالشفقة عليه وواسيته فيقول لي بابتسامته المرهقة الشاحبة أنك
تستحقين التعب من أجل الفوز بك وأن أيام الراحة سوف تجئ بعد أن يضمنا عشنا الصغير.
ومر عامان ونحن علي هذا الحال .. ثم
بدأ أبي يضيق به ويقول لي عنه أنه فقران وسوف يفقرك معه, وأن من الأفضل أن أرتبط
بمن يستند إلى إمكانات مادية تغنيني عن مواجهة الحياة, ورفضت أن أسمع لأبي.. لكنه
ظل متمسكا برأيه وكلما مر شهر بغير تقدم أعاد علي نفس الحديث..حتي بدأت ثقتي في المستقبل
تهتز وطالب أبي خطيبي بإيجاد الشقه خلال 3 شهور وإلا اعتبر الموضوع منتهيا , فأبلغه
خطيبي أنه سيستلمها بعد عام وأنه يفعل كل ما يستطيع شاب مثله أن يفعله وفي إصراره
على الدفاع عن حبه عرض علي أبي أن نتزوج في بيته مع أمه وأبيه وأخوته حتى يتسلم الشقة
ورفض أبي , فعرض عليه أن نتزوج في بيتي مع إخوتي فرفض أيضا وإنصرف خطيبي من بيتنا
محطما.. وأتصل بي يسألني عن مدى تمسكي به فقلت له أني متمسكه به في حدود ألا أخرج
على طاعة أبي .. ورضي هو بذلك ووعد بأن يستمر في محاولات إقناعه ومضت على هذه
الواقعة أسابيع إزداد خلالها إلحاح أبي.. ولجأت إلى أمي أسألها ففكرت طويلا ثم
قالت لي أن المال يذهب ويجئ أما الحب الصادق فهو كالصحه إذا ضاع فلا يعوض.. فاختاري
لنفسك ما تشائين .
وفي وسط هذه الحيرة جاءني خطيبي فاستقبلته بفتور لأول مرة منذ ارتباطنا
وبعد قليل دخل أبي الصالون وأشار إليّ بأن أنصرف وراح يحدثه في الأمر ويطلبه
بالانسحاب مادام غير قادر على تكاليف الزواج ويؤكد له أن هذا هو رأيي أيضا.. فطالبه
خطيبي وهو كغريق الذي يتعلق بقشه أن يسمع ذلك مني شخصيا ونهض أبي يستدعيني وأوقفني
أمام خطيبي ثم سألني هل أنت مستعدة للإنتظار عامين آخرين وربما ثلاثة حتى يتسلم
خطيبك الشقة فنظرت إلى خطيبي فوجدته ينظر إليّ وهو يرتجف كأنه ينتظر حكم الإعدام ..
فخفضت رأسي وأجبت بالنفي ومن تحت عيني لمحته منكسرا شاحب اللون .. وهممت بالانصراف
فأمسك أبي بيدي وجذبني مرة أخرى وسألني أليس من الأفضل لكل منكما أن يبحث عن حياته
في مكان آخر.. فأسرعت بالخروج صامته وبكيت في حجرتي طويلا .. وعلمت بعد ذلك أن
خطيبي قد رفض أن يسترد الشبكه وهداياه .. وأنه خلع دبلته وتركها على مائدة الصالون
وخرج حزينا فأرسل أبي أخي إلى بيته ليعيد له الشبكة التي تركها وهداياه فلم يجده
فيه ووجد أمه التي استقبلته بالعتاب والدعاء على من كسروا قلب ابنها ولم يرحموا
ضعفه .
