النداء .. رسالة من بريد الجمعة عام 1990
إن تحقير الزوجة بما يجرح مشاعرها ويسهم فى إسقاط إعتبارها أمام أبنائها جريمة لا يجوز لمنصف أن يرتكبها حرصا على كرامة زوجته التى تشاركه حياته وتحمل اسمه .. وحرصا على معنويات أطفاله الذين يتعرضون لمتاعب نفسيه لا حصر لها إذا اهتز مثال الأم والأب أمام أنظارهم .. ثم حرصا على كرامته هو نفسه التى قد تتعرض للخطر إذا تطور إلى مشاجرات مستمرة وإهانات متبادلة بين الطرفين .. وهم في حاجة إلى تذكرتهم بقول الرسول الكريم ﷺ "أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا وألطفهم بأهله"
عبد الوهاب مطاوع
أنا زوجة أبلغ من
العمر 35 عاما .. حاصلة على بكالوريوس الهندسة ومن عائلة محترمة ومتزوجة
من طبيب .. ولنا أبناء كلهم ذكور, منهم ثلاثة توائم, وكلهم يتعلمون في مدارس
أجنبية .. وقد أمضينا فى إحدى الدول العربية عشر سنوات وأدينا أنا وزوجي فريضة
الحج 5 مرات .. ثم عدنا إلى بلادنا الحبيبة لنكمل بقية المشوار .. ومشكلتي يا سيدي
تتلخص فى أنه منذ عدنا إلى بلادنا منذ عامين , وزوجي الطبيب المحترم يغيظني ولا
يناديني أمام الأولاد إلا ب "أم منخار" فيقول مثلا أعملي كذا يا أم
منخار .. هاتى كذا يا أم منخار .. أيه رأيكم يا أولاد فى أم منخار .. وبدون سبب أو
غضب يفعل ذلك.
إنني لا أمدح نفسي
لكن شكل وجهي منسق جدا .. وأنا سيدة محترمة بين الأقارب والأصدقاء, وزوجة مطيعة لزوجي
وهادئة ومنظمة وسيدة بيت إلى أقصى حد .. وقد رفضت الوظيفة وفضلت رعاية زوجي وأولادي
.. فهل يصح بعد المشوار اليومي المتعب من غسيل وطبيخ وتنظيف وكي الملابس ثم المذاكرة
ل 5 أبناء كل دروسهم بالإنجليزية, أن يأتي زوجي الطبيب المحترم ويناديني بيا أم
منخار بدلا من إسمى , أو بدلا من اسم أكبر أبنائي !
لقد حاولت التفاهم
معه باللين .. فلم يرتدع, فهددته بمغادرة البيت فقال لى .. لماذا هل ضربتك بسكين ؟
.. إنها مجرد كلمة "حقيقية" أقولها .. وقد صبرت سنين وأريد أن أناديك
بما أكتمه فى صدري !
فهل هذا يرضى الله
.. يا سيدي ؟
لقد فكرت فى
الانتحار أكثر من مرة .. ولم يمنعني عنه سوى خوفي من غضب الله .. وفكرت فى الطلاق,
لكن ما هو ذنب الأبناء الخمسة فى أن أعرضهم للبهدلة .. لمثل هذا السبب.
وقد حرت كيف أتصرف
مع هذا الرجل .. علما بأني لا أجد شكلي فى حاجه إلى جراحه لأن وجهي مقبول جدا .. وزوجي
ليس فى حياته امرأة أخرى ولا يكرهني .. لكنه يصر على أن يحرق دمي بهذه العبارة
عشرات المرات كل يوم فماذا أفعل معه .. وأليس هذا حراما يا سيدي ؟
ولــكاتـبـة
هــذه الــرســالة أقــول:
نعم حرام يا سيدتي
ما دمت لا تتقبلين هذه الدعابة السخيفة وتستشعرين فيها الإساءة أمام نفسك .. وأمام
أبنائك . وتعمد تحقير الزوجة بما يجرح مشاعرها, ويسهم فى إسقاط اعتبارها أمام
أبنائها جريمة لا يجوز لمنصف أن يرتكبها .. حرصا على كرامة زوجته التي تشاركه
حياته وتحمل اسمه .. وحرصا على معنويات أطفاله الذين يتعرضون لمتاعب نفسيه لا حصر
لها إذا اهتز مثال الأم والأب أمام أنظارهم .. ثم حرصا على كرامته هو نفسه التى قد
تتعرض للخطر إذا تطور هذا الهذر إلى مشاجرات مستمرة .. وإهانات متبادلة بين
الطرفين فى هذا التصرف .. وحسبه أن يتذكر أن الإشارة إلى ما يكره الإنسان أن يشير
إليه أحد , ليس من آداب التعامل بين الغرباء .. فكيف بها بين من جمعت بينهما
المقادير فى حياة واحدة ؟
طالبيه يا سيدتي
بحزم بالكف عن هذا النداء البغيض .. وحاولي من ناحية أخرى ألا تظهري ضيقك الشديد
به حتى لا يتمادى فيه, فبعض الناس يسعدهم إغاظة الآخرين .. ويفتر حماسهم إذا أحسوا
بأن سهامهم لم تصب أهدافها .. وذكريه دائما بقول الرسول الكريم "أكمل
المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا وألطفهم بأهله"...
فلا ينقصن إيمانه,
بهذا التصرف الصغير .. وشكرا.
· نشرت في جريدة الأهرام "باب بريد
الجمعة" في ابريل عام 1990
شارك في
إعداد النص / بسنت محمود
راجعها وأعدها للنشر / نيفين علي
برجاء عدم النسخ احتراما لمجهود فريق العمل في المدونة وكل من ينسخ يعرض صفحته للحذف بموجب حقوق النشر