الضيف الجديد .. رسالة من بريد الجمعة عام 1987
سيدي .. لا اعرف إذا كانت هذه مشكلة أم هي أم المشاكل ؟
فأنا طالبة
بالسنة النهائية بإحدى الكليات .. لي شقيقتان وأخ .. أصغرنا جميعا شقيقة عمرها 4
سنوات بالسنة الثانية الابتدائية وأنا الشقيقة الكبرى وأنت تعلم أن الشقيقة الكبرى
تكون بمثابة الأم الثانية لشقيقاتها .. كانت حياتنا تمضي عادية حتى وقعت المفاجأة
.. فمنذ شهرين حين علمت أن أمي حامل مرة أخرى .. فصدمت وتحولت حياتي إلى جحيم ..
وقد كانت أمي مستعدة لإجهاض هذا الحمل وطلب أبي منها ذلك أيضا لكن الطبيبة حذرتها
من ذلك لخطورته على صحتها .. ومن ذلك اليوم وأمي تبكي ليل نهار .. ومشاعري تجاهها
تغيرت فأصبحت أضيق بها وأوجه إليها كلمات شديدة .. ثم حين أراها تبكي أصالحها واجبر
بخاطرها لكيلا تغضب .
ستسألني ولماذا أنت غاضبة فأقول لك وكيف لا أغضب
.. فحتى لو توافرت الناحية المادية لرعاية طفل جديد في هذه الظروف فلن تتوافر
الصحة لرعايته في هذه السن .. ثم لقد تقدم لي شاب يخطبني في هذه الظروف فرفضته بلا
تفكير رغم أن به كل المميزات التي أرغبها .. والسبب هو الوضع الذي نعيش فيه .. إذ
ماذا سيقول عنا حين يعرف أن أمي مازالت تنجب .. وكيف يكون الوضع إذا أخفينا عنه
الأمر في البداية ثم فوجی بأم خطيبته بعد شهور تلد طفلا جديدا .. بل كيف يكون
الحال حين أتزوج ولي شقيق رضيع يوأوأ خلال حفل الزفاف.
إنني اعرف أنها مشكلة بلا حل .. لكنها كما
يقولون .. هم يبكي وهم يضحك .. لقد كتبت إليك هذه الرسالة لأني لا استطيع أن أتحدث
عنها مع أي إنسان حتى اقرب صديقاتي .. لأسمع رأيك
وأرجوك أن تريحني بكلماتك لأني في أشد حالات الضيق والغيظ أيضا .
ولكاتبة هذه الرسالة أقول :
إنني نشرت
رسالتك رغم عدم تفضيلك لذلك لأنني لا أرى فيها ما يدعو للخجل منه أو التستر عليه كما
توحي كلمات رسالتك . ولأنني أيضا رأيت فيها رصدا لحالة اجتماعية تتكرر الآن كثيرا ربما كأثر من الآثار
الجانبية لاستخدام موانع الحمل لفترات طويلة أو لسبب آخر لا اعرفه .. لذلك فقد
يكون من المفيد أن يطلع عليها الآخرون ليعرفوا بعض أبعادها التي قد تخفى عليهم ..
وأهمها بالتأكيد انعكاس الحادث السعيد المتأخر على نفسية الأبناء الكبار .. وكيفية
استقبالهم له .. وبعد ذلك أقول لك .. إن مجيء ضيف جديد في خريف العمر أمر يثير
القلق فعلا حول إمكانية رعايته ومستقبله .. وأنه من الأفضل فعلا ان ينجب الأبوان أطفالهما
في مرحلة من العمر تسمح لهما بتوفير الرعاية لهم والوصول بهم إلى بر الأمان وهما
على قيد الحياة .. لكن الخطأ دائما وارد يا صديقتي .. ولا راد لإرادة الله إذا شاءت.
ومادام الأمر كذلك فلماذا كل هذا الضيق
والمستقبل في النهاية بيد الله وحده .. ولا أحد يملك من أمره شيئا ؟ إن ما لا حيلة
لنا فيه لا يجوز لنا أن نندب حظنا بسببه .. لذلك فإني أعجب من أنك تزيدين من متاعب
أمك بسبب هذا الحادث بدلا من أن تخففي عنها .. ومن أنك تقسين عليها بدلا من أن تكوني
أكثر رفقا بها في ظروفها هذه .. فالإنجاب أو الامتناع عنه في النهاية ليس من شأنك
.. وإنما من شأن أبويك وحدهما وهما المسئولان عنه أولا وأخيرا ثم أنها لم ترتكب
جريمة في النهاية .. وإنما شاءت السماء أن تمنحها هدية جديدة .. جاءت متأخرة فعلا
.. لكنها في النهاية هدية من السماء يشقى آخرون أحيانا لكي يظفروا بها .
إنك تتعاملين
مع هذا الأمر كما لو كان "عارا" قد حط على الأسرة فجأة .. وهذا ما لم يعجبني
في رسالتك .. وترفضين خطيبا ممتازا تحسبا من الحرج حين يعرف به .. وهذا أيضا ما لا
أوافقك عليه .. فما حدث يحدث كثيرا .. وقد يحدث في أي مرحلة من العمر .. وكثيرا ما
تزوجت فتيات وأشقاؤهن الصغار ، يوأوأون في حفلات زفافهن .. فهوني عليك الأمر .. واستعدي
لاستقبال الضيف الجديد .. وخففي عن أمك آلامها بتقبلك لهذا الواقع الجديد الذي لن
يحول دونه غيظ أو غضب !
وابتسمي للأمر
كله .. فهو لا يدعو إلا للابتسام ثم من يدري أليس من المحتمل أن يكون هذا الضيف
القادم هو بشير السعادة لك ولأسرتك كلها ؟!
رابط رسالة الحادث السعيد تعقيبا على هذه الرسالة
راجعها وأعدها للنشر / نيفين علي
برجاء عدم النسخ احتراما لمجهود فريق العمل في المدونة وكل من ينسخ يعرض صفحته للحذف بموجب حقوق النشر