كلام في الليل .. رسالة من بريد الجمعة عام 1984


كلام في الليل .. رسالة من بريد الجمعة عام 1984


كلام في الليل .. رسالة من بريد الجمعة عام 1984


أنا شاب في الثلاثين حاصل على ليسانس الحقوق وأعمل موظفا في أحد القطاعات التابعة لوزارة الإعلام وبحكم الزمالة تعرفت على فتاة في مجال العمل وتوطدت علاقتنا سريعا .. وهي بالمناسبة فتاة جميلة شكلا وموضوعا ومن عائلة طيبة وكبيرة، وكنت أعتبرها في البداية مجرد زميلة أو صديقة لكني كنت ألمح في عينيها علامات الحب .. ولما طال انتظارها لكي أصارحها صارحتني هي بحبها .. وسعدت بذلك جدا بالرغم من أن شعوري حتى هذه اللحظة تجاهها كان مجرد الشعور بالارتياح حين أكون معها وكنا نخرج معا عقب انتهاء العمل وأقوم بتوصيلها إلى بيتها ثم تقدمت لخطبتها فكادت تطير من الفرحة والسعادة وبمرور الأيام بدأت أتعلق بها .. وتعلقت بها بالفعل وأحببتها جدا، لكن حبها لي ظل دائما أكبر من حبي لها أضعافا مضاعفة، وبدأنا رحلة الاستعداد للزواج .. ووفقنا الله في العثور على شقة وبدأنا نجهزها للزواج ونقوم بتأثيثها .

 

وخلال هذه الفترة كنا نذهب إلى الشقة معًا كثيرا لنتابع ما يجري فيها .. فنقضى فيها أوقاتا سعيدة تعطيني خلالها من حبها ومن نفسها بسخاء حتى أصبحنا لا نستطيع الاستغناء عن بعضنا البعض.

ومضت الأيام سعيدة حتى مر عام على الخطوبة وبدأت تلح على لعقد القرآن فأجدني مترددا رغم حبها لي بكل جوراحها فى إتمام هذا القرآن إذ أخلو إلى نفسي في الليل فأقول لها كيف أتزوجها بعد ما ...... لكنى لا أستطيع أن أواجهها بذلك خوفا عليها فأنا إن واجهتها بذلك فإنها بالتأكيد إما أن تنتحر أو أن تمرض وتلازم الفراش وفي كلتا الحالتين فإن ضميري سوف يؤلمني جدا مدى الحياة ولن أغفر لنفسي هذا التصرف خصوصا أنها إنسانة حساسة جدا وبالذات من ناحيتي ولو حدث أن أسأت إليها بغير قصد بكلمة فإنها تحزن وتبكي وقد تمرض لعدة أيام .. فكيف أصرح لها بما في نفسي؟ إنه شيء صعب لكني لا أستطيع أن أتزوج إنسانة ذقت طعمها لأني لا أعرف كيف أستطيع أن أتعامل معها بعد الزواج بصورة طبيعية .. إنني في حيرة من أمري بل في صراع رهيب فأرجو أن تشير علي برأيك السديد.

 

ولكاتب هذه الرسالة أقول:

رأيي " السديد" في هذا الموضوع إنك محق فيما تقول ! إذ لا يجوز أن تتزوج من فتاة أحبتك وأحببتها وأخلصت لك وأخلصت لها وخطبتها ووفقك الله في العثور على شقة لكي تتزوجها وبدأتما تأثيثها ! نعم لا تتزوجها يا صديقي لأنه لا يصح أن تتزوج فتاة ذقت طعمها كما تقول لأن الأفضل وفقا لمنطقك المريض أن تتزوج من ذاق غيرك طعمها ورفض أن يتزوجها لنفس السبب فتعلمت الدرس المؤلم وحجبت نفسها عنك! فهكذا يفضل بعض شبابنا التعامل مع قضية الحب والزواج يا صديقي فتاتك كما تقول جميلة شكلا وموضوعا وفيها كل الصفات التي تتمناها.. وهي تحبك أضعاف ما تحبها وترغب في إرضائك بكل الطرق.. وقد أخطأت بلا شك في تصرفها معك على هذا النحو في فترة الخطوبة وأكبر أخطائها أنها لم تفهم شخصيتك الحقيقية الكامنة وراء المظهر المنمق، لكن خطأها لا يقاس بجريمتك حين تفكر في تحطيم حياتها وهجرها لأنها أحبتك وأعطتك من حبها ومن نفسها بسخاء معتقدة أنها ترضيك بذلك.. إنني لا أوافق على تصرفها معك.. لكن لماذا تحاسبها هي وحدها على خطأ مشترك يا صديقي.

 كف عن هذا التفكير الطفولي ولا تحرم نفسك ممن أحبتك وأخلصت لك لهذا السبب وحده، وتأكد أنك ستسعد بها بعد الزواج لأنها تحبك وحريصة عليك وراغبة في إرضائك.

 نشرت في جريدة الأهرام "باب بريد الجمعة" عام 1984

راجعها وأعدها للنشر / نيفين علي


Neveen Ali
Neveen Ali
كل ما تقدمه يعود إليك فاملأ كأسك اليوم بما تريد أن تشربه غداً
تعليقات