دموع الزفاف .. رسالة من بريد الجمعة عام 1993
أنا سيدة في الثامنة والعشرين من عمري أعمل بوظيفة تحسدني عليها زميلات الدراسة وزوجي يعمل معي في نفس الهيئة , ولي طفل عمره عامان ونعيش معا سعداء والحمد لله , فقد منّ الله علي بزوج له نفس صافية وقدرة كبيرة على العطاء , وأنا أكبر إخوتي , فلي شقيقة وشقيق , وقد تخرج كلاهما وعملا , وتستعد شقيقتي للزواج , ولهذا فإن بيت أسرتي الآن في حالة تأهب قصوى لشراء مستلزمات العروس ولأن أمي لا تستطيع المشي كثيرا وقد ترملت علينا منذ عشرين سنة بعد وفاة أبي وفضلت المعاش المبكر منذ فترة فإنني "الأخت الكبرى" المكلفة بكل شئ للعروس من شراء سجاجيد وستائر وأدوات مطبخ ونجف وخلافه .. ولست أضيق بهذه المهمة وإنما أؤديها بإحساس المسئولية والواجب .. لكن قيامي بها قد أثار عندي ذكرياتي الأليمة وتساؤلاتي الحائرة .
فعند تخرجي أعلنت أمي أنها قد أدت رسالتها معي على خير ما يرام , وإن كل ما معها من مال سيكون لتعليم أختي وأخي فقط , ولهذا فإنني يجب أن أعتمد على نفسي في زواجي , فبدأت منذ تخرجي في الاشتراك في جمعيات إدخار تستهلك معظم مرتبي وبدأت اشتري مستلزماتي للزواج من نقودي حتى قبل أن أخطب , وعندما جاء زوجي ليخطبني صارحته بأننا سوف نعتمد على أنفسنا وحدها في إعداد شقة الزوجية ورحب هو بذلك رغم امتعاض أهله وظللنا طوال ثلاث سنوات هي فترة الخطبة نتشارك في إعداد الشقة وتجهيزها . وبدأت مضايقات أختي وتصرفاتها الغريبة معي ومع شقيقي حتى أنه فضل أن يلتحق بكلية إقليمية بعيدا عن القاهرة ليبتعد عن مشاكساتها وافتراءتها واستثارتها لأمنا علينا وانحياز أمنا لها على طول الخط .
وكان الأكثر إيلاما لي ولشقيقي هو عدم تحفظ أمي في تأييدها لها في تصرفاتها الخاطئة بغير مراعاة لمشاعري ومشاعر شقيقي, ولا أريد الدخول في التفاصيل لكني سأقول لك أن أمي قد قبضت يدها عني وأنا في أشد الحاجة إلى مساعدتها المادية والنفسية خلال فترة الاعداد للزواج ولم تسهم معي بقرش واحد في زواجي .. ولم ترافقني كأي أم أخرى في زيارة واحدة للشراء ولم تساعدني في اختيار ما أريد أو تقدم لي المشورة في أي شئ وكأنني لقيطة لا أم لها .. وفي شدة معاناتي وأزمتي مرضت واحتجت إلى أشعة صوتية وفحوص ولم يكن معي جنيه واحد فطلبت من أمي 150 جنيها لإجراء هذه الفحوص واعتذرت بعدم قدرتها ولم يكن مع خطيبي نقود وعرف أنني طلبت من أمي ولم تعطني فغاب بعض الوقت ثم عاد إلي ومعه 200 جنيه اقترضها من أحد أصدقائه وذهبت معه إلى الطبيب وعدت لأجد أمي وأختي عائدتين لتوهما من الخارج وأفرغت أختي كيسا كان معها فإذا به كمية من الماكياج اشترتها أمي لها وبمبلغ لا يقل عن المبلغ الذي احتجته منها للعلاج وضنت علي به .. ونظر إلي خطيبي نظرة معبرة كأنما يرثي لحالي وتألمت وابتلعت المرارة التي تعودتها .. ثم اضطررت بعد ذلك لاجراء جراحة صغيرة فأجريتها في أحد المستشفيات التعليمية مجانا