مشكلة خاصة جدا .. رسالة من بريد الجمعة عام 1985

 

مشكلة خاصة جدا .. رسالة من بريد الجمعة عام 1985

مشكلة خاصة جدا .. رسالة من بريد الجمعة عام 1985


 لن أخذ من وقتك الكثير .. لأني سأدخل في الموضوع مباشرة .. أنا يا سيدي شاب في السادسة والعشرين من عمری أبي طبيب وأسرتي ميسورة الحال والحمد لله ولا أشكو من سوء معاملة أسرتي لي .. ولا من مشاكل الحياة لكنني أشكو من مشكلة خاصة جدا أعاني منها معاناة شديدة ولا أجرؤ على مفاتحة أبي أو أسرتي في أمرها وهذه المشكلة هي أني تسيطر علي رغبة جامحة وقوية في تقبيل أقدام النساء وأرجوك ألا تسخر مني وألا تتهكم علي وألا تحتقرني .. وألا تؤنبني وألا تستهين برسالتي .. فهي مشكلة تفسد علي حياتي وتعرضني لمتاعب كبيرة وكدت ادخل من أجلها قسم الشرطة عشرات المرات وأجلب العار على نفسي وأسرتي فكم جريت وراء فتيات وسيدات في الشارع اسألهن بكل أدب واحترام السماح لي بتقبيل أقدامهن .. فلا ألقى سوى السباب واللعن والسخرية ! فأعود خائبا أتعجب من "تفاهة" تفكير النساء ! ! فلماذا السباب والغضب واستدعاء الأزواج والإخوة للاعتداء علي والمسالة بسيطة ولا تعدو أن تكون اقتراحا مهذبا كان من الممكن بشيء من التحضر أن يجرى على هذه الصورة : لو سمحت أريد أن أقبل قدمك من فوق الحذاء.

 الإجابة : اتفضل ، فانحنى في الشارع وأمام الجمهور واقبل القدم وانصرف سعيدا بعد شكر الآنسة أو السيدة على ذلك ، أو أريد أن اقبل قدمك .. متأسفة فأشكرها وانصرف بهدوء.

 

هذه هي المسالة ببساطة فلماذا البهدلة والزعيق والتهديد بالشرطة ؟

إنني أرجوك أن تنشر رسالتي لكي اقرأ ردك عليها أو اقرأ تحليلا نفسيا من أحد قراء البريد ، لأنني أصبحت في حالة نفسية سيئة للغاية لأنني أتخيل حالي عندما أتزوج فأجد نفسي أعيش مع زوجة تأمرني كل يوم بتقبيل قدمها فأستجيب سعيدا راضيا ، وأتخيل دلالات ذلك وما سوف يقال عني .. فأفزع وأحس أنني أمام مشكلة حقيقية تهدد حياتي الزوجية وسعادتي، وتفسد نظرة الآخرين لي .

إنني أريد أن اقرأ رأيا في مشكلتي ممن قد يكونون قد مروا بمشكلة مماثلة ولا أعرف كيف تخلصوا منها ؟ ، والى ذلك الحين أرجو من النساء ، ألا يلبسن الحذاء الجميل ذا الكعب العالي الرشيق رأفة بحالي ! .

 

 تلقيت هذه الرسالة العجيبة في بريدي وترددت في نشرها لأنها لا تعكس مشكلة هامة من مشاكل حياتنا لكنني رأيت أن أنشرها لأنها وإن كانت تعرض مشكلة خاصة جدا .. إلا إنها بالتأكيد تضيف إلى معرفتنا بالنفس البشرية شيئا جديدا .. وتضيف إلى خبرتنا بالحياة ما لم نكن نعرف وما لم نكن نتصور.

 
 ولكاتب هذه الرسالة أقول :

إنك في حاجة إلى استشارة طبيب نفسي على الفور .. وأرجو ألا تتأخر يوما واحدا عن طلب العلاج النفسي .. فأنت معرض لمتاعب كثيرة لا تتخيل حجمها بسبب هذه الرغبة المتسلطة التي ستجر عليك بالتأكيد ما هو أكثر من السباب والبهدلة في الشوارع .. ولا معنى للخجل من طلب العلاج النفسي وأنت لا تخجل من طلب تقبيل أقدام النساء في الشوارع .. والحق إنني قبل أن اقرأ رسالتك كنت أتصور أن الشاعر الانجليزي اللورد بايرون هو وحده من قال : ليت للنساء جميعا فما واحدا إذن لقبلته واسترحت فجاءت رسالتك هذه لتقول في مجملها ما معناه : ليت للنساء جميعا "قدما" واحدة ! إذن لقبلتها واسترحت.

وما أعجب ما اقرأ في رسائل البريد .. وما أكثر ما في الحياة من غرائب.

·       نشرت في جريدة الأهرام "باب بريد الجمعة" عام 1985

راجعها وأعدها للنشر / نيفين علي

 


Neveen Ali
Neveen Ali
كل ما تقدمه يعود إليك فاملأ كأسك اليوم بما تريد أن تشربه غداً
تعليقات