الطريق إلى الجحيم .. رسالة من بريد الجمعة عام 1988
عبد الوهاب مطاوع
أكتب قصتي هذه
لكل رجل يعتقد انه عرف سر المرأة ولكل الرجال الذين يدعون الذكاء ، فأنا سيدة
تزوجت منذ 5 سنوات بعد قصة حب قصيرة ، ومنذ بدأنا حياتنا معا كان دائما يشعرني أني
غبية ولست في مستوى ذكائه وتقبلت ذلك منه في البداية لكن غروره بدأ يتزايد إلى حد أنه
يعتقد أنه أجمل مني .. وأنا أعلم أني لست جميلة لكني أيضا لست دميمة لذلك فقد بدأت
أفكر كيف أزيد من جمالي بالصبغات والماكياج ونجحت في أن اظهر في صورة مبهرة واسعد
ذلك زوجي كثيرا.
ومضت حياتنا
هادئة وأنجبت طفلة جميلة وفي بيت زوجي فعلت كل ما كنت محرومة منه في بيت أبي
فارتديت من الملابس ما اشتهيه وأظهرت جسمی وزوجي لا يعترض بل شعرت أن ذلك يرضيه
فتماديت فيه ومنذ زواجنا حتى الآن لا اذكر أنه اعترض مرة على مظهري أو على حديثي
مع الرجال .. فهو سعيد بي هكذا .
وهو لا يستطيع
أن يتخذ قرارا في شيء قبل أن يستأذنني وكل طلباتي أوامر واجبة التنفيذ عنده وإذا
فعل شيئا ضد إرادتي ثرت عليه وغضبت مثل الطفل فيرضخ في النهاية وانتصر أنا وهكذا
حتى بدأت أحس أحيانا أنني الرجل لا المرأة .. فأنا صاحبة القرار في البيت والمصروف
وكل شيء.
وبدأت أحس أيضا أنه لا يحبني فكل صديقاتي يغار أزواجهن عليهن في حين لا يغار زوجي علي وفهمت أنه يحس أني لست جميلة وبالتالي فإن الرجال لن يلتفتوا إلي لهذا فهو يدعني اعرض جسمي أمام أصدقائه وهو سعيد يتباهی بي لأن جسمي يزيدني إغراء فبدأت المشاعر تتداخل عندي وبدأت انتقم منه لهدوئه وتساهله ولعدم إحساسه بأني تزوجت رجلا بالمعنى الشرقي المفهوم وبدأت انتقامي بأن غازلت صديقه بالضحك معه والمداعبة ثم بدأت اضغط على يده عند مصافحته وبدأ الرجل يرحب وزوجي جالس بيننا لا يشعر .. ولم يتجاوز الأمر بيني وبينه سوى بعض الأمور الصبيانية الصغيرة التي تشعرني بأني أنثى مرغوبة فلا ألقاه من وراء زوجي أبدا ولا ارتكب ما يغضب الله .. وبعد قليل أفاق الصديق وابتعد عني وكانت اللعبة قد استهوتني فبدأت مع آخر بنفس الطريقة وبنفس الأمور الصبيانية .
ولكاتبة هذه الرسالة أقول:
أنت لا تنتقمين من زوجك فقط بهذا الابتذال وإنما
تنتقمين من حرمانك في بيت أبيك من كل ما اشتهته نفسك من ملابس متحررة وغيرها ثم من
الطبيعة التي بخلت عليك بجمال طبيعي لا يحتاج إلى إثبات .. لهذا فأنت في حالة رغبة
مستمرة لإثبات جدارتك بأن يحبك الرجال وإلى حالة انعدام ثقة مستمرة بنفسك وبجمالك
وتريدين كل يوم دليلا جديدا على أن الأصباغ والماكياج والعري قد جعلت منك حقا امرأة
فاتنة ، مع أن لكل امرأة جمالها .. مهما كان نوعه ودرجته .. وأجمل ما فيها دائما
هو احترامها لنفسها وجمالها وعدم
ابتذالهما على
هذا النحو المشين !
يا سيدتي إن
الفضيلة تنبع من داخل الإنسان لا من خارجه ومن لم يقتنع داخليا بأن الاستقامة خير
وأبقى .. فلن تجدي معه قيود ولا حدود ، ولا غيرة زوج أو تساهله.
لهذا فإني مازلت أعجب من قولك أنك تحبين زوجك وتغارين
عليه فمن يحب إنسانا لا يعرضه للهوان بهذه الطريقة المخجلة حتى ولو كان مخطئا في
تساهله معك ورضاه عن ملابسك المتحررة .. وأنت في النهاية لا تحفظين نفسك اتقاء لغضب
زوجك أو غيرته .. وإنما اتقاء لغضب خالقك والتزاما بتعاليمه .. فإذا لم تخشي ذلك
.. فلن تخشي شيئا بعده .. لذلك ازداد عجبي لقولك أنك لا ترتكبين ما يغضب الله في
علاقاتك هذه .. وأنت تعرفين تماما أن النظرة غير البريئة من الزوجة لغير زوجها
خيانة وأن اللمسة اللائمة أيضا خيانة .
فلماذا لا
تواجهين الحقيقة بغير خداع للنفس ؟.
إن كل إنسان يذهب إلى الجحيم بطريقته الخاصة كما يقول المثل الألماني ، وأنت تسيرين في الطريق إلى الجحيم منذ فترة طويلة منذ بدأت تعرضين جسمك على الرجال وتسعدين بنظراتهم الجائعة وتسيرين في هذا الطريق ومنذ تغاضى زوجك عن ذلك بل سعد به .. فبدأت ترمين شباكك على أصدقائه واحدا وراء الآخر .. فإذا كان خطؤك فادحا فخطأ زوجك الذي سمح لك بمخالطة الرجال على هذا النحو افدح . لكن ذلك لا يعفيك من المسئولية ولا یكفي لكي تبرری به لنفسك جرائمك .. فإذا أردت حقا أن ترجعي عن هذا الطريق الآثم فاستعيدي التزامك بالقيم الدينية والسلوكيات السليمة والمظهر المحترم وتجنبي مخالطة الرجال لأنك ضعيفة أمامهم وليس العكس كما تتصورين ثم استعيدي احترامك لزوجك حتى ولو كان ضعيفا لأنه زوجك ووالد طفلتك ومحبك الذي لا يرد لك طلبا ولا يقطع أمرا دون مشورتك وقبل ذلك استعيدي احترامك لنفسك بالكف عن هذا العبث الآثم .. وعفوا لنشر هذه الرسالة التي لا أفضل نشر مثيلاتها التزاما بالقيود الأخلاقية .. فلقد رأيت فيها ما يزيد من فهمنا لبعض أسرار النفس البشرية ولبعض ما يجري في الحياة.
راجعها وأعدها للنشر / نيفين علي
برجاء عدم النسخ احتراما لمجهود فريق العمل في المدونة وكل من ينسخ يعرض صفحته للحذف بموجب حقوق النشر