الأمل الأبدي .. رسالة من بريد الجمعة عام 2004
جوهر الزواج هو قصر الطرف والاكتفاء بشريكة العمر ما لم تكن هناك رخص شرعية تبرر للزوج الزواج عليها.. والزوج حين يقترن بزوجته فإنه يعاهدها ضمنيا على الإخلاص لها والاكتفاء بها دون غيرها من النساء .. ولم يحدث ذات يوم أن عاهد زوج زوجته وهو يقترن بها على أنه سوف يتزوج عليها في أول مفترق للطرق، ولو فعل ذلك لرفضته شريكته من قبل البداية .. ولهذا منح الشرع الحنيف المرأة حق الاشتراط على زوجها في وثيقة القرآن ألا يتزوج عليها، وخيرها إذا تزوج عليها زوجها بين قبول الأمر الواقع والرضا به أو الإصرار على الانفصال عنه.
عبد الوهاب مطاوع
أنا سيدة أبلغ من العمر40 عاما ومتزوجة من مهندس مدني عمره 47
عاما, وجميلة وذات قوام ممشوق وبيضاء البشرة ولقد كنت أسكن في حي شعبي قبل
الزواج وكان زوجي جارا لنا في الشارع المجاور, وبعد حصولي على البكالوريوس
ارتديت الحجاب خوفا من الله وبدون طلب من أحد, لأنني عندما كنت فتاة كانت نظرات
الناس لي تثير خوفي من الله, ولذلك ارتديت الحجاب وحمدت الله كثيرا وكنت قبل ذلك
ملتزمة تماما منذ صغري بالصلاة ثم تزوجت زوجي هذا, وبدأت معه من الصفر وأعطيته
مصوغاتي البسيطة لكي يبدأ مشروعا صغيرا, وكانت لي حكمة أومن بها إلى الآن وهي أن
فقرا بلا دّين هو الغني الكامل .
وبدأ زوجي حياته العملية بعد الزواج ونجح وبدأنا نصعد السلم
درجة درجة, وانتقلنا من الشقة البسيطة إلى شقة أخرى أجمل وأوسع وتم تجديد الأثاث,
ومن الله علينا بابن وابنة وأصبح الابن الأكبر الآن تلميذا بالصف الأول الثانوي
والابنة بالصف الأول الإعدادي, وهما والحمد لله متفوقان واتفقنا منذ البداية على
أن نقسم مسئوليتنا فزوجي يهتم بعمله وأنا أرعي الأبناء من الألف إلى الياء من حيث
التربية والتعليم وتلبية طلباتهم الخارجية, وأثرت دائما أن أكون في حالي وألا
أحتك بجارة لي أو انشيء صداقات مع أحد, وأن أرعي زوجي في كل شيء وأسمع كلامه كما
أمرنا الله سبحانه وتعالى, وعندما تم تعييني بعد12 عاما من تخرجي في وزارة
التربية والتعليم مدرسة إعدادي علوم رحب زوجي بذلك لكنه طلب مني أن أحصل على إجازة
رعاية طفل لمدة ست سنوات متواصلة حتى يكبر الأبناء, وبعد ذلك يسمح لي بنزولي
مجال العمل كمدرسة, ووافقت على ذلك على الفور مادام هذا في مصلحة زوجي وأبنائي,
ومشكلتي الآن هي أن زوجي عندما أصبح ميسور الحال إلى حد ما بدأت تراوده فكرة
الزواج من أخرى, وقد خاض تجربتين انتهتا بالفشل من قبل أن تبدآ وهذا بفضل أولاد
الحلال وقبلهم الله سبحانه وتعالى.
