التضحية المخيفة .. رسالة من بريد الجمعة عام 1995
منذ
خمس سنوات وأنا أفكر فى الكتابة إليك ثم يجد جديد فى حياتي فيؤجل قراري, فأنا سيدة
فى الأربعين من عمري من عائلة متدينة ومحترمة أبدو أصغر كثيرا من سني كما أنى بدون
غرور أو مبالغة على قدر معقول جدا من الجمال والرشاقة والأناقة وأحسن التصرف فى
الأمور وفى مواقف الحياة المختلفة.. وقد بدأت قصتي معه وأنا طالبة بالسنة الثانية
بكلية نظرية حين التقيت به وأحسست بشئ قاهر يجذبني إليه , فكانت بيننا قصة حب
كبيرة عرف بها الجميع واستمرت خطبتنا خمس سنوات كاملة لأن حبيبي لم يكن وقتها يملك
إمكانيات الزواج, ورضيت منه بدبلة خطبة بسيطة وتم الزواج بأثاث بسيط كان بعضه
مستعملا وجددناه, وتقبلت كل ذلك وأنا سعيدة لاجتماع شملنا بالرغم من أنني كنت فى
بيت أسرتي مدللة وبدأنا حياتنا الزوجية بإمكانيات مادية قليلة ولم أشعر بأي نقص فى
حياتي مع زوجي.. وأنجبت ثلاثة أطفال وتحسنت ظروف زوجي فتركت وظيفتي وتفرغت لزوجي
وأطفالي وبيتي, وانشغلت بهم عن كل شئ فى الحياة, حتى تباعدت رغم عنى زياراتي لأهلي
وأخوتي وأمي التى تعيش بمفردها لأني أكرس كل وقتي لزوجي وأطفالي وبيتي ولم أشك
يوما من أعبائي المنزلية أو أعباء الأطفال.
وبلغ من حبي لزوجي أن أصبحت أحب ما يحبه واكره
ما يكرهه ولا أنام إلا بعد أن ينام هو, وأصحو من نومي قبله وإذا مرض ولو بالصداع
البسيط سهرت الليل كله إلى جواره وأنا سعيدة بأن أؤدي له عملا أو واجبا.. كما لم
أقصر فى الاهتمام بمظهري داخل البيت وخارجه, واهتممت باستقبال ضيوفه وحسن ضيافتهم
وبكل شئون زوجي فقد أردت أن أكون له الزوجة والحبيبة.. والأم.. والأخت والسكرتيرة
التى تنظم أوراقه واتصالاته وتذكره بالأمور الهامة فى حياته.
ومضت
15 عاما من الزواج وقبلها خمس سنوات من الخطبة ولم يتغير شعوري تجاه زوجي أو يفتر حبي
له بمقدار شعره واحدة , بل زاد وتضاعف ولا غرابه فى ذلك فهو أول حب فى حياتي وآخر
حب بل هو الرجل الوحيد الذى عرفته وأحببته ولا اكف عن التعبير له عن حبي بالكلمة
واللمسة واللفته بعد 15 عاما من زواجنا حتى اعتاد زوجي كلما فعلت معه ذلك أن يقول
لى أنني خيالية وتأثرت بالأفلام العاطفية والقصص التى اقرأها ولم يكن ذلك يضايقني
بل كان يثير ضحكي ومداعباتي .. لكن ما ألمنى حقاّ وهزني من أعماقي هو أننى قد
اكتشفت فجأة أن زوجي الحبيب يخونني مع فتاة صغيرة ليست فى مستواه الاجتماعي ولا من
سنه ويسافر معها بالأيام إلى أفخم المصايف ويتركني مع الأبناء في البيت بزعم أنه
مسافر فى عمل بل وأنه كان ينوى الزواج منها إلى أن علمت بالأمر فتركها , وكانت
صدمتي هائلة فى زوجي الذى كان مثالا للأخلاق والاتزان والعقل ولأنه كان ينتقص
دائما أي رجل يخطئ فى حق أبنائه وزوجته.
ومع
ذلك فقد تحملت صدمتي فيه وحدي وكتمتها عن الجميع ولم أشك لأحد منه وحاولت أن أنسى
وأضمد جرحى بنفسي فما أن بدأت أتناسى ما حدث حتى اكتشفت أن زوجي على علاقة جديدة
بسيدة تكبره فى السن وأم وجده لأحفاد أيضا ولا تمتاز بأي شئ ومن وسط غريب جدا
ودارت بى الدنيا من جديد وتركها على الفور حين أدرك أنى قد عرفت بالأمر.
ثم
توالت الصدمات بعد ذلك كأنما كانت فى عقد ثم انفرطت حباته فتساقطت واحدة وراء
الأخرى..
