رحيق السعادة .. رسالة من بريد الجمعة سنة 2001

 رحيق السعادة .. رسالة من بريد الجمعة سنة 2001

رحيق السعادة .. رسالة من بريد الجمعة سنة 2001


إن شريعة الله هي الحب والخير والعدل والرحمة والتسامح والعطاء والإحسان، وكل القيم والمعاني السامية النبيلة وليست أبدا القسوة والبغضاء وجلد الآخرين بظروفهم كأنها ذنب ارتكبوه بإرادتهم وليست أقدارا مقدوره عليهم‏.‏

عبد الوهاب مطاوع


أنا رجل أبلغ من العمر 42 عاما .. حاصل على مؤهل عال تزوجت منذ 10 سنوات من فتاة من أسرة طيبة ‏..‏ وكنت حينذاك أعمل محاسبا بمستوصف خاص بإحدى دول الخليج‏,‏ وارتبطت بهذه الفتاة وعقدت قراني عليها في مدينتي الصغيرة بالوجه البحري‏,‏ وسافرت هي إلى حيث أقيم لإتمام الزفاف توفيرا للنفقات‏.‏
وبعد خمسة شهور من زواجنا مّن الله سبحانه وتعالى علينا بحمل زوجتي في توءم‏,‏ ومضت شهور الحمل الأولى عادية إلى جاء الشهر السادس‏,‏ وتطورت الظروف واحتاجت زوجتي فجأة إلى إجراء جراحة كبرى لها‏..‏ وكان مطلوبا أن يتوافر عدد كبير من المتبرعين لها بالدم لإنقاذ حياتها خلال الجراحة‏,‏ والحمد لله فلقد تجمعنا أنا وعدد كبير من زملائي بالعمل في المستشفى وتقدمنا جميعا للتبرع بالدم المطلوب‏,‏ وأبلغني الأطباء أنهم يسعون لإنقاذ حياة زوجتي على حساب حياة التوءم وكان قراري وبإجماع زملائي كلهم هو أن إنقاذ حياة الأم هو الأهم‏..‏ أما التوءم فهما في ذمة الخالق العظيم وهو الذي خلقهما بقدرته العليا‏..‏ وهو الذي يستطيع أن يعوضنا عنهما بإرادته حين يشاء واستراح ضميري وضمير زملائي جميعا لهذا القرار‏,‏ واستغرقت العملية الجراحية 10 ساعات‏,‏ كنت خلالها عاكفا في مسجد المستوصف أسجد لله خوفا وأملا وأتضرع إليه وأتلو آيات الذكر الحكيم‏,‏ وخاصة سورة يس‏,‏ إلى أن خرج الأطباء وقالوا لنا أنهم قد فعلوا كل ما يستطيعون‏..‏ ولم يبق إلا الأمل في رحمة الله‏.‏

فنقلت زوجتي من غرفة الجراحة إلى العناية المركزة‏,‏ وأخذنا التوءم اللذين لم يكتب لهما أن يريا الحياة واستودعناهما عند من لا تضيع عنده الودائع سبحانه‏ وتعالى.‏
وظلت زوجتي في العناية المركزة شهرا كاملا‏..‏ وكانت قد سألتني عن توءمها حين أفاقت ولم أجد ما يدعو إلى إخفاء الحقيقة أو التهرب منها فصارحتها بأنهما أمانة عند الخالق العظيم وسيكونان شفيعين لها بإذن الله يوم القيامة‏,‏ فتجلدت زوجتي واسترجعت‏..‏ وقالت هو من أعطى وهو من أخذ فاللهم أجرني واجر زوجي عنهما يوم الحساب‏.‏

