لغة غير مفهومة .. رسالة من بريد الجمعة عام 1988
أنا اسمي ....وعمري 11 سنة وأنا
تلميذ في الشهادة الابتدائية ومن سنتين كان بابا عايش معانا ويحبنا وبعدين عرف
واحدة تانية غير ماما عمرها مثل أختي الكبيرة واتجوزها وأصبح لا يعيش معنا ولا
يعطينا المصروف .. وبعد أن كانت ماما قاعدة في البيت خرجت تشتغل في محل ويوم الأجازة
تقعد في البيت تخيط الملابس، وأصبحت مش عارف اتكلم معاها وأختي الكبيرة بتشتغل
مدرسة ومش فاضية وأختي الثانية في ثانوي ومش فاضية ، ومش لاقى حد أكلمه وبابا آخر
مرة ذهبت إليه مع أختي طردنا مع إني لسه بحبه .. لكن هو مبقاش بيحبنا ومش بيسأل
علينا خالص .. أنا مش عارف هو عمل معانا كده ليه .. ماما كانت بتزعق كثير وعصبية
لكن أنا عارف إنها بتحبه وأنا زمان كنت لما انجح بابا يفرح ويجيب لي هدية .
لكن خلاص بابا نسينا خالص لدرجة إني ساعات أبقى
عايز اعمل حاجة كبيرة أو أموت حد علشان يكتبوا اسمي في الجرنال ويقرؤه بابا ويعرف
هو وطنط التي أخذته إنهم عملوا حاجة وحشة.
أرجوك تكتب لبابا أن إحنا مالناش ذنب إذا كان مبيحبش
ماما .. وأكتب لكل بابا في مصر انه محدش يسيب أولاده .. لأني زعلان من بابا وزعلان
من طنط اللي معاه لأنها كانت تقدر تتجوز واحد معندوش ۳ أولاد وزعلان من ماما لأنها قالت لي اعتبر
بابا مات وعاوز اعرف حاجة واحدة بس هى ليه الناس بتتجوز وبعدين تسيب ولادها ..
وولادها دى تعمل إيه والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
ولكاتب هذه الرسالة المعبرة أقول
:
جوابي الوحيد على سؤالك يا صغيري
هو أن بعض الآباء لا يتحملون التضحية بسعادتهم الشخصية لإسعاد أبنائهم وتوفير
الحياة الطبيعية الكريمة لهم فينسحبون إلى حياة أخرى وقد يقصرون في رعاية أبنائهم
كما فعل أبوك فيرتكبون بذلك خطأ أبشع لأن رعاية الأبناء ماديا وأدبيا هي مسئولية
الآباء سواء استمرت العلاقة الزوجية أم انقطعت.
فلعل رسالتك التي تذيب الحجر هذه
تحرك قلب أبيك وتذكره بواجباته الأبوية والإنسانية تجاهكم مهما كانت مرارة الخلاف
بينه وبين الأم .. هذا وعن مشكلتك أما الأخطر منها فلن تستطيع أن تدركه أنت وأتوجه
بحديثي عنه إلى الآباء والأمهات .. وهو ما تعكسه هذه الرسالة الساذجة من تصوير
صادق لنفسية الأبناء الذين ينفصل آباؤهم عن أمهاتهم وأهم ملامحها أنهم لا يتقبلون أبدا
أية أسباب يمكن أن تبرر انفصال الآباء عنهم مهما كانت جديتها في نظر الآباء أو الأمهات
ولا ينتظرون من الآباء والأمهات سوى أن يتنازلوا عن مشاكلهم وخلافاتهم لكي تستمر
حياتهم الطبيعية قائمة ويتمتعون برعاية الطرفين.
أما مسائل التعاسة الزوجية وعدم التفاهم وجفاف
العاطفة .. والوقوع في الحب إلى آخر هذا الترف العاطفي فهم لا يفهمونه أبدا وليسوا
على استعداد لأن يتسامحوا مع من يهدم سعادتهم من أجلها .. فافعلوا بحياتكم ما تشاءون
لكن تذكروا فقط أن الأبناء لا يفهمون هذه الرطانة غير المفهومة ولا يتسامحون مع من
يستخدمها .. وشكرا.
راجعها وأعدها للنشر / نيفين علي
برجاء عدم النسخ احتراما لمجهود فريق العمل في المدونة وكل من ينسخ يعرض صفحته للحذف بموجب حقوق النشر