وفي اليوم التالي فوجئنا بشقيقه الأصغر يعيد إلينا الهدايا مرة أخرى مع
رسالة منه أنها أصبحت من حقي ولا يريدها وانشغلت بأمور الدنيا بعد ذلك وبعد شهور
جاءني أبي بخطيب جاهز من كل الوجوه عمره 36 سنه ويكبرني بـ 12 سنه ويملك شركة
ومحلا لبيع الأدوات الكهربائية.. ودخل الخطيب الجديد بيننا يرتدي الملابس الفاخرة
ويلمع الذهب في خاتمه الكبير وساعته التي حرص في أول مناسبه أن يقول لي أن ثمنها
ألف جنيه .. وأن ولاعته ثمنها خمسمائه جنيه ولم أشعر تجاهه لا بالقبول ولا بالنفور
وتركت للأيام أن تقرب بيننا كما قربت من قبل بيني وبين خطيبي السابق, ولاحظت بسرعة
الفارق الكبير بين الشخصيتين وبين فترة الخطبة مع كل منهما.. فخطيبي الجديد
يصطحبني إلى الأماكن الفاخرة ويحب أن يستعرض أمامي ثراءه وفخامته.. ويدفع بقشيشا
خمسة جنيهات لجارسون المطعم لكي يقدم له تحيه لائقة عند دخوله, وفي يوم إعلان
الخطبة دعانا إلى العشاء في ملهى ليلي ورفضت أمي أن تصحبنا فذهبت مع أبي وشقيقي
وشقيقتي وزوجها واثنين من أشقائه وأمضينا السهرة سعداء حتى صعقت حين جاءت الفاتورة
بمبلغ يزيد على ثلاثمائه جنيه دفعها راضيا وفوقها عشرون جنيها كبقشيش!
وتذكرت في هذه اللحظة خطيبي السابق البائس وتصورت كم كان يعني مثل هذا
المبلغ له وواصلت المشوار مع خطيبي الجديد وتم الزواج خلال شهور وانتقلت إلى شقته
الجاهزة بمدينة نصر وبدأت حياتي معه سعيدة وسهلة.. لكني لاحظت بعد شهور قليلة أن
كرمه الذي بهرني به خلال الخطبة قد بدأ يتراجع شيئا فشيئا, وفسر ذلك بأن هناك حالة
ركود في السوق وأن الأرباح قد قلت , ثم أنجبت منه طفلا وبعد الولادة تكشفت لي
الحقيقة كاملة.. وهو أنه ليس كريما كما حاول إيهامي ولا ثريا بالدرجة التي تتناسب
مع مظهره وإنفاقه في خلال الخطبة كما أنه صندوق من الأسرار لا أعرف عنه شيئا.. ولا
أعرف ماذا يملك أو ماذا يكسب أو أي شئ.. وشيئا فشيئا وجدت نفسي أعيش في مستوى لا
يختلف عن مستوى حياتي مع أسرتي إن لم يكن أقل.. وبدأ يحاسبني عن كل قرش وكل مليم
ويرفض أن يشتري لي أي شئ خاص بي وكنت قد حصلت على أجازة بدون مرتب منذ زواجي , فعرضت
عليه أن أعود للعمل لأجد ما أنفقه على متطلباتي الشخصية فرفض ثم بدأ يغيب عن البيت
في المساء ويعود قرب الفجر فإذا عاتبته إنفجر في ساخطا ولاعنا بأفحش السباب, ثم
تطورت الأمور بعد ذلك إلى الاعتداء علي بالضرب في كل مناسبة أمام طفلي الذي يبلغ
من العمر 3 سنوات ولجأت إلى أبي فلم تفلح جهوده وكان قد أحيل إلى المعاش وتسلم
مكافأه نهاية الخدمة ووضعها في إحدى شركات الأموال ورتب حياته على المبلغ الشهري
الذي يحصل عليه منها مع المعاش وأصبحت حياة أسرتي صعبة بعد خروجه من العمل وتكرر
غياب زوجي وإنصرافه عني وتكرر اعتداؤه علي بالضرب وتقتيره الشديد على بيتي..
وجاءني صبي المحل باللحم والخضار ذات يوم فاستدرجته في الحديث حتى عرفت منه أنه
يحمل نفس الأشياء إلى شقه أخرى في نفس الحي .. منذ حوالي سنة وعاد زوجي فاستجمعت
شجاعتي لمواجهته فاعترف ببساطة بأنه متزوج من فتاة كانت تعمل معه في المحل وأنه
يجد لديها ما لا يجده عندي وأنه غير مستعد لطلاقها وعلي أن أقبل ذلك أو أفعل ما
أريد.. فطالبته بالطلاق فطالبني بكل برود بالتنازل له عن كل حقوقي المادية بل
وبإعادة الشبكة الثمينة والهدايا له !
فتذكرت فجأة خطيبي السابق الذي لم يكن يملك شيئا ومع ذلك حاول التنازل عن
الشبكة وتعفف عن استرداد الهدايا..
