الآفة .. رسالة من بريد الجمعة عام 1989
أنا سيدة في
الرابعة والثلاثين من عمري تزوجت منذ ۱۲ سنة من محاسب شاب وأنجبت
منه ولدين في العاشرة والتاسعة من عمرهما الآن .. وزوجي یا سیدي رجل مهذب وحنون
ومحترم ويحبني وأحبه ويعبد أولاده و به صفات جيدة كثيرة .. لكن به عيب خطير جدا هو
أنه مهمل .. وأرجو ألا تسخر مني أو تتهمني بمحاولة خلق مشكلة من لا شيء ، لأني
اقسم لك أني لو كنت قد اكتشفت فيه هذا العيب في بداية زواجنا وقبل الإنجاب لطلقت
منه واسترحت .. لكنى لم اكتشفه في البداية لأني بدأت حياتي معه في بيت أسرتي وكنا
نقيم في غرفة من الشقة ولم نستقل بشقة وحدنا ثم انتقلنا إلى شقتنا ومعنا ابننا
الأكبر، وبعد عام آخر أنجبنا ابننا الآخر وطلب مني زوجي الاستقالة من عملي والتفرغ
للبيت فاستجبت له بعد أن انتقل إلى شركة استثمارية وأصبح راتبه أكبر ، ورضيت بأن أعيش
ربة بيت لزوجي وأولادي .. لكن إهمال زوجي ظهر على حقيقته في شقتنا المستقلة وتفاقم
إلى حد يزعجني كثيرا ويتلف أعصابي من كثرة محاولاتي لعلاجه وعدم استجابته دائما ..
فزوجي من الممكن جدا أن يعود من العمل فينام بملابس العمل.
فإذا طلبت منه
أن يستبدل ملابسه لكيلا تتبهدل يجيبني بهدوء: كسلان ، ثم ينام بملابس الخروج حتى
الصباح : وفي معظم الأحيان بعد أن يكوي قميصه يترك فيشة المكواة في كوبس الكهرباء
ويغادر الشقة، ثم اكتشف أنا ذلك بعد ساعة أو ساعتين .. فإذا عاتبته قال .. أسف
نسيت .. ويحدث كثيرا أن أذهب لزيارة أمه المريضة في الظهر ومعي الأولاد .. فيعود
هو من العمل إلى البيت ويتناول طعام الغداء ويستريح قليلا ثم يلحق بنا في المغرب
ليطمئن على والدته ونعود جميعا إلى البيت في المساء وفي كل مرة ورغم التنبيه
المستمر أجد شعلات البوتاجاز والعة منذ قام بتسخين طعام الغداء .. فإذا عاتبته
فالرد جاهز دائما ياه .. نسيت.
ولكاتبة هذه الرسالة أقول :
أنصحك يا سيدتي بأن تتعایشي مع إهماله وأن تتفادي بقدر الإمكان آثاره وأضراره المادية والعصبية
.. فشرود الذهن والنسيان آفة مرضية لا تستجيب للتحذيرات والتنبيهات إلا في اقل
الحدود .. وزوجك تخطى مرحلة التكوين من ناحية السن ولم يعد ممكنا إعادة تربيته على
عادات وسلوكيات منضبطة .. والنتيجة الوحيدة لإصرارك على تقويمه ومحاربة سلوكياته
هذه هي أن تدفعي أنت الثمن من هدوء حياتك وسعادتك.
فإذا كان الأمر كذلك فالأفضل هو التجاوز عن الإهمال غير الخطر من سلوكياته كالنوم بالملابس وترك أنوار الشقة مضاءة، والتركيز على الإهمال الخطر كترك المكواة في مصدر الكهرباء وترك موقد البوتاجاز مشتعلا وغير ذلك ، والأفضل من كل ذلك أن تقومي أنت بالتفتيش الدوري وراءه عقب كل عمل يقوم به لتتلافي أضرار إهماله في هدوء وبلا مشاكل .. لأن نطح الصخر لا يؤلم إلا من ينطحه أما الصخرة نفسها فتبقى هادئة سادرة في سكونها ، وعموما فلست اقلل من شأن متاعبك لكني أدعوك فقط إلى تفادي آثارها على أعصابك لأن الإصرار على مواجهتها كل مرة بالتنبيه واللوم والعتاب .. يفتح الباب لالتهاب الأعصاب ولن يغير من الأمر شيئا .. ومن الحمق أن نظل عند موقف الدهشة والاستفزاز مما نراه ونتعامل معه بصفة يومية منذ سنوات طويلة .. فإذا ألح عليك الضيق ببعض هذه السلوكيات .. فتذكري ما تقولينه أنت في رسالتك عن مزاياه وحنانه وحبه لك ولأولاده، لتستعيدي هدوء نفسك وتعرفي أن لكل إنسان عيوبه، وأن عيوب زوجك رغم خطرها تعد في النهاية من الصغائر إذا قيست بعيوب أزواج آخرين تتمنى زوجاتهم لو كانت عيوبهم الوحيدة من هذا النوع .. واليأس إحدى الراحتين في النهاية يا سيدتي .
راجعها وأعدها للنشر / نيفين علي
برجاء عدم النسخ احتراما لمجهود فريق العمل في المدونة وكل من ينسخ يعرض صفحته للحذف بموجب حقوق النشر