وخرجت زوجتي من المستشفى وسط دهشة كثيرين لم يصدقوا احتمال شفائها أو نجاتها من الموت بعد أن أكد الأطباء من قبل أن نسبة نجاح تلك الجراحة الكبرى ضئيلة للغاية‏.‏
وعدنا لحياتنا الطبيعية وبعد فترة ليست طويلة‏,‏ بدأت زوجتي تشعر ببعض الألم والمغص في البطن‏..‏ وبدأنا نتردد على المستشفي فيعطيها الأطباء بعض المسكنات ويذهب الألم‏..‏ ثم لا يلبث أن يعود من جديد‏..‏ إلى أن قرروا إجراء جراحة استكشاف للبطن للكشف عن أسباب هذا الألم‏,‏ وامتثلنا لقرار الأطباء وأجريت الجراحة ووجدوا أن الأمعاء بها التهاب لا يحدث إلا بنسبة الواحد في المليون في مثل هذه الظروف‏,‏ واتخذ الأطباء قرارهم بإجراء جراحة ثالثة لها لفصل الأمعاء إلى جزءين‏.‏

وبعد الجراحة توجهنا لأداء العمرة‏..‏ والابتهال إلى الله أن ينعم عليها بنعمة الشفاء‏,‏ ورجعنا إلى مصر لقضاء فترة الأجازة السنوية فرجعت نفس الآلام والمشاكل مرة أخرى ‏..‏ واحتاجت زوجتي إلى إجراء جراحة رابعة كبرى في احد المعاهد المتخصصة في مصر‏..‏ وتقبلنا أنا وزوجتي كل ذلك بصبر وامتثال وبحمد الله على نعمه والثناء عليه‏.‏


ثم عدنا إلى مقر عملي بالبلد الخليجي‏,‏ واستقرت الحالة الصحية لزوجتي وانتهت الآلام إلى غير رجعة والحمد لله‏..‏ ومارسنا حياتنا الطبيعية إلى أن انتهت فترة عملي بالغربة‏,‏ ورجعنا للاستقرار في بلدنا‏,‏ وكنت خلال ذلك قد استخدمت كل أو معظم مدخراتي في الغربة في بناء شقة بمنزل أبي وتجهيزها ورجعت إلى عملي كموظف بالحكومة‏..‏ وبعد عودتنا بفترة بدأت المشاكل من جانب آخر هو جانب والدتي يرحمها الله وإخوتي‏,‏ وكان مثار كل تلك المشاكل هو الحديث عن الجراحات الأربع التي تعرضت لها زوجتي ومدى تأثيرها على فرصتها في الإنجاب‏,‏ ورغبة أبي وأمي في أن يريا لهما حفيدا مني‏,‏ وكنت في كل تلك المشاكل أقول دائما لأبي وأمي وإخوتي إن الإنجاب كالرزق والعمر وعلم الساعة كلها من أمر ربي وحده‏,‏ ولكن دون جدوى فلا يمر يوم دون أن أرجع من عملي وأجد زوجتي تبكي بكاء مريرا بسبب كلمة أو إشارة وجهت إليها في هذا الشأن‏,‏ أو خبر نما إليها عن ضغط أهلي علي لكي أطلقها لأتزوج من أجل الإنجاب‏.‏


وتحت ضغط هذه الظروف كلها اضطررت لمصارحة أبي وأمي بالسر الذي كنت اكتمه عنهما وهو إنني أنا أيضا أعاني من سبب عضوي يضعف من فرصتي في الإنجاب‏..‏ وأن حمل زوجتي الأول قد تم خلال فترة كنت أتلقى فيها علاجا مكثفا لحالتي‏,‏ أما الآن فإنني احتاج إلى عملية زرع أنسجة‏,‏ وهي مكلفة جدا ولا طاقة لي بها‏,‏ وبالتالي فإن ظروفي وظروف زوجتي متشابهة وهذه هي حياتنا ونحن راضيان بها‏,‏ لكن أبي وأمي لم يقتنعا بذلك وفسراه على طريقتهما‏,‏ بأنني انسب إلى نفسي العجز عن الإنجاب لكي يتوقفا عن الضغط علي للزواج مرة أخرى‏,‏ واستمرت الضغوط القاسية بلا هوادة‏..‏ وبعد فترة فوجئت بابي وأمي يضعانني أمام خيار صعب هو إما أن أطلق زوجتي هذه وأتزوج من أخرى على أمل الإنجاب منها‏..‏ وإما أن أغادر الشقة التي بنيتها بشقاء العمر في الغربة‏,‏ وابحث لنفسي عن مسكن مستقل خارج نطاق الأسرة‏.‏

