اجتماع العائلة .. رسالة من بريد الجمعة عام 1994
ترددت كثيرا في الكتابة إليك لكني رأيت في النهاية أن أكتب لأروي لك قصة حب ووفاء جميلة ينبغي أن نحتذي بها وليس عن مشكلة نريد حلها .. لقد تزوجت منذ 12 عاما من شاب كالملاك وبعد عام من زواجي أنجبت طفلا جميلا اكتملت به سعادتنا لكنها لم تطل كثيرا للأسف فبعد عامين بالضبط وفي نفس الشهر الذي أحتفلنا فيه بعيد الميلاد الثاني لطفلنا توفي زوجي الحبيب فجأة , ورحل عنا فأحسست بأني قد أصبت بعاهة مستديمة لن أشفى منها بقية العمر .. ومن ذلك الحين بدأت بيني وبين أم زوجي قصة الحب والحنان التي أرويها لك الآن فلقد ظلت حماتي طوال عشر سنوات دائمة السؤال عني يوميا وحريصة على حضوري أنا وابني اجتماع العائلة عندها في بيتها كل يوم جمعة , وحريصة على أن يحب أبناؤها بعضهم بعضا وأن يحبوا زوجاتهم ويحسنوا معاملتهن , وأن يحب الأحفاد أيضا بعضهم بعضا بلا تفرقة .. وظلت طوال السنين تسدي إلينا نصائحها وتوجيهاتها الصائبة بلا تحيز منها لابن من أبنائها .. بل كانت تقف بجانب زوجة الابن ضد إبنها نفسه إذا رأته مخطئا في حقها .. فشعرنا نحن الزوجات بأنها أم حقيقة لنا نشكو إليها متاعبنا ونطلب منها النصيحة فنجد لديها دائما الحنان والحب الغامر بلا حدود , لقد خفف عني حنانها وعطفها كثيرا من آلام فقدي لزوجي ويتم طفلي , وكان حبها وتشجعيها لي مصدرا هاما لقوتي وقدرتي على مجابهة الحياة بعد رحيل زوجي فضلا عن حرصها الدائم على حقوقي وحقوق طفلي , ومنذ أسابيع قليلة مرضت أم زوجي ورحلت عن الدنيا في هدوء .. وانسحبت من حياتنا فأحسست مرة أخرى بوطأة وفاة زوجي ويتم طفلي وأحس ابني بفقده لأبيه وفقده للحنان الغامر الذي عوضته عنه طوال السنين الماضية وتذكرت رعايتها لنا طوال عشر سنوات منذ ترملي فبكيتها بمرارة ودعوت لها الله أن يغفر لها وأن يدخلها جنته بغير حساب وأرجو من كل من يقرأ رسالتي هذه أن يقرأ لها الفاتحة .. والسلام عليكم ورحمة الله .
جميع الحقوق محفوظة لمدونة "من الأدب الإنساني لعبد الوهاب مطاوع"
abdelwahabmetawe.blogspot.com
ولـــكـــاتـــبة هـــذه الــرســــالـــة أقــــول:
العدل خير سفير إلى القلوب والعقول معا يا سيدتي .. فلقد كانت والدة زوجك عادلة معك ومع طفلك ومع أبنائها ومع زوجاتهم فملكت قلوب الجميع .. ورسخت مكانتهم لديكم جميعا بالحب والحنان وإخلاص النصيحة للجميع . ولو لم تكن عادلة لما كفى حنانها وحده لتأليف القلوب حولها .. ولما نالت هذه المكانة الرفيعة لديكم .. وما أحوجنا جميعا إلى قيمة العدل في تعامل الجميع مع الحياة فهو كفيل وحده بحل كل المشاكل .. وكفيل أيضا بإطلاق ينابيع المشاعر الانسانية الفياضة كالحب والحنان والوفاء وقادر أيضا على تجميل الحياة .. وتهوين آلامها على المهمومين . رحمها الله رحمة واسعة وشكرا لرسالتك الجديدة من نوعها .
نشرت في جريدة الأهرام "باب بريد الجمعة" مارس 1994
كتابة النص من مصدره / بسنت محمود
راجعها وأعدها للنشر / نيفين علي
برجاء عدم النسخ احتراما لمجهود فريق العمل في المدونة وكل من ينسخ يعرض صفحته للحذف بموجب حقوق النشر