عدو الماء .. رسالة من بريد الجمعة غام 2003

  عدو الماء .. رسالة من بريد الجمعة غام 2003

عدو الماء .. رسالة من بريد الجمعة غام 2003

لقد سأل عبد الرحمن بن عوف رسول الله صلوات الله وسلامه عليه‏:‏
ـ أمن الكبر أن أرتدي الملابس الحسنة؟
فأجابه‏:‏ إن الله جميل يحب الجمال‏,‏ وأن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده‏.‏
عبد الوهاب مطاوع

أنا سيدة متزوجة ولدي أبناء شباب وقد قرأت مشكلة الزوجة التي تبتعد عن زوجها وتفضل أن تنام في مكان آخر أو حجرة أخرى بعيدا عن زوجها‏,‏ وكان الرد أن هذا يغضب الله‏,‏ ولذلك أريد أن أعرف رأيك وكذلك رأي الدين فيما سأعرضه عليك‏,‏ فأنا متزوجة كما ذكرت لكن زوجي‏ 
(‏عدو الماء‏)‏ ولن تصدقني أن قلت لك إنه يخاف من المعاشرة الزوجية حتى لا يستحم أو يغتسل‏,‏ ويكون نصيبي وابلا من اللوم واللعنات‏,‏ لقد صدمت بهذا الوضع بعد فترة خطبة دامت خمس سنوات ثم تزوجت ولم يتضح هذا الأمر إلا بعد المعاشرة كما يقول المثل‏,‏ برغم أنه على درجة كبيرة من العلم وفي مركز مناسب وليس جاهلا‏,‏ ولقد حاولت كثيرا أن أغير منه بلا جدوى‏,‏ أما بخصوص  الصلاة فهو غير مواظب إطلاقا عليها وإذا صلى أمام الأبناء يكون ذلك دون طهارة وهو لا يصح‏.‏ 
لقد ربيت أبنائي على الصلاة والطهارة منذ صغرهم حتى لا يتكرر هذا الوضع منهم‏,‏ وقد لاحظوا أن والدهم يستحم في فصل الشتاء كله مرتين أو ثلاثا فقط‏,‏ أما في الفصول الأخرى فكل شهر أو شهرين والابناء الشباب الآن يشاهدون والدهم في هذا الوضع وبدأوا يوجهون له اللوم والنقد‏.‏ 

إن زوجي لم يشتر لنفسه ملابس منذ ‏25‏ سنة وأضطر أنا إلى شراء الملابس له كمظهر أمام الأولاد وأمام الناس وأضعها له ليلبسها لكنه يفضل الملابس القديمة من ‏25‏ سنة‏,‏ وأوفر له كل شئ لكي يظهر بالمظهر اللائق لكنه يضعني في مواقف كثيرة مخجلة ـ فهو يلبس ملابس صوفية في عز الصيف ودرجة الحرارة العالية‏,‏ لقد جعلني زوجي ابتعد عنه برغم إنني قمت بأشياء كثيرة مضطرة حتى أفوز برضا الله والجنة ولكن حالتي النفسية ساءت وأشعر بحالة من الأشمئزاز والأكتئاب وكذلك الأولاد الذين وضع بينه وبينهم فجوة كبيرة من تصرفاته وعواقبها‏,‏ إن زوجي هادئ ولكنه غضوب جدا إذا طلبت منه أن يغير من حياته وكأنك قد قتلته‏,‏ فهو سلبي في أشياء كثيرة ولكني صبرت ووضعت همي في أولادي وغرست فيهم كل ما هو طيب والكل يشهد لي بذلك في العائلة‏,‏ وقد تكلمت مع بعض الأشخاص من العائلة ولكن دون جدوى من ذلك حيث يحاول الاعتدال لفترة ثم يرجع لهذه الطباع الكريهة مرات وأنا الآن لا أطيق التحدث معه أو الجلوس معه أو النوم بالقرب منه‏...‏ لكن الله يساعدني لأني أستغفره أوقاتا كثيرة وأتمنى رضاه‏.‏ 

ولكاتبة هذه الرسالة أقول‏:‏

إذا رضي الزوج عن قذراته الشخصية‏..‏ فلا لوم على زوجته إن نفرت من الاقتراب منه وابتعدت عنه‏..‏ وضاقت به‏.‏
وإذا أهمل مظهره وفضل دائما ارتداء الملابس الأثرية القديمة‏,‏ فلا لوم على زوجته كذلك إن لم تستشعر الفخر بانتمائها إليه وانتمائه إليها‏.‏
لقد سأل عبد الرحمن بن عوف رسول الله صلوات الله وسلامه عليه‏:‏
ـ أمن الكبر أن أرتدي الملابس الحسنة؟
فأجابه‏:‏ إن الله جميل يحب الجمال‏,‏ وأن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده‏.‏
وكراهية الاستحمام ومقاطعة الماء والطهور والملابس الحسنة‏,‏ ليس من الجمال في شئ وإنما هذا من القبح وبلادة الحس والطبع والشعور‏.‏
فلعل زوجك يغير من نفسه بعد طول العهد مع إدمان القبح والرثاثة وإهمال النظافة والمظهر‏,‏ إن لم يكن حرصا على زوجته التي تحملت روائحه غير العطرية ‏25‏ عاما‏,‏ فليكن حرصا على موقفه أمام ابنائه الذين شارفوا على سن الشباب وأصبحوا قادرين على التمييز بين الخبيث والطيب وبدأوا بالفعل ينتقدون مظهر أبيهم ومستوى نظافته الشخصية‏,‏ ومن واجبه أن يحرص على ألا يشوه رمز الأب في مخيلتهم بمثل هذه العادات الشخصية الكريهة‏!‏

 نشرت في جريدة الأهرام باب بريد الجمعة سنة 2003

راجعها واعدها للنشر / نيفين علي
Neveen Ali
Neveen Ali
كل ما تقدمه يعود إليك فاملأ كأسك اليوم بما تريد أن تشربه غداً
تعليقات