الاستثناء .. رسالة من بريد الجمعة عام 1991

 

الاستثناء .. رسالة من بريد الجمعة عام 1991

الاستثناء .. رسالة من بريد الجمعة عام 1991


أنا مهندس شاب والحمد لله .. وقد أكرمني الله بعد التخرج وقضاء الخدمة العسكرية بالعمل بأحد مشروعات وزارة الكهرباء فاكتسبت خبرة ممتازة ولله الحمد .. وأنا أصلا من أبناء قرية صغيرة وخلال فترة دراستي كنت في حالي مع بعض الزملاء الطيبين وكان تعاملي مع زميلاتي في حدود الأدب ولله الحمد وخلال عملي في مشروع الكهرباء الذي استمر لمدة سنة كنت أنا وزميلة مهندسة تشرف على تركيبات هذا المشروع والاختبارات التي تجري فيه فأحسست لأول مرة بإحساس غريب يجذبني إلى هذه الزميلة وأحببتها لله وفي الله وبلا أي غرض وعرفت قصتها وهي أن زوجها قد توفي وهى لم تتجاوز الثانية والثلاثين وترك لها ثلاثة أطفال .. ولأني كنت لا أملك سوى مرتبي فقد كتمت هذا الحب في قلبي .. وكان يخيفني أنها ميسورة الحال وأنا فقير فنما الحب الصامت في قلبي طوال فترة عملي.

 

 ثم فجأة أكرمني الله بعمل في إحدى الدول العربية وسافرت والحمد لله وبدأت العمل منذ عامين وأصبحت حالتي ميسورة ومازلت أحبها ولله الحمد على كل شيء وأريد أن أتزوجها وأحس باهتمامها لكني لا اعرف مدى استعدادها لقبول الزواج مني حيث أن عمري الآن ٢٨ سنة وأكبر أولادها في الصف الرابع الابتدائي وأنا أحبهم جدا والحمد لله وأستطيع أن اختار فتاة صغيرة لكني أحب هذه الزميلة فماذا افعل يا سيدي إن شاء الله؟

 

ولكاتب هذه الرسالة أقول :

مع أنك لم توضح لي بدقة فارق العمر بينك وبينها الذي أرجح أنه في حدود سبع سنوات .. ومع إني أفضل أن يكون الزوج أكبر من زوجته بعدة سنوات أو مقاربا لها في السن ففي بعض الحالات الاستثنائية النادرة قد يمكن الخروج على قوانين الحياة للضرورة القصوى فيصغر الزوج زوجته بشرط ألا يزيد الفارق عن عامين أو ثلاثة في الشباب .. أما إذا كان الزوجان متوسطي العمر ففارق السن هنا يفقد معظم أهميته سواء أكان الزوج أكبر من زوجته أو أصغر منها لأنهما معا قد اكتمل نضجهما النفسي والعاطفي واكتسبا خبرة الحياة وتجاوزا مرحلة تقلب المشاعر والاندفاع.

 

وإذا افترضت معك أن حالتك هذه من الحالات الاستثنائية التي تقضي بها ضرورة عاطفية يصعب مقاومتها مع أني قد اختلف معك في ذلك ، فإني أطالبك أولا بأن تتأكد من صدق مشاعرك تجاه زميلتك السابقة ومن أن أحاسيس الغربة والوحدة لم تساهم في تضخيم هذه المشاعر الرومانسية على حساب حقائق الحياة .. فإذا عرفت غير ذلك فاستشر أبويك في أمرك .. ثم اعرض على زميلتك السابقة عرضك ودع لها فترة كافية للتفكير فيه وإبلاغك بردها .. فإن جاء الرد بالقبول فالحمد لله .. وإن جاء بالاعتذار فغالب نفسك حتى تبرأ من عاطفتها .. ثم واصل حياتك إلى أن تلتقي بمن تحرك مشاعرك من جديد وتتمنى الارتباط بك .. والأمر لله.

 ·       نشرت في جريدة الأهرام "باب بريد الجمعة" أغسطس عام 1991

راجعها وأعدها للنشر / نيفين علي

 


Neveen Ali
Neveen Ali
كل ما تقدمه يعود إليك فاملأ كأسك اليوم بما تريد أن تشربه غداً
تعليقات