عطر الوفاء .. رسالة من بريد الجمعة عام 1994
أريد أولا أن أعرفك بنفسي , فأنا سيدة مسيحية مصرية جاوزت الستين من عمري وعندي ولدان وابنة وقد تزوجوا جميعا، ونحن جميعا بخير والحمد لله والفضل له .. ولست أكتب لك هذا الخطاب عن أمر يخصني ولكن عن أمر يهمني ويؤرقني من شدة اهتمامي به وأرجو أن أجد لديك حلا له .
فالقصة أنه كانت تسكن في المنزل الذي يقع أمامنا مباشرة أسرة صديقة لنا وكان رب الأسرة شيخا فاضلا وإماما لمسجد , وكانت حرمه سيدة فاضلة وأختا عزيزة وكانت بيننا محبة وصداقة لكنها لم تستمر طويلا للأسف فقد انتقل الشيخ الفاضل إلى رحمة الله وبعده بسنوات انتقلت السيدة الفاضلة حرمه إلى جوار ربها , ولم يتبق في البيت سوى ابنتهما وهي فتاة ذات خلق وأدب وتبلغ حاليا من العمر 23 عاما وقد حصلت على دبلوم التجارة في عام 1989 .. والذي يشغلني هو أن هذه الفتاة الفاضلة كأبويها لم تحصل على عمل بشهادتها حتى الآن .. والمغفور له والدها لم يترك لها سوى معاش بسيط لأنه توفي في حدود الخمسين من عمره.
فهل أجد لها عملا ملائما عن طريقك وأيضا هل أجد لها عريسا مناسبا لديك ؟
إنني مازلت وفية لهذه الأسرة لأنها كانت عشرة طيبة وصداقة مخلصة بيننا وكان الحب والسلام يحيطنا لأن الله محبة وأريد أن يرتاح ضميري وقلبي من ناحية ابنتهما فأرجو أن تهتم بهذه المسألة وأن يوفقك الرب القادر على كل شئ في إنهائها ولك شكري ودعواتي على البعد ولك أيضا أطيب التحية .
ولـــكـــاتـــبة هـــذه الــرســـالــة أقــــول :
لك الأمر يا سيدتي وعلينا السعي لتحقيق رغبتك النبيلة بكل جهد ممكن إن شاء الله .. ذلك أن أنبل الرغبات هو ما يقصد به المرء سعادة غيره .. كما أن أنبل القلوب هي القلوب الوفية لذكرى الراحلين والساعية في خير أبنائهم بعد الرحيل .. فتقبلي احترامي لنبل مسعاك وكرم أخلاقك ورقة عواطفك .. وأرجو أن تكلفي هذه الفتاة بزيارتي مساء الاثنين القادم ومعها رسالة صغيرة منك .. وشكرا لك على رسالتك المعطرة بعطر الحب والتراحم والإنسانية .. والوفاء .
نشرت في جريدة الأهرام "باب بريد الجمعة" ابريل 1994
كتابة النص من مصدره / بسنت محمود
راجعها وأعدها للنشر / نيفين علي
برجاء عدم النسخ احتراما لمجهود فريق العمل في المدونة وكل من ينسخ يعرض صفحته للحذف بموجب حقوق النشر