الوصمة .. رسالة من بريد الجمعة عام 1999

 

الوصمة .. رسالة من بريد الجمعة عام 1999


الوصمة .. رسالة من بريد الجمعة عام 1999


ونحن على أبواب قرن جدید .. نتطلع إلى الكثير والكثير ونحلم !! ونحلم !! وفي غمرة أحلامنا نسينا أو تناسينا بناتنا الصغيرات "المطلقات" إذ أن من حقهن أن نحلم لهن ومعهن ونحقق لهن بعض آمالهن وطموحاتهن .. فماذا أعد لهن قانون الأحوال الشخصية ؟؟ ماذا أعد لفتياتنا الصغيرات اللاتی صدمن في بداية حياتهن الوردية بشئ بغيض إلى الله ، وإلى الناس ، وإليهن وهو الطلاق ؟


 إن معظم المطلقات حاليا فتيات في عمر الزهور، لم يعشن حياتهن كما كن يحلمن بها ، وكما يتناسب مع شبابهن وجمالهن ومعظمهن خرجن من هذه التجربة بطفل أو بأطفال .. ولا ذنب لهن ولا جريرة في ذلك !! فقد وجدن أنفسهن متزوجات في سن صغيرة ، متزوجات باللفظ فقط فلا هن أدركن معنى الزواج ، ولا هن حققن بهذا الزواج السعادة التي كن ينشدنها.

 

وهكذا خرجن من التجربة مهيضات الجناح .. مكتئبات يحرم عليهن أن يمارسن حياتهن العادية كما يمارسها غيرهن .

والأهم من ذلك كله أن كلمة (مطلقة) تظل تلاحقهن في كل مكان .. عند استخراج بطاقة شخصية ، أو عند استخراج جواز سفر ، أو عند تسلم العمل في أي وظيفة .. وإذا سمحت لهن الظروف بالزواج مرة أخرى تكون الطامة الكبرى .. فعقد القران يتم حاليا بالمسجد في حضور كثيرين والمطلوب من المأذون أن يطلع على قسيمة الطلاق من الزوج السابق ، ويسمع الكثيرون ويشهدون بما يقال بين الزوج ووالد الفتاة من عبارة مثل زوجتك ابنتي (الثيب) .. ولابد من إثبات ما يفيد أنها مطلقة وسبق لها الزواج في قسيمة الزواج ، فهل نسي مشرعو الأحوال الشخصية هذه الحالة ؟

ألا يوجد مخرج لهؤلاء الفتيات ؟! وبدلا من أن تظل هذه (الوصمة) تلاحقهن إلى ما لا نهاية في العمل وفي كل مكان ، إذا لابد من تقديم القسيمة في كل من عمل الزوج والزوجة ؟

وما أدراك ما يحدث عندما يطلع هؤلاء على هذه القسيمة !!

 

إننا نرجو ونلح في الرجاء نحن الأمهات أن يقف مشرعو الأحوال الشخصية في صف هؤلاء الفتيات .. ويحاولوا استبدال الكلمات الجارحة بأخرى غير جارحة مثل (غير متزوجة) مثلا في البطاقة الشخصية أو جواز السفر ، وكذلك في قسيمة الزواج الجديد مادام المأذون قد اطلع على قسيمة الطلاق السابق ، ومادامت جميع البيانات مسجلة في السجلات الرسمية.

نأمل ذلك ونسأل الله أن يهدينا جميعا سواء السبيل .

 

ولكاتبة هذه الرسالة أقول:

إذا كان حل المشكلة التي تعتبرينها "کالوصمة" بالنسبة لبعض الفتيات سيئات الحظ في الزواج الأول ، هي في استبدال کلمة "غیر متزوجة" بكلمة "مطلقة" في بيانات الأحوال الشخصية وجواز السفر ومسوغات العمل ، فلا بأس بذلك ، رعاية للمشاعر إذا لم يترتب عليه متاعب جديدة لأطراف القضية ، وأقر المشرعون وجاهة ذلك ، لكن يمكن تفادي ذلك في صيغة عقد الزواج التالي ومن شأنه إثبات حالة الزوجة عند الزواج بكرا كانت أم ثيبا اللهم إلا إذا اعتبرنا عبارة غير متزوجة ، ترجمة رقيقة لكلمة "مطلقة" وتم التعامل بها على هذا الأساس في كل الأوراق الرسمية ، على أية حال فإنی أنشر رسالتك لما تعكسه من وجهة نظر أم مشفقة على ابنتها من وقع كلمة "مطلقة" عليها حتى ولو كنت أختلف معك في اعتبار ذلك "وصمة" لمن لم يصادفهن التوفيق في زواجهن .. وشكرا لك .

 ·       نشرت في جريدة الأهرام "باب بريد الجمعة" عام 1999

راجعها وأعدها للنشر / نيفين علي


Neveen Ali
Neveen Ali
كل ما تقدمه يعود إليك فاملأ كأسك اليوم بما تريد أن تشربه غداً
تعليقات