لأن أمي لم تساعدني كالعادة وحان موعد عقد القران .. فلم ترحمني أمي أيضا وأثارت أزمة مفاجئة وهددتني بأنها لن تحضره إذا جعلت من خالي الذي تقاطعة لأسباب تافهة وكيلا عني في القران .. وبدأت ارتدي ملابس الزفاف وأمي ما زالت مصرة على عدم حضوره وصديقاتي حولي يتوسلن إليها ألا تفسد علي فرحتي وأن تتنازل عن عنادها مرة واحدة من أجلي إلى أن لانت أخيرا وذهبت .. وبعد عقد القران توجه إليها خالي ليصافحها فوقعت الواقعة التي أثارت إنتقاد أهل زوجي لفترة طويلة , ثم اقترب موعد الزفاف فأعلنت أمي وأختي أنهما لن يساعداني في نقل أشيائي إلى شقة الزوجية فظللت أنقلها وحدي عدة أيام وذهبت مع صديقاتي كأنني يتيمة الأبوين ومنقطعة الأهل إلى شقتي لتنظيفها وترتيبها استعدادا للزفاف وصديقاتي معي يخففن عني ويفتعلن المرح والابتهاج حتى لا أبكي من القهر وأنا أقف وحدي في كل شئوني وألاحق إعداد ثيابي عند الخياطة بعد أن رفضت أمي أن تخيطها لي وهي التي تفصل الملابس بأفضل مما تفعل أية خياطة محترمة .
ثم جاءت الأزمة الأخرى حين علمت أمي أننا لن نقيم حفل الزفاف في النادي لقلة امكانياتي أنا وزوجي , وإنما سنقيم حفلا بسيطا في بيتي , فثارت ثورة هائلة , ورفضت أن يقام هذا الحفل "الفضيحة" في بيتها وطلبت مني أن أبحث عن بيت آخر لاقامته فيه وبكيت قهرا وألما مرة أخرى وحكت أقرب صديقاتي لي لوالدها القصة فعرض علي أكرمه الله وبارك له في صحته وأبنائه أن يقيم هذا الحفل في بيته وأن يتكفل بكل نفقاته لأنه يعتبرني إبنة أخرى له , وشكرته والدموع في عيني وبدأنا نستعد لذلك وعلمت أمي أن الأزمة قد إنفرجت فأعلنت فجأة موافقتها على إقامة الحفل في بيتها ولكن بشرط أن أجهز البوفيه لمائة مدعو وسألتها أين هم هؤلاء المائة مدعو ونحن لن ندعو إلا المقربين لكنها تمسكت بهذا الشرط وإلا فلا فرح في بيتها وإستجبت راغمة وتم الفرح بغير أية مساهمة أو مشاركة من أمي ولأن ربك لا يتخلى عن "الغلابة" فلقد مضى الحفل في صورة مشرفة وفي مظهر أعلى من حقيقة امكانياتنا وأقام لي اصدقاء شقيقي أعزهم الله زفة مجانية كبيرة في الشارع استمرت لفترة طويلة , وكانوا يعرفون باضطهاد أمي لي ويتعاطفون معي ومع شقيقي .. فكان غناؤهم ورقصهم من القلب .. بل وبتحد أيضا كأنما يقولون لي : إفرحي يا عروسة فالله معك ونحن معك .
ولن أنسى مهما حييت رقص شقيقي المضطهد مثلي أمامي وغناءه لي بصوت مخنوق بالدمع يارب كمل فرحتهم .. يارب بالسعد أوعدهم .. ودموعي تجاوبه , وزغاريد صديقاتي ترد عليه وعلى أصدقائه الطيبين .. ووسط كل ذلك ألاحظ أنه ليس من بينها زغرودة واحدة من أمي وأختي كأنني لست من دمهما ولحمهما سامحهما الله .
وانتهت الليلة بسلام وذهبت إلى شقة الزوجية ومعي أخي وأختي وأمي .. وقبل أن يغادرونا , طلبت مني أمي بلا انتظار حتى للغد 120 جنيها كتكاليف للكهرباء والزينة , فأعطيتها لها من نقود "النقطة" التي قدمها لي الأهل والصديقات .