وبالرغم من قسوة الاختيار فإني لم أتردد لحظة في اتخاذ قراري وهو التمسك بزوجتي والبحث لنفسي عن سكن آخر‏,‏ بعد أن أعيتني كل الحيل مع أهلي‏,‏ وبعد أن استشرت أهل الذكر ورجال الدين فاجمعوا كلهم على أن ما يطلبه مني أبي وأمي هو تدخل في أمور خاصة بقدرة الله وحده‏,‏ وليس لي ولا لزوجتي يد فيها‏.‏
وقبلت بالقرار الصعب وغادرت شقتي في منزل الأسرة‏,‏ لكيلا اغضب أبوي وأهلي واقترضت من البنك على مرتبي لكي ادفع مقدم إيجار لشقة صغيرة استأجرتها بمائة وخمسين جنيها كل شهر‏..‏ وكل مرتبي لا يزيد على مائتين وسبعين جنيها‏,‏ وزوجتي وهي حاصلة علي بكالوريوس التجارة لا تعمل‏.‏


وانتقلنا للشقة الجديدة‏..‏ ووجدتني ادفع أكثر من نصف مرتبي كل شهر كإيجار لها ولي في نفس الوقت شقة خالية بنيتها بعرقي وكفاحي في منزل الأسرة‏,‏ ثم رحلت أمي عن الحياة فجأة يرحمها الله‏..‏ وبعد فترة الحداد حاولت مع أبي جاهدا أن أعود إلى مسكني‏..‏ وتدخل بعض الصالحين بيني وبينه في ذلك‏,‏ فإذا به يتمسك بالرفض النهائي ومازال على موقفه هذا إلى الآن‏.‏
وبالرغم مما نعانيه من ضيق العيش وجفاف الحياة ونفقات الأطباء المختصين بأمر الإنجاب بالنسبة لزوجتي ولي‏,‏ فلقد أزداد تمسك كل منا بالآخر واقتناعه به وحاجته إليه‏..‏ واستشعاره الراحة والسعادة بين يديه‏..‏ وفي نهاية كل يوم يجد كل منا قلبا مفتوحا للآخر يقدم له العطاء والتضحيات ويتحمل العناء من أجله والحمد لله على ذلك حمدا كثيرا‏.

 

 إنني أكتب لك هذه الرسالة لكي أعلق بها علي رسالة الأرض الخصيبة للزوج الشاب الذي يئس من عدم إنجاب زوجته حتى زهدها‏,‏ وأقول له إنه على قدر صبر الإنسان تكون جوائز السماء التي يبشر بها صاحب بريد الجمعة الصابرين والمبتلين‏,‏ ولأرجوه أن يصبر وألا ييأس من روح الله‏,‏ كما أفعل أنا مع تمنياتي للجميع بالسعادة وتحقيق الأمنيات إن شاء الله‏.‏

 ولكاتب هذه الرسالة أقول :