وتذكرت فجأة اللحظة الحاسمة التي خذلته فيها أمام أبي وأحسست أن الله ينتقم
له مني ولا أطيل عليك .. فقد تنازلت له عن كل شئ حتى عن نفقة الطفل مقابل ألا
يطالب به حين يبلغ السن القانونية.. وغادرت شقته بملابسي التي دخلتها بها وعدت إلى
بيت أبي لأجد نفسي مطلقة في الثلاثين وعندي طفل عمره 5 سنوات ولا مورد لي فخرجت إلى
العمل لأعول ابني .. وواجهت الحياة وحيدة بلا مال ولا زوج ولا نصير, وقد تزوج
شقيقي الأصغر في شقة الأسرة فأصبحت أنام مع طفلي على مرتبة في غرفة الصالون نرفعها
في الصباح.. وكلما انحنيت لأطويها تذكرت خطيبي السابق الذي كان يحلم بالحياة معي
تحت أي سقف وأتساءل بيني وبين نفسي ترى أين هو الآن؟!
ولم يطل تساؤلي فبعد عام من طلاقي فوجئت بأبي يقول لي بعد تردد أنه كان
يجلس في المقهى القريب الذي يمضي فيه ساعات الصباح فإذا بسيارة 128 تقف وينزل منها شاب توجه إليه وقال بإحترام
صباح الخير يا عمي .. وإذا به خطيبي السابق الذي روي له أنه بعد رفضنا له.. استمر
في كفاحه لمدة شهور حتى سقط من الاعياء ودخل المستشفى فأمضى به شهرا ونصحه الأطباء
بالإعتدال في بذل المجهود والاهتمام بغذائه.. وغادر المستشفي وقرر الاكتفاء بعمل
إضافي واحد فكافأه الله على كفاحه بأن هيأ له فرصة عمل في الخارج فسافر وأمضى 5
سنوات واكتفى بما حققه فعاد إلى وظيفته الأصلية في المصنع وتسلم الشقة التي كان قد
حجزها ودفع باقي مستحقاتها.
وأنه عوض أمه وأباه عن كفاحهما معه وهيأ لهما فرصه الحج على نفقته ثم قال
لي أبي بعد ذلك أنه لم يتزوج حتى الآن ويعرف كل شئ عن ظروفي .. بل وظروف أبي الذي
تعسرت حياته بعد كارثة شركات الأموال وتوقف مورده منها.. وأنه يعرض عليه عملا
إدرايا بعقد مؤقت في المصنع الذي يعمل به بمائة وخمسين جنيها في الشهر!
وسألني أبي متحيرا.. ترى هل يريد مساعدتنا فعلا أم أنه شامت بنا وبك .. فبكيت
ولم أستطع الجواب .. أما أمي فقد إنفجرت فينا قائلة أننا ظلمناه في البداية وفي
النهاية وأننا لسوء طويتنا نرفض أن نصدق أن هناك أناسا طيبين وليسوا مثلنا !
وبعد تردد قصير قبل أبي مساعدته وإلتحق بالعمل معه.. وأصبح يراه كل يوم
ويعود ليحكي لي عنه أنه شاب مستقيم وموضع إحترام كل زملائه وأنه من بين زميلاته من
تتمناه زوجا لها لكنه عازف عن الزواج لأنه فقد الثقه في الفتيات!
وذات يوم عدت من عملي فقابلني أبي على باب الشقة مبتهجا وقال لي أن لدينا
ضيفا في الصالون يريد أن يراني.. فارتبكت وكدت أعود من حيث أتيت لكنه جذبني من
ذراعي وأدخلني الصالون فوجدت نفسي أمامه فجأة جالسا يداعب ابني فنهض مبتسما نفس
الابتسامة المرهقة الشاحبة التي كنت أراها في وجهه في الأيام الماضية..
ومد يده فمدت يدي إليه وأنا في قمه الخجل.. ولاحظت أنه لم يتغير فيه شئ سوى بعض الشعيرات البيضاء التي ظهرت في جانبي رأسه فزادته جاذبية.. وسألني عن أحوالي فلم أجبه سوى بالدموع.. وبالاعتذار له عما سببته له من آلام وأطلب منه أن يسامحني لكي أنجو من عقاب السماء.
ولــكـاتــبـة هــــذه الرســالة أقــــول:
إنني أرجو يا سيدتي ألا يٌثبت أبوك غفر الله له بشكوكه في نوايا هذا الشاب
الأمين ما قاله المتنبي يوما من أنه إذا ساء فعل المرء ساءت ظنونه.. وإلا فلماذا
لا يصدق أن في الدنيا فضلاء لا يتآمرون على أحد ولا يتشفون فيما يصيب الآخرين من
بلايا حتى ولو كانوا قد آذوهم ولم يرحموا ضعفهم في سابق الأيام.