وعلمت بذلك وحزنت حزنا شديدا وسألته لماذا يفعل ذلك ولماذا لا
يحمد الله على النعمة التي بين يديه فاعتذر لي ووعدني بألا يتكرر ذلك مرة أخرى,
ولم يعلم أحد من أسرتي بالأمر, وعاملته معاملة حسنة جدا ونسيت ما صدر منه إلى أن
حدث زلزال كبير في بيتي منذ عام أو أكثر عندما كان ابني في الشهادة الإعدادية
وابنتي في الشهادة الابتدائية فقد تعرف على سيدة مطلقة لديها ابنتان أحداهما في
أولى جامعة والأخرى في الثانوية العامة وعمرها 42 عاما, وعندما طلقت هذه
السيدة تركت
المحافظة التي كانت تقيم فيها وجاءت إلى
محافظتي وهي الإسكندرية وأقامت في منزل خالتها في حجرتين على السطح, وهذا المنزل
بجوار منزل أسرتي يفصلهما جدار واحد مشترك, كما أنني أعرف هذه السيدة جيدا,
وكانت بداية التعارف بينها وبين زوجي هو بناء قطعة أرض تمتلكها في محافظة مطروح,
وتطورت هذه العلاقة حتى وصلت إلى الاتفاق علي الزواج, وعلمت بهذا وعندما واجهت
زوجي نفاه وزعم أنها مجرد علاقة عمل فقط لا غير, وأعطاني رقم تليفونها في العمل
لكي أتصل بها وأطلب قطع أي علاقة بينها وبين زوجي إثباتا لحسن نيته وفعلا حدث ذلك واتصلت
بها فراوغتني واتهمتني بأنني أتوهم أشياء لا أصل لها, وأنهيت المكالمة وأنا في
قمة غضبي من هذا الرد وأخبرت زوجي بما حدث ولم يعلق بشيء سوى أنه سوف يلغي عمله
معها.
ومرت الأيام وانتهت الامتحانات ونجح
ابني وابنتي في الشهادتين الإعدادية والابتدائية بتفوق بفضل الله وفضل رعايتي لهما
رعاية كاملة وصبري الشديد وتحملي, وبعد شهر من النتيجة وفي الصيف الماضي عرفت أن
هذه السيدة تقوم بنقل أثاثها إلى سكن آخر, وتقول أنها سوف تتزوج المهندس (
فلان) زوج السيدة ( فلانة) التي هي أنا, فانهرت وأحسست أن رحلة عمري قد
انتهت ولكنني تماسكت وواجهته بذلك وإذا به يفجر في وجهي قنبلة ثانية هي أنه تزوجها
بالفعل منذ 8 أشهر تقريبا وأنها نزوة وسوف يطلقها من أجلي وأجل أبنائي, وسألته
يومها هل هي حامل فنفي ذلك بإصرار وحمدت الله
ولكنها كانت طعنة كبيرة في صدري وانتهي الأمر بأن طلقها, لكن هذه السيدة أرسلت
لي رسالة مع قريبة لي ملخصها هو لماذا هذه الثورة الهائلة وهي ليست أول زوجة يتزوج
عليها زوجها ولا آخر زوجة سيتزوج عليها, ولقد قبلت أن أكون زوجة ثانية ولو بنسبة
5% ويكون لها نسبة 95%, فماذا يغضبها في ذلك ؟! المهم أنني صممت على أن
احتفظ بزوجي لنفسي وقلت إنني لن أقبل بزوج الاثنتين أبدا, وإذا أراد تلك المرأة
فليتركني لحالي أنا وأولادي أرعي الله فيهما وسوف يجزيني الله كل خير إن شاء الله,
وانتهى الأمر بأن انفصل زوجي عنها خوفا على بيته وأسرته, وتحدثت إلى نفسي إذا
كان الله يسامح ويغفر فلماذا لا يصفح العبد ويغفر؟
لقد فقدت خلال سنوات زواجي من وزني عدة كيلوجرامات وأصبح
وزني54 كجم بعد أن كان62 كجم في بداية زواجي, وفقدت بعض حيويتي وأنوثتي وكان
تعليقه بعد طلاق هذه المرأة أنه سوف يعتبرني إنسانة مريضة وأنه يتقبلني بهذا الشكل
من أجل الأبناء وأنني ظالمة وجبارة وغير رحيمة به, وغير ذلك من كلام لا أستطيع
أن أتحمله من رجل أعطيت له كل شيء فإذا به يتهمني الآن بأنني صاحبة مشاعر جافة
وأهتم في المقام الأول بالأبناء ثم به بعد ذلك, وما فيه هو الآن أنا السبب فيه
حيث كان قد طلب مني كثيرا أن أنجب طفلا ثالثا ورفضت واكتفيت باثنين, مع العلم
أنني ضعيفة ولا أستطيع أن أتحمل الإنجاب مرة ثالثة.
فماذا أفعل الآن يا سيدي؟ هل أنا فعلا
ظالمة مع هذه المرأة؟ إنني في حيرة من أمري وأشعر بأنني مكسورة النفس, جريحة مما
وصلت إليه, وأقسم بالله أن كل كلمة كتبتها في هذه الرسالة كانت صادقة ولم أتجن
على أحد.