‏ ظننت في البداية أنك قد كتبت رسالتك هذه لكي تطلب مني في ختامها أن أناشد أباك أن يخفف من غلوائه ويسمح لك بالعودة إلى مسكنك الذي بنيته بشقاء الغربة بدلا من معاناتك لشظف العيش في شقة مستأجرة لا يسمح لك دخلك بتحمل عبء إيجارها‏,‏ فإذا بكبرياء الحب الذي جمع بينك وبين زوجتك وصمد لكل الأحوال والتحديات‏,‏ يحول بينك وبين ذلك‏,‏ وإذا بك تختتم رسالتك بأنشودة بليغة وقليلة الكلمات عن السعادة وسكون القلب إلى جوار من يحب والرضا بكل ما تحمله له أعاصير الحياة والصبر عليها والاستعانة بالحب الصادق والعطاء المتبادل والتضحيات المشتركة على اجتياز العقبات واحتمال جفاف الحياة‏..‏ وإذا بك تهدي تجربتك في الصبر على ما جرت به المقادير والتطلع الدائم إلي الأمل في رحمة الله‏,‏ إلى كاتب رسالة الأرض الخصيبة راجيا له جوائز السماء للصابرين والمحتسبين‏,‏ وطالبا منه ألا ييأس أبدا من روح الله وأن يصبر علي ظروفه كما تفعل أنت‏!‏


يا إلهي‏..‏ لقد ألقيت علينا درسا جديدا في معنى السعادة الحقيقية‏,‏ وكيف أنها لا ترتبط أبدا كما يتوهم الواهمون بأسباب الحياة المادية ولا حتى بعطايا السماء من الأبناء في بعض الأحيان‏,‏ وإنما بالحب الصادق والعشرة الجميلة‏,‏ والعطاء المتبادل والتضحيات المشتركة‏..‏ والتطلع الدائم للغد بروح الأمل والتفاؤل‏..‏ والرضا بأقدارنا في الحياة والتسامح معها‏.‏

لقد ذكرتني رسالتك هذه بالحوار الفريد الذي قرأته ذات يوم في مسرحية الكاتب الايرلندي الكبير أوسكار وايلد امرأة لا أهمية لها ودار بين أم الشاب الفقير المشكوك في نسبه وبين الفتاة الثرية التي أحبها وأحبته وترغب في الارتباط به بالرغم من فقره‏,‏ فلقد قالت الأم للفتاة التي حدثتها عن حبها لأبنها بإشفاق‏:‏ ـ لكننا فقراء‏!‏
فأجابتها الفتاة في تعجب صادق‏:‏ كيف يكون المرء فقيرا وهناك من يحبه؟ فقالت لها الأم‏:‏ لكننا ملطخون بالعار في  إشارة إلى نسب الفتى .. وخطيئة الآباء لابد أن يحملها الأبناء‏..‏ إن هذه هي شريعة الله فردت عليها الفتاة قائلة في إيمان‏:‏ إن شريعة الله هي الحب‏!‏

