الأمل الاخير .. رسالة من بريد الجمعة عام 2000
أنا سيدة في
الثالثة والستين من عمري توفي زوجي منذ أعوام وكافحت كفاحا مريرا وواجهت متاعب
الحياة بإيمان بقضاء الله ولم أجد بعد وفاة زوجي أي مساعدة من أهله, الذين
انفضوا عنا بمجرد وفاة زوجي, والحمد لله فقد تمكنت من تعليم أبنائي الخمسة في
الجامعات وساعدني ابني الأكبر والذي تجاوز الآن الأربعين من عمره بسنوات في تربية
أخوته وساهم بقدر كبير في زواج شقيقاته وتعليم أشقائه, فكان ينفق مدخراته في
شراء حجرة نوم لإحداهن أو انتريه للأخرى أو يدبر تكاليف السفر لمن سافر للدول
العربية منهم حتى تحقق للجميع الاستقرار والسعادة والحمد لله.
وبقي ابني
هذا معي في النهاية وانشغل الجميع بحياتهم وتركونا وحيدين. ولقد انفق أبني
الأكبر كل مدخراته على أشقائه ولم يبخل على أحد منهم فصار رصيده المادي صفرا.
أما رصيده من الرجولة والعطاء وتحمل المسئولية فلقد أصبح كبيرا ومشرفا له ولي كأم
له. وبسبب تضحياته بماله وجهده تأخر ابني في الزواج, وكنت أدعو الله له دائما
أن يمن عليه بالزوجة الصالحة وهي خير متاع الدنيا حتى ترفرف نسمات السعادة أخيرا
على حياته وألح عليه في أن يشرع في اختيار إنسانة صالحة لتكون زوجة له فكان يرفض
متعللا بضعف إمكانياته وعدم استعداده للزواج.
ثم استجاب
الله سبحانه وتعالى لدعائي منذ ثلاث سنوات ووفق إلى خطبة فتاة متدينة وتعرف حدود
ربها وتؤدي فرائض دينها وحسنة الأخلاق والشكل, وبمرور الأيام توثقت بينهما روابط
الحب والوئام وحاول ابني أن يدخر من مرتبه حتى يتمكن من الوفاء بتكاليف الزواج من
موبيليات وإعداد للشقة القديمة التي نقيم فيها, ولكن الله سبحانه وتعالى امتحنني
منذ عامين بورم غير حميد تطلب إجراء ثلاث عمليات لإزالته من الوجه, وقد تخاذل
بقية الأبناء عن المساعدة في تكاليف العملية, ودفع ابني الأكبر كل ما كان معه
لتكاليف العملية والعلاج, مما أدى لتعثره في مشوار الزواج وأصبح مشروع زواجه
مهددا بالفشل بعد أن توقف لأكثر من ثلاث سنوات.. وأنا أتقاضى معاشا قدره 159
جنيها واستطيع أن أدفع قسطا شهريا قدره مائة جنيه وأكتفي بالتسعة وخمسين جنيها
لنفقات علاجي.. فهل أجد من يقبل أن يبيع لنا غرفتي نوم وسفرة متواضعتين بالتقسيط
بواقع مائة جنيها شهريا؟
إنني أعرف
أنه مطلب صعب.. لكن أملي الأخير هو أن يشعر ابني بالسعادة والأمان في حياته بعد
كل ما قدمه لي ولأخوته خلال رحلة السنين. فهل هذا كثير عليه يا سيدي ؟
ولكاتبة هذه الرسالة أقول:
وفي النهاية
فإني أرجو أن تسمح لي الظروف بمساعدتك على تحقيق هذا الأمل الأخير وشكرا.
· نشرت في جريدة الأهرام "باب بريد الجمعة" عام 2000
راجعها وأعدها للنشر / نيفين علي
برجاء عدم النسخ احتراما لمجهود فريق العمل في المدونة وكل من ينسخ يعرض صفحته للحذف بموجب حقوق النشر