ولكاتبة هذه الرسالة أقول:
من حق كل زوجة مخلصة لزوجها وأبنائها وأسرتها أن ترفض أن تشاركها في زوجها امرأة أخرى, حتى ولو كانت نسبة المشاركة كما تزعم تلك السيدة هي5% فقط.. فجوهر الزواج هو قصر الطرف والاكتفاء بشريكة العمر ما لم تكن هناك رخص شرعية تبرر للزوج الزواج عليها.. والزوج حين يقترن بزوجته فإنه يعاهدها ضمنيا على الإخلاص لها والاكتفاء بها دون غيرها من النساء.. ولم يحدث ذات يوم أن عاهد زوج زوجته وهو يقترن بها على أنه سوف يتزوج عليها في أول مفترق للطرق, ولو فعل ذلك لرفضته شريكته من قبل البداية.. ولهذا منح الشرع الحنيف المرأة حق الاشتراط على زوجها في وثيقة القرآن ألا يتزوج عليها, وخيرها إذا تزوج عليها زوجها بين قبول الأمر الواقع والرضا به أو الإصرار على الانفصال عنه وبالتالي فإنك لست ظالمة كما يحاول زوجك إيهامك لتمسكك بحقك المشروع في ألا تشاركك في زوجك امرأة أخرى مهما كانت الأسباب والمبررات, وان كان ثمة ظلم في القصة كلها فلقد جناه زوجك وتلك السيدة على الجنين القادم من عالم الغيب وهو المظلوم الحقيقي في هذه القصة.. ولقد ظلمه زوجك بنزوته ورغبته في الاستزادة من المتعة بعد أن يسر الله أموره وبدل أحواله إلى الأفضل, وظلمته أيضا تلك بتطلعها إلى مشاركة زوجة وأم في زوجها واغتصاب حقها فيه, ولو كانت هي نفسها في موقعك لاختلف منطقها وجأرت بالشكوى من غدر زوجها بها.
إن المثل الإنجليزي يقول: خير لك ألا تبدأ من أن
تبدأ ولا تعرف كيف تنتهي!.
والمشكلة هي أن زوجك قد بدأ
ما لم يكن يعرف كيف ينتهي منه ذات يوم بلا خسائر أو بأقل قدر منها.. لهذا فقد
ظلمك وظلم جنينه وزاد المشكلة تعقيدا بهذا الطفل المرتقب.. وعليه أن يتحمل تبعات
جريه وراء أهوائه ويكف عن محاولة تبريرها باتهامك بجفاء المشاعر والقسوة, فلقد
كان الطريق واضحا أمامه منذ البداية لو أراد حقا أن يلتزم العدل معك, وهو أن
يخيرك قبل أن يقدم على الزواج بين القبول به أو رفضه والانفصال عنه, لكن المشكلة
هي أن من يتورط في مثل هذه النزوة يتعلق دائما بأمل أبدي في أن ينجح ولأطول فترة
ممكنة في الجمع بين الحسنيين الزوجة المخلصة المتدينة والأسرة المستقرة والحياة
العائلية المحترمة, ثم زواج العشق السري أو العلني ومتعته اللاذعة وأوقاته
المسروقة من حساب الزمن, وإحساس المغامرة المثير للمشاعر والغرائز وممارسة إثبات
الذات وإقناع النفس بأن صاحبها مازال قادرا على أن يصول ويجول في عالم المرأة والعشق
ويحقق الانتصارات المشهودة!.
لهذا كله فإني أؤيدك في
موقفك ولا أراك ظالمة لأحد, بالرغم من أن مقدم هذا الطفل سوف يزيد الأمر صعوبة..
ويربط زوجك بتلك السيدة حتى ولو استمر في طلاقها برباط أبدي.. وذلك من خلال
رعايته والإشراف على تربيته وتحمل مسئوليته مما يتطلب منك أكبر قدر من المهارة
والحرص على احتواء زوجك وإشباع كل احتياجاته النفسية والعاطفية.. ليظل صامدا أمام نداء المرأة الأخرى.
راجعها وأعدها للنشر / نيفين علي
برجاء عدم النسخ احتراما لمجهود فريق العمل في المدونة وكل من ينسخ يعرض صفحته للحذف بموجب حقوق النشر