العيب الطفيف .. رسالة من بريد الجمعة عام 2001
أنا طالبة بكلية من كلية القمة السنة قبل النهائية، على
قدر عال من الجمال والحمد لله لذلك تقدم إلي كثير من الشبان حتى قبل أن أكمل
العشرين ولكني أعاني عدم الثقة في نفسي .. فمنذ بداية نضوجي شعرت بالنقص لأني
أعاني عن عيب وراثيا في الساقين هو تقوسهما مما سبب لي عقدا نفسية ومشكلات
كبيرة, مع أني أعلم أن كثيرين غيري لديهم المشكلة نفسها لا تؤثر عليهم بهذه
الدرجة .. ولهذا السبب كلما يتقدم لي شاب كنت أرفضه واختلق الأعذار والأسباب
لذلك إلى أن تقدم لي شاب شعرت بعاطفة تجاهه من الوهلة الأولى, وكان هو كذلك
يحبني منذ سنوات ولم يبح لي بذلك حتى يبني نفسه, فوجدتني أوافق عليه دون تردد
وتمت الخطبة .. والمشكلة هي أني لا أستطيع أن أواجهه بهذه المشكلة.. خاصة أنه
دائما ما يردد أمامي إنني ليس بي أي عيوب شكلية أو جوهرية وأنه يتمنى أن يجد عيبا
واحدا في حتى أكون كباقي البشر!
أنا أعترف فعلا بأن هذا هو عيبي الوحيد الذي يشعرني بالضعف دائما, أما طباعي
وأخلاقي فإنني هادئة وملتزمة دينيا والحمد لله.
ولقد فكرت كثيرا أن أذهب لطبيب عظام وأسأله عن ذلك ولكني خجولة جدا, وكلما فكرت
أعود وأتردد لحرجي من ذلك الموقف.. كل ما أريده هو أن تتفضل بسؤال أحد
الأطباء, هل من الممكن أن يتم تقويم ساقي؟ وهل هناك أي عملية جراحية تحقق ذلك؟
إنني لا أملك نفقات مثل هذه العملية لكني أريد معرفة هل هذا من الجائز أم لا؟ حتى
يطمئن قلبي.
ولكاتبة هذه الرسالة أقول:
ماذا يضيرك يا آنستي في أن تكون ساقاك مقوستين بعض الشيء! إنه عيب طفيف للغاية إذا جاز لأحد أن يعتبر ذلك عيبا, بدليل أن خطيبك لم يتنبه له ولن ينتبه له حتى بعد الزواج لو لم تلفتي أنت نظره إليك.. ولا غرابة في ذلك لأن إحساسنا نحن بما نظنه نقصا فينا هو الذي يصنع مشكلتنا معه وليس هذا النقص نفسه .. أما الآخرون فلقد يمرون عليه مرور الكرام فلا يلتفتون إليه.. وقد يلحظونه فلا يرون فيه ما يستحق الانزعاج له أو حتى التوقف أمامه.ولأن الأمر كذلك في أغلب الظن فثقي في نفسك سواء
أكان هذا العيب قابلا للإصلاح أم لا .. وتأكدي من أن من كانت تتمتع ـ كما تقولين
عن نفسك ـ بطباع هادئة وأخلاقيات حميدة لا يفرط فيها من يرتبط بها لمثل هذا الأمر
الشكلي, لأن الناس يتعاشرون بأخلاقياتهم وطباعهم وإئتلاف أرواحهم .. وليس بخلو
أجسامهم من العيوب الشكلية.. فتحرري من هذا الإحساس الخاطئ بالنقص, لكيلا يفسد
عليك روحك ويحرمك من القدرة على التعامل السليم مع شريك الحياة المقبل.
نشرت في جريدة الأهرام "باب بريد الجمعة" عام 2001
راجعها وأعدها للنشر / نيفين علي
برجاء عدم النسخ احتراما لمجهود فريق العمل في المدونة وكل من ينسخ يعرض صفحته للحذف بموجب حقوق النشر