فهذه
سيدة أخرى وجاره لنا.. وأعرف بالأمر وأواجهه وابكي واستعطف.. وأذكره بالحب القديم
وبالشرف والأخلاق والدين.. والأبناء فيخجل ويتركها .. فلا تمضى شهور حتى أعرف
بعلاقة أخرى وتتكرر نفس القصة.. مرة رابعة وخامسة.. وكلما أفقت من آثار محنة جديدة
وتصورت أن الأحوال قد هدأت أخيرا أصدم بقصة جديدة وجرح جديد ورغم كل ذلك فقد
سامحته على كل ما فعل وغفرت له ليس عن ضعف وإنما عن حب كبير, وإحساس بأننا روح
واحدة فى جسدين ولا يمكن أن ينفصلا إلا بالموت, كما أنى أيضا كنت أضع مصلحة أبنائي
فوق كل اعتبار لأنهم يحبون أباهم جداّ ويتعلقون به تعلقا شديدا ورغم صفحي ونسياني
فأنى كثيرا ما تعجبت من أمره .
وكثيرا
ما سألت نفسي لماذا يفعل زوجي ما يفعله.. وأنا لا أقصر فى واجباتي الشرعية تجاهه
ولم أرفض له نداء ذات يوم مهما كنت مريضة أو عاتبه عليه فى شئ , ولماذا يفعل ذلك
وأنا لم اقصر معه حتى فى ترديد كلمات الحب على مسامعه كأنني فتاة مراهقة تحب لأول
مرة فى حياتها وكل ذلك إلى جانب محاولاتي المستمرة لإسعاده وإسعاد أولادي واهتمامي
بالتغيير والتجديد فى حياتنا واهتمامي بالمناسبات والأعياد ومعاملتي له أمام
الجميع بحب واحترام مع عدم البوح بأي شكوى منه حتى لا تهتز صورته فى أعين الآخرين
وحتى يبقى دائما الرجل المحترم منهم.
نعم
كثيرا ما سألت نفسي هذه التساؤلات المريرة فلم أجد لها جوابا شافيا وتركت للزمن
تضميد الجراح وصبرت على زوجي على أمل أن يتغير أو تنزل عليه هدية السماء , ثم نقل
زوجي منذ أربعة شهور وفقا لطبيعة عمله إلى صعيد مصر وأقام فى إحدى المدن هناك فى
استراحة تابعة لجهة عمله.. وبقينا نحن فى القاهرة حيث مدارس الأبناء , وسافر زوجي
وعاد فى أجازته الأولى فإذا بى أحس بتغيير رهيب فيه فكأنه قد أصبح رجلا غريبا لا
أعرفه من قبل وفسرت هذا التغيير الكبير بظروف نقله وإقامته وحيدا فى تلك المدينة
البعيدة لكنى أحسست رغم ذلك بتشاؤم كبير لم اشعر به من قبل فى الكوارث السابقة ولم
أجد له تفسيرا مريحا ولم تمض فترة طويلة حتى صدق إحساسي الغامض واتصل بى بعض
أصدقاء زوجي ليبلغوني أنه على علاقة بسيدة متزوجة من رجل كبير السن ولها أبناء فى
الجامعة.. وأنها سيدة مستهترة ولا تبالي بشئ ولا بأحد وتسافر إليه فى تلك المدينة
البعيدة.. وتستقبله فى القاهرة عند مجيئه من عمله فيغيب معها طوال اليوم ويأتي
إلينا آخر الليل ولم أستطع أن أتحمل أكثر من ذلك وواجهته بما عرفت فأنكر فى
البداية.. ثم عاد واعترف بأنها علاقة عمل وسوف ينهيها على الفور وبالفعل قضى تلك
الأجازة معنا ولم يرد على اتصالاتها التليفونية المتكررة وجاءت ووقفت تحت البيت
تنتظره ولم يخرج إليها.
ثم
سافر زوجي إلى عمله فإذا بى اعرف أنها قد سافرت إليه هناك وأثرت عليه واستعادت
علاقتها به.
ورجع
زوجي فى الأجازة الأخيرة فطالبته بمصارحتي بالحقيقة مهما كانت قاسية وأكدت له أنني
لن أتخلى عنه وإنما سأقف بجواره إذا كان متورطا فى شئ معها فأعترف لى بوجود علاقة
بينهما لكنه لو تركها الآن فلن تدعه فى حاله وإنما ستهدده فى عمله وتستطيع ذلك
لأنها على صلة ببعض الكبار فى الدولة!
فطالبته
بتركها وبألا يخشى شيئا فأتصل بها وأنهى كل شئ بينهما لكنها لم تهدأ واتصلت به
وهددته فعلا.
وكأنما
أراد زوجي أن يحتمي بنا من وحدته وضعفه معها فى مقر عمله ومن ضعفه فطلب منى أن
انتقل معه أنا والأولاد على الفور إلى المدينة التى يقيم فيها على أن ننقل أبناءنا
إلى المدارس هناك وبدون تفكير وبدون تردد بل وبدون حتى أن أخبر أمي أعددت على
الفور خلال ساعات حقائب السفر لى وللأولاد ورتبت كل شئ وأغلقت مسكني وسافرنا
للإقامة معه فى الاستراحة فى تلك المدينة ورغم مفارقتي لبيتي وأهلي وأخوتي ووجودي
فى غربة لا أعرف فيها أحدا فلقد كنت سعيدة لوجودنا نحن الخمسة تحت سقف واحد..