وعشت حياتي مع زوجي بعد ذلك وأنا أشكر الله على توفيقه لي في الارتباط به .. وتجنبت الذهاب عند أمي كثيرا لكي أتفادي المشاكل والنكد الذي لا مبرر له , فكنت أزورها زيارات قصيرة من حين إلى آخر ومع ذلك لم أسلم من النكد والمشاكل وافتعال الأزمات .. ثم خطبت شقيقتي ومن اللحظة الأولى أحسست بالفارق الكبير بين موقف أمي مني في خطبتي وزواجي وموقفها من أختي فلقد أقامت لها حفلة الخطبة الكبير في أحد النوادي وتحملت كل النفقات بسخاء .. وجلست في البيت أياما طويلة تطرز لها فستان حفل الخطبة الثمين ، وهي التي رفضت أن تضع لي خيطا واحدا في ملابسي , ثم ذهبت إلى خالي التي كانت تقاطعه واسترضته وطلبت منه أن يكون وكيلا عن شقيقتي في عقد القران حتى لا تظهر أمام أهل زوجها بغير رجل مسئول عنها , مع أنها هددتني بمقاطعة حفل قراني إذا فعلت أنا نفس الشئ , لكن من أجل عيون الإبنة المفضلة كل شئ يهون وظهرت "النقود" التي امسكتها عني حين كنت في أشد الحاجة إلى قرش منها فجأة من مخابئها فاشترت أمي لأختي السجاجيد وقماش التنجيد وأدوات المطبخ وأطقم السرير المطرزة بالساتان وأعطتها طقم الصيني الثمين الخاص بها ولم ترد حتى أن تعفيني من الاحساس بالمرارة والمقارنة . فأصرت على أن تعرفني أنها هي التي تشتري لأختي كل شئ من مالها .. وحرصت على أن تعطيني النقود لأذهب إلى الأسواق وأشترى لها المطلوب وتوصيني بأن يكون من أحسن وأغلي مستوى , وتجلس في البيت أياما متوالية أمام ماكينة الخياطة لتفصل لها ملابس لم أر لها مثيلا من قبل , وكلها مطرزة وتحتاج إلى جهد كبير لإعدادها , وأخرجت لها أقمشة ثمينة كانت تحتفظ بها من "جيبير" "لشيفون" "لدانتيل" .. وهي التي لم تفكر في أن تعطيني قطعة واحدة منها عند زواجي .. وتذهب معها إلى شقتها لتشرف على اللمسات النهائية فيها وهي من لم تدخل شقتي إلا ليلة زفافي , وأختي من ناحيتها لا تتحفظ في إظهار أمها معها ولا فرحتها بها وتصر على أن تعلن لي ولشقيقي أن أمنا هي التي أشترت وهي التي دفعت إلخ .
وأقسم لك يا سيدي أنني لا أكره أمي ولا أختي رغم كل ما لقيت منهما لكني أسألك فقط أليس من حقي أن أشعر بالمرارة مما فعلته أمي معي .. ومما تفعله الآن مع أختي وهل عندك تفسير لهذه التفرقة في المعاملة بيننا .. وهل توجه لها كلمة لتعدل بيننا ولي كلمة أخرى حتى لا أستسلم لوساوس الشيطان وأكره أختي .. وأكره أمي التي ستكون الجنة تحت أقدامها .. فأكون من الظالمين ؟ .
جميع الحقوق محفوظة لمدونة "من الأدب الإنساني لعبد الوهاب مطاوع"
abdelwahabmetawe.blogspot.com
ولكــاتـبــة هــذه الــرســالــة أقـــول :
نعم الجنة تحت أقدام الأمهات .. حقا وصدقا .. ولكن أي نوع من الأمهات هو الموعود بها ؟ إنهن الأمهات اللاتي يرعين الله سبحانه وتعالى في أنفسهن وأبنائهن وأزواجهن ويتعاملن مع الحياة والآخرين بوجه عام بعدل وإنصاف .. ولهذا فهو وعد مشروط بالوفاء بواجبات الأمومة وتبعاتها وأداء حقوق الله ورعاية حدوده في كل شئ وليس صكا عاما بالغفران ولا تصريحا مفتوحا لهن بأن يفعلن كل ما يشأن بأبنائهن مهما كان ظالما أو مجافيا للحق والعدل , ثم ينتظرن بعد ذلك أن تكون الجنة هي المأوى لمجرد أنهن قد حملن وهنا على وهن وأنجبن وأرضعن .
