لمـاذا أنام ؟ .. رسالة من بريد الجمعة عام 1999

 لمـاذا أنام ؟ .. رسالة من بريد الجمعة عام 1999

لمـاذا أنام ؟ .. رسالة من بريد الجمعة عام 1999


هل تتذكر مشكلة "النوم" التى كتبها الزوج المؤلف المشغول دائماً بعمله ويتهم فيها زوجته الفاضلة المخلصة المتفانية فى خدمة بيته وأولاده بالنوم .. أن سؤالي له هو لماذا لم يسأل نفسه يوماً ما الذى يدفع زوجته لهذا السلوك؟

إن لى نفس ظروف هذه الزوجة المطحونة نفسياً وجسمانياً فأنا متزوجة من عشرين عاماً وأحب زوجي وأولادي, وليس لي سواهم فى الوجود.

وزوجي يعمل أستاذاً جامعياً, كل حياته وهمه هو كتابة المحاضرات والرسائل العلمية والقراءة ومشاهدة مباريات كرة القدم فى جميع المحطات المحلية والعالمية ويذهب إلى الجامعة يومين فقط فى الأسبوع وكل حياته هى حجرة السفرة التى لا ترى فيها سوى الكتب العلمية وليس لها أى استعمال آخر ولا أتمكن حتى من دعوة أحد على الطعام سوى فى رمضان وبعد إلحاح شديد أن يترك لنا جزءاً من غرفة السفرة للاستعمال.

إنني أرجع من عملي الساعة 4 إلى تحضير الطعام وفى أحيان كثيرة لا يشاركنا زوجي حيث أنه مشغول بالكتابة أو مشاهدة مباراة ثم أذهب إلى النوم وبعد ذلك أستيقظ لتحضير العشاء وتحضير أى شئ فى المنزل لليوم التالي إو إعداد شئ للأبناء ومساعدتهم ثم أذهب إلى النوم مرة أخرى للاستعداد لليوم التالي والاستيقاظ الساعة 6:30 صباحاً وهكذا.

ولم يسأل الزوج نفسه أبداً لماذا أهرب إلى النوم؟ إنني ألجاً إليه أولاً لأنني مجهدة وثانياً لأن حياتي روتينيه ولا أريد أن أترك زوجي الذى يشتكى من الوحدة ولأنني يمكنني أن أكون مستيقظة فأذهب لزيارة أهلي وأصدقائي أو دعوتهم إلى المنزل أو دعوة أصدقاء أولادي أو قضاء اليوم فى النادى لكنى لا أريد أن أترك زوجي وحده بين كتبه فى المنزل وهو لا يدعونني مرة للغذاء فى الخارج أو مع الأولاد أو قضاء نهاية الأسبوع فى مكان خلوي صحي رغم أن لنا أصدقاء كثيرين وهو يفضل المنزل والكتب.

فماذا أفعل يا سيدى سوى أن أذهب إلى النوم أو أقرأ القرآن أو الكتب فى السرير وهو ساهر بين المحاضرت والكتب .. وهل يريدني أن أظل جالسة على الكرسي منتظرة له حتى الساعه 6 صباحاً أو بعد ذلك كل يوم؟ لقد رددت على كاتب رسالة النوم بأن زوجته تحتاج إلى مساعدة وفعلا هى تريد مساعدة نفسية وتريد أى شئ يجعل للحياة طعماً آخر مع الزوج يستدعى الاستيقاظ وليس الهروب بالنوم بعد أن قامت بواجبها على أكمل وجه فليساعدنا الأزواج بالاهتمام بنا وتخصيص الوقت الكافي لنا وبتجديد الحياة معنا لكيلا نهرب من ملل الحياة معهم وركودها بالنوم وشكراً.

 

ولــكاتـبة هـــــذه الــرسالة أقـــــــــــــول:

 

كدت أن أنسى رسالة "النوم" القديمة حتى ذكرتنى بها رسالتك هذه..ولأنني قد ذكرت فى تعليقى عليها كل ما يمكن أن يقال بهذا الصدد فأنى لن أعيد تكراره وإنما سأقول لك فقط  إن النوم قد يكون فى بعض الأحيان نوعاً من الهروب النفسي

من مواجهة الواقع, كما قد تكون له أسبابه الأخرى ومن بينهما "الكسل"

الذى استعاذ منه الرسول الكريم صلوات الله وسلامه عليه,وقرن فى دعائه بينه وبين العجز والمرض لأنه إذا تجاوز حدوده الطبيعية فإنه يكون تعطيلاً لقدرة الإنسان على العطاء للحياة وقدرته كذلك على الاستمتاع بها, وعلى أية حال فإن بعض الزوجات يتساقطن بالفعل صرعى فى نهاية يوم طويل مشحون بالأعمال الشاقة ويحتجن إلى الراحة الكافية..وبعضهن على الناحية الأخرى مازلن يعتبرن النوم الكثير من علامات العز والجمال إحياء لذكرى شعراء العرب القدامى الذين كانوا يقرنون بين الجمال والسيادة وبين النوم الطويل الذى تتميز به السيدة دون الجارية حتى ليريد أحدهم أن يمدح جمال حبيبته فلا يجد أبلغ من أن يصفها بأنها "نؤوم" أى التى تنام كل يوم حتى الضحى فتنهض موردة الوجه خالية من تجاعيد السهر وشقاء العمل ,والمهم دائماً هو تحقيق التوازن بين احتياجات الجسم من الراحة والنوم وبين واجبات الزوجة تجاه زوجها وأسرتها وحياتها العائلية, ومادام زوجك لا يعترض على شئ فلا مشكلة هناك وإن كنت أرجوه أن يعدل بعض الشئ بين كتبه ودراساته وبين زوجته ,لكى يكون نومك احتياجا طبيعياً لجسمك, وليس نوعاً آخر من الهروب وشكراُ.

 رابط رسالة النوم

  نشرت في جريدة الأهرام باب بريد الجمعة سنة 1999

شارك في إعدادها / بسنت محمود

راجعها وأعدها للنشر/ نيفـين علي


Neveen Ali
Neveen Ali
كل ما تقدمه يعود إليك فاملأ كأسك اليوم بما تريد أن تشربه غداً
تعليقات