الخاتم الذهبي .. رسالة من بريد الجمعة عام 1987

 


الخاتم الذهبي .. رسالة من بريد الجمعة عام 1987



أنا شاب فى الثامنة والعشرين حصلت على شهادة متوسطة منذ 8 سنوات وعملت في وظيفة حكومية صغيرة، ومنذ 4 سنوات سافر أخي وهو كوافير للرجال للعمل في البلاد العربية وترك الصالون الذي يملكه وراءه فاضطررت لتعلم الحلاقة لكي افتح الصالون وأقوم بأعباء الأسرة إلى أن تستقر أحوال شقيقي في الغربة ويرسل لأمنا مرتبا شهريا فالتحقت بمدرسة لتعليم قص الشعر وتعلمته خلال شهرين فقط ولم أكن أتصور أن المهمة بسيطة بهذا الشكل فقد أتقنت فنون القص الحديثة وتخلصت من رعبي الذي أحسست به حين أمسكت بأدوات القصر لأول مرة. وفتحت المحل ووقفت فيه فوجدت رؤوس الزبائن جاهزة وهات يا قص وهات يا قبض فلوس .

وبعد ٦ شهور كان كل عملاء المحل قد عادوا وزادوا زبائن آخرين فطلبت إجازة بدون مرتب من عملي لمدة عامين واستقر شقيقي في عمله بالبلاد العربية فلم أجد ضرورة لوظيفتي الحكومية فاستقلت منها بلا ندم .. لأني ببساطة وجدت نفسي اكسب مرتبي في شهر خلال يومين اثنين من العمل في المحل.

 

وتحسنت أحوالي المالية وأصبحت استخدم اثنين من المساعدين وتحسن مظهري وأصبحت ارتدي افخر الملابس واضع خاتما ذهبيا كبيرا في إصبعي .. وبعد عامين من العمل في الصالون اشتريت سيارة وأصبحت ارتاد المحلات الراقية.

ثم تعرفت بخريجة جامعية لم تعمل بعد تسكن بالقرب من الصالون وتبادلنا الحب واتفقنا على الزواج وتمهيدا لذلك تعرفت بأبيها وهو موظف بالمعاش وعرضت عليه أن أتكفل بكل نفقات الزواج بحيث لا أكلفه شيئا ثم قابلت شقيقيها وأحدهما مهندس بإحدى الوزارات والثاني محام بشركة قطاع عام فرحب بي الأب أما الشقيقان فقد قابلاني بفتور وباستكبار مع أن كلا منهما كان قبل ذلك يخطب ودي ويحترمني حين يجيء إلى المحل لأقص له شعره وكل منهما كان يناديني يا دکتور، أو يا باشمهندس لكن ذلك قبل أن يعرفا أني أريد الزواج من شقيقتهما.

 



ولكاتب هذه الرسالة أقول:

 أنصحك يا صدیقی أن تتمسك بفتاتك مادامت متمسكة بك ومقتنعة بشخصيتك وبظروفك ومادام أبوها أيضا يرحب بك وهو ولي أمرها الطبيعي أما الشقيقان فهما في الواقع لا يرفضانك من حيث المبدأ .. ولو كانا كذلك لحملا أباهما على رفضك أو حاولا إقناع شقيقتهما بعدم التمسك بك وهو ما لم يحدث كما تقول لي بل لعلهما مقتنعان في داخلهما بأنك الأقدر على إسعادها لأنها تحبك ولأنك تحبها وتريد أن تضحي من أجلها بكافة تكاليف الزواج لذلك فاني أتصور أنهما يقبلان بك لكنهما لم يعتادا الأمر حتى الآن ولم يتخلصا بعد من بعض رواسب النظرة القديمة للعمل الخاص الصغير التي تغيرت تماما الآن، كما أنه من المحتمل أن تكون أنت مغالبا في حساسيتك تجاههما فترى في أي تصرف من جانبهما تعاليا عليك أو تكبرا بلا مبرر .. وفي هذه الحالة يكون لنفس هذه الرواسب المتخلفة مكان داخلك بغير أن تحس فتعامل معهما بطبيعية يا صديقي وسوف تذوب كل الحساسيات سريعا وسوف يجيئانك بعد قليل ويسلمانك رأسيهما لتصنع بهما ما تشاء وعندها سوف تحل كل المشاكل وسوف تسعد بزواجك من فتاتك قريبا بإذن الله.

نشرت في جريدة الأهرام "باب بريد الجمعة" عام 1987

راجعها وأعدها للنشر / نيفين علي


Neveen Ali
Neveen Ali
كل ما تقدمه يعود إليك فاملأ كأسك اليوم بما تريد أن تشربه غداً
تعليقات