نور الظلام .. رسالة من بريد الجمعة عام 1986
أحب أن أعرفك أنني من هواة
قراءة "جرائد" الأهرام وتعجبني رسائل كثيرة في بريدك وأسهر أفكر في حل
لها .. وأحب أن أعرفك أنني سيدة متزوجة وعندي ابن وسني 18 سنة ! وزواجي هو سبب
مشكلتي فلقد تزوجت منذ 5 أعوام أي وعمري 13 سنة ! فهل تتصور هذا ؟ إنه ما حدث فأنا
لي 8 أشقاء وأخت تكبرني ب 5 سنوات .. وقد زوجني أهلي قبلها لكي أحمل الهم من بدري !
وقد تزوجت من ابن خالتي وعمره 24 سنة ويعمل بأحد البلاد العربية ولا أعرف له
عنوانا ولا أعرف ماذا يعمل.
وحين تزوجت كنت أؤدي آخر امتحان
من امتحانات الشهادة الابتدائية, وبدأت القصة قبلها بشهور حين جاءت إلى القاهرة
خالتي وزوجها وطلبا من أبي وأمي يد شقيقتي الكبري لابنهما فرفضت أمي ذلك لأنها
كانت على وشك أن تؤدي امتحان الثانوية العامة، وخوفا من أن تغضب شقيقتها وافقت على
أن أتزوجه أنا .. وتم دفع المهر والاتفاق على الزواج بعد امتحان الابتدائية وعقب
نهاية اليوم الأخير من الامتحان سافرنا إليهم بقطار المساء من القاهرة إلى الأقصر
ولن أكذب عليك وأقول لك أنني رفضت وقاومت وبكيت إلخ .. بل على العكس كنت فرحانه
لأني لا أعرف معنى الزواج .. ولا أعرف عنه إلا ما رأيته في الأفلام من عروس تلبس
الطرحة .. وملابس جميلة وخروج وضحك.
وهكذا كنت سعيدة وأمي تشتري لي
الملابس ثم سافرنا إلى الصعيد .. وهناك وجدنا الفرح جاهزا ولبست الفستان وغنيت مع
من يغنون وضحكت معهم وفرحت معهم .. ثم
جاءت بعد ذلك المفاجآت والمشاكل وباختصار طلبت مني أمي أن تعود بي إلى بيتنا في القاهرة
لأني لا أريد أن أبعد عن اخوتي "فرفضت" أما العريس قد انتهت اجازته بعد
أيام وسافر غضبان مني ومرت سنة وأنا أعيش وحيده في بيت خالتي لا أعمل شيئا سوى
المساعدة في عمل البيت إلى أن جاء مرة أخرى وعاش معي شهرا وسافر"غضبان"
مني مرة أخرى, ومرت سنة ثم عاد وعاش معنا شهرين ثم سافر بعد أن تركني حاملا في
إبني ولم أطق الحياة في بيت خالتي وأنا وحيدة بعيدة عن إخوتي وأمي وأبي وطلبت من
خالتي أكثر من مرة أن تسمح لي بالعودة لبيت أبي إلى أن يعود زوجي .. فرفضت واضطررت
للهرب وركوب القطار وحدي .. وعدت إلى بيتي وأنجبت ابني وجاء زوجي في الأجازة
وحملني معه ومعي ابني إلى أهله ثم سافر بعدها وأردت العودة إلى أبي فرفضت خالتي
إلا أن أترك ابني فتركته وعدت.
وأنا الآن أعيش في بيت أبي .. وأريد ابني ولا
أعرف هل أطلبه بالبوليس أم ماذا أفعل .. وقد رفضت خالتي طلاقي وأنا خائفه من أن
يطلبني زوجي في الطاعة لأني كرهته ولا أريد أن أعيش وحيدة لمدة سنتين وسط أقارب لم
أرهم إلا يوم جاءوا يخطبونني ولا أريد أن أبعد عن أهلي فماذا أفعل؟!
ولـكاتب هـذه الرسالة أقول :
الجئي إلي أي إنسان عاقل من
أقاربكم .. فإن لم يكن فمن البيت الذي تسكنون فيه , فإن لم يكن فمن الحي الذي
تعيشون فيه ليساعدك على الخروج من هذه الكارثة التي أوقعك فيها أبواك بجهلهما
وحمقهما ..حتى لقد حق لك أن تقولي صادقه هذا جناه أبي عليَ وما جنيت على أحد!
يا إلهي .. أفي هذا العصر الذي
يقتحم فيه التليفزيون والاذاعه وكل وسائل الاتصال حياة الناس في عقر دورهم تتزوج
فتاة في سن الثالثة عشرة ولكيلا "تغضب خالتها"!
وكيف يكون لمثل هذا الأب وهذه
الأم حق الولاية على ابنتهما! لكن ماذا أقول لك وما أنت إلا ضحية مثل كثيرات غيرك
للجهل السائد .. ولرخص الإنسان في هذا الزمن ولو كنت في مجتمع متحضر لرفع المجتمع
ولاية مثل هذين الأبوين عنك بحكم القضاء لأنهما ليسا جديرين بحمل الأمانة لظلام
عقولهما ولتولي المجتمع عنك المسئولية الكاملة واسترد لك ابنك واستصدر لك حكما
بالطلاق لافتقادك للمسئولية عن نفسك عند الزواج لكن هذا حديث طويلا لا مجال له
الآن .. فاستعيني بالعقلاء من حولك إن وجدوا واذهبي معهم إلى أقرب محام لاسترداد
ابنك لأنه من حقك مهما كانت الظروف إلى أن يبلغ سن انتهاء الحضانة.
نشرت في جريدة الأهرام "باب بريد الجمعة" عام 1986
كتابة النص من مصدره / بسنت
محمود
راجعها وأعدها للنشر / نيفين علي
برجاء عدم النسخ احتراما لمجهود فريق العمل في المدونة وكل من ينسخ يعرض صفحته للحذف بموجب حقوق النشر