لقد اثبت فتاك في كل فصول قصته معك أنه شاب كريم النفس نبيل وأنه من
القادرين على الصفح والنسيان اللذين لولاهما ما ابتسمت وجوه في وجوه .. وأمثال هذا
الشاب لا يسمحون للحقد بأن يلوث قلوبهم لأنهم يعرفون أن الحقد هو ثروة الفاشلين
والمغرورين وحدهم .. أما غيرهم فهم يعرفون أن الحياة قصيرة وأنها أكثر قيمة من أن
يبددها الإنسان في إيلام الآخرين والتلذذ بما يصيبهم من كوارث.
والإنسان تاريخ يا سيدتي وليس موقفا عابرا نحكم به على جوهره الأصيل .. وتاريخ
هذا الشاب معك يثبت بالدليل أنه إنسان نبيل وقادر على العطاء النفسي والمادي
للآخرين.
والعطاء قيمة إنسانية لا علاقة لها بما يملك الإنسان ولا برصيده وخواتمه
وساعاته الذهبيه لهذا فقد تعفف فتاك عن أن يسترد هداياه وحاول التنازل عن الشبكة
لك وهو في حكم المحتاج.
في حين أصر زوجك السابق على حرمانك من حقوقك المادية المشروعه وعلى استرداد
شبكته وهداياه وهي من حقك شرعا وقانونا وهو في حكم القادر.
فإذا كان الأمر كذلك فكيف نتشكك في نيات مثل هذا الشاب.. وكيف نتشكك في أن
رغبته فيك ليست مجرده من الأهواء , وكيف نتشكك في صفاء نفسه وقد سعى متطوعا إلى
مساعدة أبيك رغم ما لقيه من هوان على يديه.
لقد كان كريما معك في البداية.. وسوف
يكون كريما ومتفانيا معك إلى النهاية بإذن الله لأنه شاب على خلق واستقامته في
الحياة وبره بأبويه وإحترام الآخرين له يؤكد ذلك بكل وضوح.. ويكفي أنه وهو القادر
الآن على أن يرتبط بأي فتاه أخرى .. لم يبحث إلا عنك .. ولم يحاسبك عما جنيت في
حقه ولو يتوقف عند ظروفك الحالية التي قد لا تغري غيره. ولم يدخل البيوت إلا من
أبوابها.. فماذا تريدين منه أكثر من ذلك دليلا على صفاء قلبه وصدق نياته؟ ثم ألم
تجربي الحسابات الدقيقة من قبل فكانت نتيجتها وبالا عليك فلم إذن لا تثقين فيما
فطر عليه قلب الإنسان من خير وتسلمين الأمر لصاحب الأمر وكل الشواهد تؤكد أنك لن
تخسري شيئا وإنما ستفوزين بالسعادة والإستقرار اللذين ضللت الطريق إليهما من قبل.
أما مطلبه بإسترضاء أمه ومشاركته محاولاته لإقناعها فهو مطلب عادل ومشروع ..
بل ودليل جديد على استقامة هذا الشاب وحرصه على ألا يسعى إلي سعادته بغير مراعاة
لمشاعر أمه التي عاصرته في أيام محنته .. وهي لن تحتاج إلا إلى هذه الترضية
البسيطة وما أظنها سوف تختلف عنه في سماحته وكرمه.
فإبذلي قليلا من الجهد هذه المرة يا سيدتي للتمسك بأحلامك والدفاع عن سعادتك..لأن الفرصة التي أعطاها لك الدهر لن تعيدها لك الأبدية .. كما يقول الفيلسوف الألماني شيللر.. وما أهون هذه التضحيه البسيطة إذا قيست بما عاناه فتاك من آلام وإجحاف حتى أن أمك العظيمة قد قالت لك بصراحة قاسية أنها لو كانت في موقف أمه لما ارتضتك لابنها .. فماذا تنتظرين إذن؟!
· نشرت في جريدة الأهرام "باب بريد الجمعة" عام 1989
كتابة النص
من مصدره / بسنت محمود
راجعها وأعدها للنشر / نيفين علي
برجاء عدم النسخ احتراما لمجهود فريق العمل في المدونة وكل من ينسخ يعرض صفحته للحذف بموجب حقوق النشر