ظواهر الأشياء .. رسالة من بريد الجمعة عام 2000

                              ظواهر الأشياء .. رسالة من بريد الجمعة عام 2000

ظواهر الأشياء .. رسالة من بريد الجمعة عام 2000


إن جوائز الحياة إنما تترصد الملتزمين اخلاقيا ودينيا اكثر من غيرهم مهما يبدو لنا من ظواهر الأشياء عكس ذلك في بعض الأحيان.
عبد الوهاب مطاوع

أنا فتاة أبلغ من العمر‏21‏ سنة .‏.‏ انتهيت من دراستي الجامعية في كلية الآداب قسم اللغة الانجليزية، وقد تعمدت أن أذكر لك المؤهل الجامعي لأن له أهمية خاصة فيما أود أن أقوله لاحقا‏,‏ ومشكلتي هي أني أريد أن ارتدي الحجاب ولكن أبي كان يمنعني من ارتدائه خلال دراستي الجامعية معتقدا أنني أفكر في أشياء ليس لها ضرورة في الوقت الحالي‏,‏ وأنني ينبغي لي أن أفكر في دراستي ومستقبلي أولا ثم أفكر في هذه المظاهر بعد ذلك على حد تعبيره‏.‏ وبعد ذلك حتى لا أطيل عليك فعندما انتهيت من دراستي بدأت أطلب منه أن يسمح لي بأن أرتدي الحجاب كما وعدني ولكنه رفض ثم بدأت المشاكل بيننا وأصبح الحجاب هو شغلنا الشاغل وكل منا يصر على رأيه‏.‏ 


أنا أصر على ارتدائه لأنه هو الزي المناسب للفتاة التي تريد أن ترضي ربها وتصون نفسها أما هو فيعتقد أنه من  الشكليات والمهم هو الإيمان الذي يتركز في القلب وليس في الشكل .‏.‏ وأخذ يصر على رأيه وهو أنه لم يحن الوقت المناسب لارتدائه بعد ولابد لي أن أفكر في مستقبلي والبحث عن عمل متخيلا أنه لا عمل للمحجبات‏.‏

حاولت إقناعه كثيرا بمفردي وأحيانا بمساعدة الآخرين أن هذا ضروري وأن العمل والزواج قدر من عند الله وهو وحده الذي يعلم الميعاد ولكن دون جدوى‏.‏ وأنا فتاة طبيعية جدا وأريد رضاء الله قبل أي شيء وهذه المشكلة قائمه في بيوت كثيرة وأعرف صديقات كثيرات واجهن هذه المشكلة مثلي ولكنني لا أعلم ماذا أفعل لأنه مازال مصرا على رأيه بالرغم من أنني ارتديته وهو يريدني أن أخلعه بسبب عمل عرض علي مع أنهم لا يشترطون عدم الحجاب ولكنه يريدني أخلعه حتى أقبل في هذه الوظيفة‏,‏ إنني أرجو الاهتمام بهذا الموضوع‏.‏ 

ولكاتبه هذه الرسالة أقول‏:‏ 

دون الدخول في مناقشات دينية لا مبرر لها لأنه لا مجال للجدال حول المعلوم من الدين بالضرورة ودون إساءة إلى أحد فإن ما فعلت يا ابنتي هو الصواب‏ الذي لا يحتمل النقاش حوله‏..‏ ولا يحق لوالدك مهما تكن نياته تجاهك طيبة وحرصه على مصلحتك كما يتصورها من وجهة نظره مؤكدا أن ينازعك فيه أو يحاول إقناعك بالعدول عنه‏,‏ وإلا حمل نفسه من الوزر ما لا يطيقه ـ والحق هو أن ما فعلت لن ينقص شيئا من فرصك العادلة في الزواج والعمل‏,‏ وإنما سوف يزيد منهما بإذن الله لأن جوائز الحياة إنما تترصد الملتزمين أخلاقيا ودينيا أكثر من غيرهم مهما يبدو لنا من ظواهر الأشياء عكس ذلك في بعض الأحيان‏..‏ وعفوا لعدم الإطالة في هذا الحديث حرصا على الروابط العائلية التي ينبغي إعلاؤها دائما وأيا كان الاختلاف في الرأي بين الآباء والأبناء‏.‏

*نشرت سنة 2000 في جريدةالاهرام باب بريد الجمعة

راجعها وأعدها للنشر
نيفين علي

Neveen Ali
Neveen Ali
كل ما تقدمه يعود إليك فاملأ كأسك اليوم بما تريد أن تشربه غداً
تعليقات