السؤال الحائر .. رسالة من بريد الجمعة عام 2003

 السؤال الحائر .. رسالة من بريد الجمعة عام 2003

السؤال الحائر .. رسالة من بريد الجمعة عام 2003

أنا من قراء باب بريد الجمعة منذ أكثر من خمسة عشر عاما‏,‏ وما دفعني للكتابة إليك الآن هو حيرتي في أمري والتي تتلخص في أنني سيدة مطلقة منذ اثنتي عشرة سنة‏,‏ وأعيش وحيدة منذ ذلك التاريخ‏,‏ رغم أن لي ابنا وابنة يعيشان مع والدهما منذ أن وقع الطلاق‏,‏ ويزورانني كل أسبوع يوما‏,‏ وأعيش طوال الأسبوع في انتظار اليوم الذي سيأتيان فيه ثم يرحلان‏,‏ وأعيش على الأمل‏,‏ وكان ذلك وهما صغيران‏,‏ أما الآن فقد تخرج الابن في الجامعة‏,‏ وأصبحت الابنة في منتصف المرحلة الجامعية أي أنهما أصبحا شبابا‏,‏ وما أدراك ما هو شباب اليوم إذ ليس هناك أدنى عاطفة ولا رعاية لأم حرمت على نفسها الزواج منذ أن كانت في الثامنة والثلاثين‏,‏ وحرمت نفسها من تكوين أسرة جديدة تبدأ بها بعد أن فشلت الأسرة الأولى‏,‏ ولا تقدير للوحدة التي أعيشها ويريانها بعيونهما‏,‏ حيث إنه ليس لي أخوة أو أخوات ولا أعمام‏,‏ وهذا قدري ويأتي ابناي فقط عندما يريدان شيئا أو عند طلب نقود أو عندما تكون هناك مشكلة يعرفان جيدا أنه لا أحد يستطيع المساعدة فيها غير الأم‏.‏


وعدا ذلك لا تجدهما وأعيش وحيدة بالأيام والأسابيع يعتصرني الألم والمرارة على ما شهدت في حياتي من قسوة ولن أطيل عليك فالسؤال الآن الذي يشغل تفكيري وأنا على أعتاب الخمسين هو كيف سأعيش بقية حياتي إذا ما تزوج الابنان وانشغلا بحياتهما ومستقبلهما ـ كيف  أعيش إذا ذهبت الصحة في يوم من الأيام أو غدرت بي الأيام أكثر من ذلك؟
إنني أتساءل هل من المناسب لي الزواج الآن وأنا في هذه السن علما بأنني والحمد لله في صحة جيدة ومقبولة الشكل ومرحة وأحب الحياة وأعرف أمور ديني جيدا ومحبوبة في عملي وملتزمة في أخلاقي‏.‏


أم هل أعيش ما بقي لي من عمر وحيدة احتراما لسني وأولادي وليكن ما يكون‏.‏

 وهل سأجد من الرجال من يرغب بسيدة في سني تكمل معه الطريق فترعاه وترعى أولاده إن وجدوا‏.‏
إنني أرجوك ألا تقول لي إن ابنيك يحتاجان لك وألا تقول لهما لابد أن ترعيا والدتكما لأن الحب والحنان عاطفتان لا تشتريان ولا يعلمهما أحد لأحد فلقد أصبحا في سن قادرين فيها على فعل كل شيء وأي شيء برغبتهما وحدهما‏,‏ لهذا فإني أرجو منك النصيحة وسأعمل بها بإذن الله‏.‏

ولكاتبة هذه الرسالة أقول‏:‏

لا بأس بزواجك مرة أخرى‏,‏ مادمت تشكين من الوحدة القاسية‏..‏ ولا تجدين لدى ابنيك ما يعوضك عنهما أو يخفف بعض أثرها عليك‏..‏ ولكل إنسان شريك مناسب له دائما في كل مرحلة من مراحل العمر‏..‏ وإذا استشعرت المرأة حاجتها الحقيقية نفسيا وإنسانيا وعاطفيا إلى الزواج فمن واجبها ألا تقصر في حق نفسها‏..‏ وألا تهمل السعي لتحقيق رغبتها المشروعة في الزواج والصحبة والإيناس‏,‏ وبغض النظر عن قيام الأبناء الشباب بواجبهم في رعاية أمهم وتعويضها عن حرمانها أو عدم قيامهم به‏,‏ وأني لأستشعر  من كلماتك عمق احتياجك الإنساني إلى الزواج‏.‏ فليكن إذن هذا هو هدفك في المرحلة الحالية بلا حرج ولا حساسية‏!‏

·       نشرت في جريدة الأهرام "باب بريد الجمعة" عام 2003

راجعها وأعدها للنشر / نيفين علي


Neveen Ali
Neveen Ali
كل ما تقدمه يعود إليك فاملأ كأسك اليوم بما تريد أن تشربه غداً
تعليقات