الابنة الصغرى .. رسالة من بريد الجمعة عام 2001

 

الابنة الصغرى .. رسالة من بريد الجمعة عام 2001

                       الابنة الصغرى .. رسالة من بريد الجمعة عام 2001


أنا رجل في الخامسة والسبعين من العمر لي سبعة أبناء تزوجوا جميعا واستقروا في بيوتهم الصغيرة والحمد لله ‏..‏ ولقد كنت أعمل قبل إحالتي للمعاش سائقا لأحد كبار المسئولين في جهة سيادية كبرى‏,‏ وذات يوم منذ‏ 23 عاما ذهبت مع السيدة حرمه في زيارة إنسانية لأحد ملاجئ الأيتام ومجهولي النسب‏,‏ فوقع بصرها على طفلة عمرها عام وبضعة شهور وكانت مريضة وفي حالة حرجة فأثار ذلك شفقتها عليها‏..‏ وسألتني عما إذا كنت استطيع أن أضمها إلى أسرتي وأرعاها مع أطفالي إلى أن تتحسن حالتها فأبديت موافقتي على ذلك أملا في أن يجعل الله سبحانه وتعالى ذلك في ميزان حسناتي.

 وقمت بالفعل باصطحاب الطفلة إلى بيتي وضممتها إلى أطفالي‏,‏ فنشأت بينهم وألحقتها بالتعليم وأشرفت زوجتي يرحمها الله على تربيتها كإحدى بناتها إلى أن رحلت عن الحياة وهذه الطفلة قد أصبحت طالبة في الثانوية العامة‏,‏ وبعد رحيل زوجتي استمرت الفتاة تلقى كل رعاية مني ومن إخوتها حتى التحقت بالجامعة وتخرجت بتقدير عام جيد‏,‏ وتقدمت بأوراقها للالتحاق بالدراسات العليا.

 

‏ والآن يا سيدي وبعد زواج الأبناء أصبح لا يؤنس وحدتي إلا هذه الابنة التي لا تختلف عن أبنائي في شيء سوى في أن اسم أبيها في أوراقها يختلف عن اسمي وهي تتميز بوفاء نادر‏,‏ فمنذ وفاة زوجتي وزواج أبنائي وهي تقوم بخدمتي ورعايتي وتحنو علي بكل الحب ودون أي إحساس بالضيق‏,‏ وهي مازالت تلقى رعاية السيدة حرم المسئول الكبير حتى الآن بارك الله لها وفيها‏,‏ فترسل إليها ومنذ الأيام الأولى لضمها لأسرتي مبلغا من المال للإنفاق عليها‏,‏ غير أنني والحمد لله ومنذ اليوم الذي تطوعت فيه لأداء هذه الخدمة الإنسانية قد تعاملت معها كإحدى بناتي أنفق عليها من مالي ومن معاشي‏,‏ وفتحت لها منذ ذلك التاريخ حسابا باسمها في البنك أضع فيه ما يصلني لها من مبالغ‏,‏ كما أن الجمعية التي أخذناها منها مازالت تتابع أحوالها وابلغني المسئولون بها أنهم يحتفظون لها بحقها لدى الجمعية في مخصصات مالية كإعانة زواج‏.‏

والآن ومع تقدمي في السن فإن قلقي على مستقبل هذه الفتاة وعلى إمكانية ارتباطها بالزواج يزداد‏,‏ واخشي أن اتركها وحيدة في الحياة وأريد أن أطمئن على استقرارها قبل أن يحم القضاء‏,‏ فهل أجد من بين قرائك من يعين هذه الفتاة علي أمرها بإيجاد فرصة عمل لها أو بالتقدم للزواج منها‏.‏

                                                ولكاتب هذه الرسالة أقول‏:‏

أرجو أن يسهم نشر رسالتك في تحقيق أحد هذين الغرضين النبيلين اللذين تأمل فيهما لهذه الفتاة‏,‏ أو كليهما‏,‏ كما أرجو أيضا أن يمتد بك العمر سنوات طوالا بإذن الله حتى تضيف إلى باقة أحفادك من أبنائك زهورا فواحة جديدة من هذه الابنة الصغرى‏,‏ فهي ابنتك أيضا وليست ربيبتك فقط‏..‏ وشكرا لك على همك بأمرها‏..‏ ولهذه السيدة الفاضلة حرم المسئول الكبير على استمرارها في رعايتها حتى الآن‏,‏ وأرجو أن تسعدني الظروف بتيسير تلبية هذين المطلبين وطمأنة خواطرك بشأن مستقبلها بإذن الله‏.‏

نشرت في جريدة الأهرام "باب بريد الجمعة" عام 2001

راجعها وأعدها للنشر / نيفين علي


Neveen Ali
Neveen Ali
كل ما تقدمه يعود إليك فاملأ كأسك اليوم بما تريد أن تشربه غداً
تعليقات