لا يا سيدتي .. إن الله جل شأنه أعدل وأحكم كثيرا من ذلك فإذا كان أمرنا بالإحسان للوالدين وبتكريمهما وقرن بين المشرك به سبحانه وبين الإساءة إلى الأبوين إعلاء لحقهما على الأبناء فلقد حرم أيضا الظلم على نفسه وجعله بين عباده محرما .. وأولى الناس بألا يظلموا الأبناء هم أباؤهم وأمهاتهم , لكن آفة بعضهم هي أنهم يتصورون خطأ وضلالا أن الله سبحانه وتعالى سيحاسب الأبناء عن عقوقهم لآبائهم وأمهاتهم , ولا يحاسب هؤلاء الآباء والأمهات على عقوقهم لأبنائهم , مع أن حسابه لهم عليه أشد , لأنه بقدر ما تكون مخالفة الطبيعة يكون العقاب , ولأن "خطأ الكبير كبير" كما يقول الشاعر , ولأن حمق الأبناء وطيشهم وصغر سنهم وقلة تجربتهم قد تعمي بصيرتهم في بعض الأحيان فيقصرون في حقوق الأبوين .. أما الآباء والأمهات فهم الرحماء وهم الحكمة والرشد والجلال وظلمهم لأبنائهم تنكر صارخ لما غرسه الله في قلوبهم من عطف مكين على أبنائهم.
وبقدر ما حثنا ديننا على أن نحسن للآباء والامهات , فلقد حثهم أيضا على أن يحسنوا لأبنائهم ويعدلوا بينهم , وقال رسولنا الكريم " رحم الله امرءا أعان ولده على بره " أي أعانه بعدله معه على أن يرد إليه ما قدمه له في الصغر برا وعدلا واحسانا في الكبر .. وأمرنا الرسول الكريم أيضا أن نعدل بين أبنائنا .. ولو في القبل ! لكن آفة الرأي الهوى كما يقولون , والتمييز بين الأبناء من آفات هوى النفس التي قد تميل بأحد الأبوين إلى ابن دون آخر , ولسنا نتحدث هنا عن المشاعر والعواطف التي تنطوي عليها الصدور , فأمرها بيد خالقها وحده , وإنما نتحدث عن ترجمة هذه المشاعر والعواطف إلى أفعال وتصرفات تكشف عن تفضيل بعض الأبناء على غيرهم , فإذا كان لا مفر من أن يحب الآباء والأمهات بعض أبنائهم أكثر من غيرهم , فليفعلوا ما يشاءون , لكن واجبهم الديني والأخلاقي والتربوي يفرض عليهم أن يعدلوا معهم ويسووا بينهم جميعا في العطف والاهتمام والمنح والعطاء , ليس فقط صدوعا بالأمر الإلهي العادل , وإنما أيضا لكي ينقذوا الأبناء غير المفضلين من الآثار النفسية الوخيمة لاستشعارهم اضطهاد أبويهم لهم أو تفضيل أحد أشقائهم عليهم .. ولكي يحموا أيضا الأبناء المفضلين من أن يخرجوا إلى الحياة بشخصيات أنانية اعتمادية عدوانية مريضة ترشحهم للفشل في الحياة .. والعجز عن التواصل السليم مع الآخرين.