نعم‏..‏ نعم‏..‏ إن شريعة الله هي الحب والخير والعدل والرحمة والتسامح والعطاء والإحسان‏,‏ وكل القيم والمعاني السامية النبيلة وليست أبدا القسوة والبغضاء وجلد الآخرين بظروفهم كأنها ذنب ارتكبوه بإرادتهم وليست أقدارا مقدوره عليهم‏.‏
غير أن بعض الآباء والأمهات في مثل ظروف قصتك لا يصدقون بالحب أبدا كمبرر كاف للتمسك بزوجة حرمتها أقدارها من القدرة على الإنجاب‏,‏ ويميلون غالبا إلى تفسير ذلك بخنوع الأبناء لزوجاتهم والخضوع لسيطرتهن والتأثر الأعمى بسحرهن‏..‏ ويتهمون مثل هذه الزوجة عادة باستلاب إرادة زوجها والتفنن في إحكام سيطرتها عليه‏..‏ وإساءة ظنه بأهله‏..‏ وتحريضه عليهم كخط دفاع أخير لها ـ في تصورهم ـ ضد مخططاتهم للفصل بينهما‏..‏ وإغرائه بالزواج من أخرى .. ولهذا فقد تسوء العلاقة بين الطرفين ويصبح من الصعب في بعض الأحيان أن تمضي طبيعية بينهما‏..‏ ولقد يبدأ تحفظ الأهل على ظروف الزوجة في مثل حالتك‏,‏ بالإشفاق على الابن من الحرمان من الإنجاب‏..‏ وينتهي في بعض الأحيان بالتحفظ على شخصية الزوجة نفسها ونياتها تجاههم وباتهامها بمعاداتهم وتسميم روح زوجها ضدهم‏,‏ وتكريس طاقتها لإحكام سيطرتها على ابنهم لكيلا يستجيب لضغوطهم عليه للتخلص منها والارتباط بغيرها‏..‏ أو على الأقل الزواج عليها‏.‏ فتتسمم مياه النبع الذي يشرب منه الطرفان إذا كانت الحياة المشتركة تجمع بينهما ويتعذر  عليهما استمرار الحياة في موقع واحد‏,‏ كما حدث في مثل ظروفك ولست اعترض هنا على استقلالك بحياتك في سكن بعيد عن منزل الأسرة إذا كانت العلاقات قد فسدت بالفعل بين زوجتك وبين اهلك‏,‏ لكن الاعتراض هو على تخييرك بين البقاء في جنة الأسرة‏..‏ وبين إرغامك على طلاق زوجتك بزعم عدم قدرتها على الإنجاب‏,‏ كما أنه ليس من العدل ولا من الرحمة أن يجبر أبوان ابنهما على ترك مسكنه الذي بناه بكفاحه وناتج عمله‏,‏ ليقيم في مسكن مستأجر يستهلك نصف دخله‏,‏ أو أكثر‏,‏ دون أن يسعيا إلى تعويضه عن مسكنه الأصيل الذي اضطراه لمغادرته إذا كان قادرين علي ذلك أو يقوما بتوجيه مساعدة مادية شهرية له تعينه على تحمل عبء الإيجار الجديد‏..‏ أو يسمحا له في النهاية إذا عجزا عن مثل هذه المساهمة بالعودة لمسكنه مع تفادي أسباب الاحتكاك بين الطرفين وترك الابن لأقداره وحياته كما رضيها لنفسه وسعد بها فمثل هذا التعنت‏..‏ ليس من شريعة الله بالفعل‏,‏ ولا هو مما يعين الابن على البر بأبويه‏.

 

 فلندع إذن موقف أبيك منك جانبا‏..‏ ولنتحدث عن حياتك مع زوجتك لكي أقول لك في النهاية إنه سواء أكان ما صارحت به أبويك من ظروفك الصحية التي تسهم في صعوبة إنجابك صحيحا وحقيقيا أو كان من قبيل الشهامة والفروسية وانتحال الأسباب لإعفاء زوجتك من لوم الأهل لها‏,‏ فإني أقول لك أنك قد اخترت ألا تخذل زوجتك الشابة التي امتحنتها أقدارها بفقد توءمها قبل الميلاد‏..‏ وبمحنة الألم والمرض والخضوع لمبضع الجراح في‏4‏ جراحات كبرى وأنه اختيار إنساني ورحيم ولا يحق لأحد أن يعاقبك بطردك من جنته بدلات من أن يحييك عليه ويعتز بمثالياته‏.‏

لقد اخترت أيها الصديق أن ترضى بما اختاره الله لك وألا تعدل به شيئا كما اخترت رحيق السعادة والوفاء والإخلاص والرضا والبساطة وهجوع القلب إلى من يستريح إليه‏,‏ ولم تكن أنانيا في ذلك ولا خذولا ولا خائنا لعهد الوفاء مع زوجتك‏..‏ ولا معاقبا لها بما لا حيله لها فيه فمن ذا الذي يلومك علي مثل هذا الاختيار النبيل؟

رابط رسالة الأرض الخصيبة

 ·       نشرت في جريدة الأهرام "باب بريد الجمعة" عام 2001

راجعها وأعدها للنشر / نيفين علي


Neveen Ali
Neveen Ali
كل ما تقدمه يعود إليك فاملأ كأسك اليوم بما تريد أن تشربه غداً
تعليقات