العيوب .. رسالة من بريد الجمعة عام 1993

 

العيوب .. رسالة من بريد الجمعة عام 1993

العيوب .. رسالة من بريد الجمعة عام 1993

 

أنا سيدة أبلغ من العمر 25 عاما متزوجة ولي طفلة لا يتجاوز عمرها ستة أشهر , وقد تزوجت بعد قصة حب ضحيت من أجلها بالكثير والكثير لكي أتوجها بالزواج , وتزوجت وظننت أن متاعبي قد انتهت إلى غير رجعة وأني سأعيش حياتي سعيدة راضية , لكن المتاعب لم تفارقني فقد تزوجت في غرفة في شقة أسرة زوجي حتى يجد شقة منفصلة لنا .. ومن أين تأتي الشقة وهو جالس بلا عمل , وكانت النتيجة أن رضيت بحظي من الدنيا وتحملت الذل في بيت أهله لكي أعيش وتستمر الحياة بيننا ولم أهتم بطعام ولا شراب وإنما كان كل همي هو زوجي الذي أحببته وتحملت الكثير من أجله , وللأسف يا سيدي فلقد اكتشفت فيه عيبا خطيرا بعد الزواج وهو أن "عينه زائغة" وينظر شمالا ويمينا للنساء ويصاحب السيدات وقد أتعبني هذا العيب كثيرا جدا حتى فكرت في الطلاق أكثر من مرة ويمنعني حبي له في كل مرة وأخيرا فكرت في أن أنتصر على هذا العيب فيه , وبحثت في نفسي عن عيوبي لكي أتلافاها وأجعل زوجي "لا ينظر" لغيري .. فوجدت أن أنفي كبير بعض الشئ وفكرت أن أجري فيه عملية تجميل وذهبت إلى مستشفى عام وأقمت فيه 12 يوم في انتظار اجراء العملية لكن ما رأيته في المستشفى من إهمال غرس الخوف في قلبي من العملية فخرجت وفكرت في أن أكتب لك راجية أن تتوسط لي لدى الدكتور .. ليقبل إجراء هذه العملية لي خارج المستشفي العام الذي يعمل فيه وأعده وأعدك صادقة أن أعمل ليل نهار بعدها لكي أسدد له ثمن العملية في أقرب وقت .. فقط أريد أن أتخلص من احساسي بالنقص بسبب أنفي .. وأن أطمئن إلى أن زوجي لم يعد لديه ما يدفعه "للنظر" إلى الأخريات .. فهل تفعل ذلك يا سيدي رحمة بي.

 

ولكــاتـــبة هـــذه الــرســالــة أقــول :

 

أفعل ذلك بكل ترحيب إن شاء الله بل وأعدك بالمساعدة في اجرائها لدى طبيب آخر إذا لم تنجح وساطتي لدى الأستاذ الجراح الذي أشرت إليه , لكن عندي سؤال يلح علي ولا أستطيع له دفعا هو : هل يستحق زوجك "زائع العين" هذه التضحية !

على أية حال أنت تستحقين بكل تأكيد أن تتخلصي من سبب إحساسك بالنقص مهما كانت جدية هذا الإحساس لتهنئ بحياتك وتستحقين أيضا التحية لحرصك على حياتك الزوجية ومصلحة طفلتك .. ولتفكيرك المنطقي السليم في البدء بعلاج المشكلة بالتفتيش أولا عن العيوب الذاتية ومحاولة اصلاحها .. وهذا تفكير راق قد يعجز عن بلوغه كثيرون من شركاء الحياة المهتمين دائما بالشكوى من عيوب الطرف الآخر .. مع التجاهل التام والمستمر لعيوبهم الذاتية ، ودون أية رغبة أو استعداد للتسليم بهذه العيوب ناهيك عن التفكير في علاجها قبل اتهام الآخرين والافتراء عليهم .

تفضلي يا سيدتي بالاتصال بي مساء الاثنين القادم وليفعل الله ما يريد.

نشرت في جريدة الأهرام "باب بريد الجمعة" أكتوبر 1993

كتابة النص من مصدره / بسنت محمود

راجعها وأعدها للنشر / نيفين علي

 

Neveen Ali
Neveen Ali
كل ما تقدمه يعود إليك فاملأ كأسك اليوم بما تريد أن تشربه غداً
تعليقات