الدرس الصامت .. رسالة من بريد الجمعة عام 1994
أكتب إليك عسى أن يوفقك الله إلى مساعدتي في الخروج مما أعانيه الآن أكثر من أي وقت مضى .. فأنا زوجة في الثلاثينات من عمري، تزوجت منذ 15 عاما فرزقني الله بعد زواجي بعام واحد بطفلة جميلة .. وبعد عام ونصف عام أنجبت طفلا آخر وحمدت الله كثيرا على ذلك لكني فوجئت بعد شهور آخرى بأنهما ليسا طبيعيين وأن حركتهما ليست عادية .. وعرضناهما على الأطباء فتبين أنهما يعانيان من نقص في المناعة وضمور في خلايا المخ , وواصلنا العلاج ومع كل عام يمضي يتجدد الأمل في تحسن حالهما وبلغ ابني عامه الخامس فإذا به يتدهور فجأة ويصاب بأورام في المعدة ظل يعالج منها لمدة عام طويل مرير ثم استسلم لقدره وتوفاه الله وهو في السادسة من عمره . ورضينا بقضاء الله وقدره .. وبعد فترة أنجبت طفلة ليست طبيعية تماما هي الأخرى لكني أحمد الله على عطائه وهي تقترب الآن من الخامسة .. ومنذ عام رزقني الله بطفل جديد لكنه تبين بعد ولادته أن لديه عيبا خلقيا بالقلب وإختلافا بالشرايين فظل مريضا منذ مولده وحين أكمل شهره الحادي عشر دخل إلى المستشفى وأجري له الخبير الإيطالي جراحة في القلب وبعدها ب 27 يوما انتقل إلى الرفيق الأعلى يرحمه الله منذ شهر واحد .
إنني أحمد الله على كل شئ وأطلب منه الصبر لي ولزوجي .. لكن المشكلة هي أن ابنتي الكبرى التي تبلغ الآن من العمر حوالي 13 عاما قد ساءت حالتها كثيرا منذ وفاة أخيها . وأصبحت غير قادرة على المشي أو على القيام بأي مجهود حتى إطعام نفسها .
والحمد لله على كل حال .. والسلام عليكم ورحمة الله.
جميع الحقوق محفوظة لمدونة "من الأدب الإنساني لعبد الوهاب مطاوع"
abdelwahabmetawe.blogspot.com
ولـــكـــاتـــبة هــذه الــرســالـــة أقـــول :
رضاؤك يا سيدتي بما حملته لك أمواج الحياة من أحزان .. درس صامت لنا جميعا في التسليم بقضاء الله وقدره .. والامتثال له .. ومع أني لا أعرف على وجه الدقة حتى الآن كيف أستطيع مساعدتك في محنتك .. أو كيف أسهم في تخفيفها عنك فإنني أرجو أن تتفضلي بزيارتي مساء الاثنين القادم ومعك أوراق ابنتك الطيبة .. وأرجو الله أن يهديني إلى ما أستطيع به تخفيف بعض آلامك .. وإعانة إبنتك على أمرها بإذن الله .
نشرت في جريدة الأهرام "باب بريد الجمعة" ابريل 1994
كتابة النص من مصدره / بسنت محمود
راجعها وأعدها للنشر / نيفين علي

برجاء عدم النسخ احتراما لمجهود فريق العمل في المدونة وكل من ينسخ يعرض صفحته للحذف بموجب حقوق النشر