والحق أن جريمة هؤلاء الأبناء المفضلين أنفسهم لا تقل شأنا عن جريمة آبائهم وأمهاتهم , لأنهم يشجعونهم على تفضيلهم ويتقبلون منهم بلا غضاضة وبغير أدنى إحساس بأهمية العدل والمساواة بينهم وبين أشقائهم ما يفيض به الآباء والأمهات عليهم مما يحرمون منه اخوتهم ويتمادون أحيانا في ابتزازهم واستغلال ضعفهم معهم للحصول على ما لا يستحقون , غير مدركين أنهم بذلك إنما يأكلون باطلا ويغتصبون حقوق إخوتهم ظلما عدوانا , فكل ما يرتضيه الابن المفضل لنفسه مما لم يمنحه أبواه لاخوته باطل وسيسأل عنه أمام الله كيف رضيه لنفسه ولإخوته فيه حق معلوم , لقد رفض الرسول الكريم أن يشهد على هبة رجل أراد أن يهب أحد أبنائه بعض ماله فسأله : أمثل هذا أعطيت كل اخوته فأجابه لا فقال له اذن فاشهد على هذا غيري فإني لا أشهد على باطل !
والكارثة هي أن هؤلاء الأبناء المدللين يسعدون بهذا "الباطل" ويستحلونه ولا يرون فيه أية غضاضة!
يا سيدتي .. إن من حقك أن تستشعري المرارة وأنت ترقبين حسيرة كل ما تقدمه أمك لأختك من عطاء واهتمام وعون كان ينبغي أن تقدم لك مثله وأكثر حين كنت في أشد الحاجة إليه , فنحن بشر في النهاية , والإنسان يحتاج دائما ومهما بلغ من العمر إلى عطف ذوي القربى واهتمامهم به وعدلهم معه , لكني أقول لك من ناحية أخرى أن السعادة الحقيقية لا تتحقق بالملابس المطرزة ولا الأقمشة الثمينة المخبأة للأعزاء دون غيرهم , وإنما تتحقق براحة القلب وسكونه إلى جوار من يخلص له الود ويحسن عشرته , وهي براحة الضمير واطمئنانه إلى أنه لم يغتصب حق أحد ولم يؤذ أحدا أو يظلمه , والله العادل الذي لا يتخلى عن الضعفاء من عباده يصل دائما ما يقطعه البشر بصغائرهم واتباعهم لهوى أنفسهم , ويعوض المحرومين عن كل ما حرموا منه بأفضل الجزاء , ويكفيك أنك قد وفقت إلى من يعرف لك قدرك ويخلص لك الحب والعطاء , وأن الله قد أنعم عليك بسكينة القلب ونعمة الانجاب والحياة الهانئة المستقرة , وما كل ذلك بقليل , وما كان يغنيك أو يعوضك عنه عون أمك أو عدلها لو شاء ربك ألا ينعم به عليك , فلا تسمحي بهذه المرارة أن تطول أو تفسد عليك صفاء نفسك وحياتك , وتأملي ما يحدث حولك كما نتأمل أحيانا بعض غرائب الحياة ونأسف لها دون أن نسمح لها بأن تفسد علينا حياتنا , وفي قديم الزمان قال فليسوف الصين لو_تسي : قابل الرحمة بالرحمة .. وقابل القسوة بالرحمة أيضا !
فعارضه الفيلسوف كونفوشيوس وكان من معاصريه قائلا :
بل قابل الرحمة بالرحمة .. وقابل القسوة بالعدل !
ومع إني من المعجبين كثيرا بمنطق كونفوشيوس في هذه وحكمته .. إلا أن الأشخاص الوحيدين في الحياة الذين ينبغي أن نستثنيهم من معاملتهم بهذا المنطق الحكيم هم الآباء والأمهات فمعهم لا يجوز لنا مهما عانينا منهم أن نقابل قسوتهم بما تستحقه من عدل , ولا مفر لنا من أن نقابل رحمتهم وقسوتهم معا .. بالرحمة وأن نحتسب بعد ذلك ظلمهم ومعاناتنا منه .. عند رب العالمين .. مع تمنياتي المخلصة لك بكل السعادة وحسن الجزاء.
نشرت في جريدة الأهرام "باب بريد الجمعة" أكتوبر 1993
كتابة النص من مصدره / بسنت محمود
راجعها وأعدها للنشر / نيفين علي
برجاء عدم النسخ احتراما لمجهود فريق العمل في المدونة وكل من ينسخ يعرض صفحته للحذف بموجب حقوق النشر