الأمانة .. رسالة من بريد الجمعة عام 2000
أنا رجل متزوج ولي 4 أبناء وأعيش مع
زوجتي في سلام .. ولقد رحلت والدة زوجتي عن الحياة منذ عشرة أعوام وهي توصي
زوجتي بشقيقتها التي كانت حينذاك في الثلاثين من عمرها.. لكن عمرها العقلي في
السابعة فقط للأسف. ولقد تركت والدة زوجتي لابنتها هذه شقة واسعة بمصر الجديدة
ومعاشا كبيرا حيث كان والدها يشغل منصبا رفيعا في الدولة قبل رحيله عن الحياة,
وعاشت هذه الأخت معنا بعد رحيل والدتها بضع سنوات وحاولنا إلحاقها بأحسن المدارس
المتخصصة في مثل حالتها فلم يحدث أي تحسن, وكان هذا يؤلم زوجتي إلى حد البكاء
الصامت لاعتقادها بتقصيرها في رعاية الأمانة التي ائتمنتها عليها والدتها, ثم
شعرنا بعد ذلك بأن هذه الأخت لا تتمتع بحرية الحركة بالقدر المطلوب في مسكننا الذي
يشغله 4 أبناء فأحضرنا لها سيدة ريفية متزوجة وزوجها عاطل ولها بنات متزوجات
يزرنها لكي تقيم معها في شقتها الكبيرة بمصر الجديدة وترعي شئونها.. وائتمنا هذه
السيدة عليها مع استمرار إشرافنا عليها ومتابعة حالتها وشئونها باستمرار, ولكن
يا لهول ما اكتشفناه برحمة من الله الرحمن الرحيم في الوقت المناسب واضطررنا إلى
طرد تلك السيدة الريفية وأسرتها وبعد ذلك أشار علينا الأقارب بوضع هذه الأخت في
دار للرعاية وقمنا بذلك بالفعل منذ 4 شهور لكن هيهات أن يستريح قلب زوجتي لذلك
وأنا أرى أن الحل الأرفق هو أن يهدينا الله إلى سيدة فاضلة ومؤمنة بربها تعيش مع
هذه الأخت في مسكنها الواسع والعامر بالخير بفضل الله على أن تعتبرها ابنة لها
وترعى الله فيها.. لأن ذلك هو ما يحقق لها السعادة ولنا الاطمئنان ولزوجتي راحة
الضمير فما هو رأيك في ذلك؟ وكيف يمكن أن نهتدي إلى مثل هذه السيدة الأمينة.
جميع الحقوق محفوظة لمدونة "من الأدب الإنساني لعبد الوهاب مطاوع"
abdelwahabmetawe.blogspot.com
ولكاتب هذه الرسالة أقول:
الأوفق هو أن تقيم في دار متخصصة في رعاية أمثال هؤلاء المعذبين وتحت إشراف متخصصين في التعامل معهم وإعانتهم على أمرهم, لكن مثل هذه الدور ليست متوفرة بالقدر الكافي ولا بالمستوى المطلوب في بلادنا للأسف وخاصة لمن تجاوزوا سن الطفولة والصبا من أصحاب هذه الحالات الإنسانية المؤلمة كهذه الفتاة الحائرة .. ومادام الأمر كذلك فليكن البديل الآخر هو الاهتداء إلى سيدة ترعى الله فيها وتقوم على رعايتها وتشاركها مسكنها وحياتها وإني لأنشر رسالتك علي أمل أن أتلقى استجابة ملائمة لها لعرضها عليك والله المستعان علي كل أمر عسير.
نشرت في جريدة الأهرام "باب بريد الجمعة" يوليو 2000
راجعها وأعدها للنشر / نيفين علي
 

 
برجاء عدم النسخ احتراما لمجهود فريق العمل في المدونة وكل من ينسخ يعرض صفحته للحذف بموجب حقوق النشر