الأسئلة المحيرة .. رسالة من بريد الجمعة عام 1993

 

الأسئلة المحيرة .. رسالة من بريد الجمعة عام 1993

              الأسئلة المحيرة .. رسالة من بريد الجمعة عام 1993

أكتب لك رسالتي بعد أن عجزت عن حل مشكلتي ولأني أثق في رأيكم ثقة تامة , فأنا سيدة في الخامسة والأربعين من عمري , وقد تزوجت وعمري 25 عاما وعشت مع زوجي 14 عاما لم ننجب خلالها لمرضه , وقبل رحيله عن الحياة بثلاثة أعوام وجدت طفلة وليدة ملقاة في أحد شوارع المدينة التي أقيم فيها بالأقاليم , فاحتضنتها وقمت بتربيتها وأعطيتها اسما واعتبرتها ابنتي التي لم ألدها .. فنشأت الطفلة لا تعرف لها أما غيري , ثم توفي زوجي الأول إلى رحمة الله , وبعد وفاته تزوجت من رجل آخر فرفض أن يتقبل هذه الطفلة في بيته كابنة لي , وأنجبت منه طفلا كان بمثابة تعويض السماء لي عما لقيته في حياتي من حرمان , لكن مجئ طفلي لم يقلل من حبي لهذه الطفلة المحرومة , وإنما أصبحت للأسف مشكلة كبيرة بيني وبين زوجي الذي أصر على رفضها , وتفضيلا لمصلحة ابني وحقه في أن ينشأ بين أبويه , فقد قبلت مضطرة أن أودع الطفلة لدى شقيقتي لكنها لم تسترح عندها فأودعتها عند احدى صديقاتي فلم تسترح عندها أيضا , فنقلتها إلى بيت صديقة أخرى مازالت تقيم معها لكنها غير مستريحة للأسف لوجودها معها بالرغم من أني أنفق عليها انفاقا كاملا وأزورها دائما , وقد طلبت مني صديقتي أن أستردها أو أبحث عن مأوى آخر لها وأعطتني مهلة لتنفيذ ذلك , وزوجي لا يرغب في ضمها إلى بيتي وأنا لا أستطيع التخلي عنها وهي أول من أشعرتني بمشاعر الأمومة قبل أن يرزقني الله بطفل من دمي ولحمي , كما أني أشعر بمسئوليتي عنها وهي التي لم تعرف لها أما غيري .. فهل أجد بين قرائك أسرة تقبل هذه الطفلة وتقوم بتربيتها بدلا مني وتعفيني من احساسي بالذنب تجاهها والألم لها ؟

إنها طفلة صغيرة لطيفة عمرها الآن 9 سنوات وتلميذة في السنة الثالثة الابتدائية , وقد بدأت الآن تعي وتفهم ما يدور حولها وتسألني أسئلة محيرة أعجز عن الاجابة عنها .. فهل تجد هذه الطفلة حلا لديك ؟

جميع الحقوق محفوظة لمدونة "من الأدب الإنساني لعبد الوهاب مطاوع"

abdelwahabmetawe.blogspot.com

ولــكــاتــبــة هـــذه الـــرســـالــة أقـــول :

 

لابد أن هناك يا سيدتي أسرة ما ترحب بضم هذه البريئة إليها ويسعدها أن تقوم برعايتها وتنشئتها تنشئة صالحة كابنة لها .. وقد سبق لبريد الجمعة أن ساهم في إيجاد أسر بديلة لأطفال محرومين كهذه الطفلة فسعدت بهم الأسر وسعدوا برعايتها لهم ,  ومازلت أذكر طبيب سوهاج الفاضل الذي عثر على طفلين وليدين الواحد بعد الآخر بعامين أو ثلاثة فلم يتردد في ضمهما إلى أسرته وأولاده وتعاون معنا مشكورا في ايجاد الأسرة البديلة المحرومة من الانجاب لكل منهما , ولم يكن يشترط سوى أن يدرس معنا ظروف الأسرة المرشحة ويتأكد من قدرتها على رعاية الطفل الذي يتحمل مسئوليته ثم أن يكون له حق زيارته عندها من حين لآخر ليطمئن على حسن رعايتها له .. كما مازلت أذكر أيضا رجل الأعمال الفاضل الذي كانت زوجته تنتظر مولودا بعد فترة قصيرة فطلب مني أن يضم آخر هذين الطفلين إلى أسرته لكي ينشأ مع وليده المنتظر كشقيقين منذ اليوم الأول ويتربيان معا ويتساندان في الحياة .. وكان هذا أيضا هو مطلب زوجته , وإن كنت لم أستطع تلبية طلبهما للأسف لتفضيل الطبيب لأسرة أخرى محرومة من الأطفال وله عذره في ذلك .. وأرجو أن يكون لهذه الطفلة حظ هذين الطفلين وغيرهما , وسوف أتصل بك لترتيب الأمر معك حين يأذن الله بحل مشكلتها قريبا إن شاء الله.

نشرت في جريدة الأهرام "باب بريد الجمعة" نوفمبر 1993

كتابة النص من مصدره / بسنت محمود

راجعها وأعدها للنشر / نيفين علي

 

Neveen Ali
Neveen Ali
كل ما تقدمه يعود إليك فاملأ كأسك اليوم بما تريد أن تشربه غداً
تعليقات