ولعودة الإحساس بالأمان لى ولأولادي ونحن مع زوجي وإلى جواره وحمدت الله كثيرا على
ذلك ورأيت أن متاعب الغربة هى أهون ضريبة ادفعها للحفاظ على زوجي وحبي وأولادي
وبيتي.
لكن
سعادتي لم تطل كثيرا للأسف فلقد أحسست بتغير زوجي من جديد وسألته عما الم به
فأعترف لى بأنه متزوج من هذه السيدة بعقد عرفي بعد أن تركت زوجها وأولادها طلبة
الجامعة من أجله ! وأحسست بأن زوجي قد طعنني هذه المرة فى مقتل, بهذا الاعتراف
وبأنه قد قضى على آخر أمل لى فى الإصلاح معتقدا أنني سوف أقبل بهذا الوضع اعتمادا
على أنني أحبه.
وتحاملت
على نفسي وصبرت حتى لا أضيع امتحانات نصف العام على أبنائي لكنى لم اعد استطيع
الصبر ولا القبول أكثر من ذلك.
ولكاتبة هذه الرسالة أقول:
لا
أعرف لماذا لا نتذكر " شرع الله " إلا فى هذه الجزئية وحدها منه..
ونتغافل عن مجمله أو معظمه فى كثير من سلوكياتنا ومعاملاتنا الأخرى فى الحياة؟
وأين
كان " شرع الله " فى العفة والوفاء والإخلاص وعدم خداع شركاء الحياة وهو
يخرج من علاقة محرمة إلى أخرى .. ولماذا لم يحصنه ولم ينهه عن هذه العلاقات الآثمة
قبل أن تتطور إحداها وتتحول إلى زواج عرفي سرى لا يختلف كثيرا فى مضمونه وفى سريته
عن هذه العلاقات السابقة؟
أليس
غريبا أننا لا نتذكر " شرع الله " هذا إلا إذا أردنا ان نبرر خيانتنا
لعهودنا مع من عاهدناهن على ألا نشرك فى حياتنا معهن أحدا سواهن؟
لقد
تحدثت من قبل كثيرا عن تعدد الزوجات ولن أعيد ترديد ما قلت فيه لكنى سأقول لك فقط
ؤ: إن الإسلام لم يبتكره ولم يأمر به على عكس ما يتصور البعض من ظاهر الأية "
فانكحوا ما طاب لكم من النساء" وإنما نظمه وقيده بأربع زوجات وبشرط العدل فى
النفقة والمبيت والقدرة عليه وقد كان معروفا وسائدا فى الشعوب القديمة قبل الإسلام
, وفى التوراة نصوص ووقائع تؤكد ذلك فلقد كان لداود عليه السلام زوجات كثيرات وكان
لسليمان عليه السلام سبعمائة زوجة وثلاثمائة من السرارى, وليس فى الإنجيل نص بمنعه
وكان مباحا فى أوروبا حتى حرمته الكنيسة فى العصور الوسطى وهو فى رأى أكثر الفقهاء
ليس أمرا واجباّ وإنما مباح فقط لحكمه قدرها الله سبحانه وتعالى لصلاح المجتمع وسد
أبواب الخطيئة, كأن تكون الزوجة مريضة وغير قادرة على تلبية احتياجات زوجها
الإنسانية والعاطفية , أو أن تكون محرومة من الإنجاب وتشتد على زوجها رغبته فى
الإنجاب مع الاحتفاظ بزوجته الأولى بقبولها وموافقتها , أو أن تكون رغبة الزوج فى
النساء أكبر من تلبيتها له زوجة واحدة , أو أن يكون فى المجتمع كثرة من النساء
يخشى معها من انتشار العلاقات غير المشروعة , وتعدد الزوجات فى رأى عالم جليل
كفضيلة الشيخ سيد سابق فى فقة السنة " ليس واجبا ولا مندوبا -أى مستحباّ -
وإنما هو أمر أباحه الإسلام لمقتضيات عمرانية وضرورات إصلاحية".
وفى
رأى عالم فاضل كالدكتور عبد الجليل شلبي .. فإن الإسلام لا يحتم ولا يشجع على تعدد
الزوجات ولكنه أباحه على شريطه ألا يزيد عدد الزوجات على أربع وأن يستطيع الزوج
العدل بينهن.
أما
فى رأى مستشرق فرنسى كبير كالأستاذ جوستاف لوجيون فهو "البديل الأخلاقى- عند
الضرورة- لتعدد الزوجات السرى لدى الأوروبيين" ويقصد به تعدد العشيقات
والعلاقات المحرمة.
وفى
كل ذلك فلم يكن فى ظروفك ولا فى ظروف زوجك ما يبرر له أو يدعوه إلى السباحة فى بحر
النزوات والمغامرات.. والعلاقات الآثمة التى انتهت به إلى هذا الزواج السرى..
و"
شرع الله " الذى يتحدث عنه يعطى للمرأة فى مقابل إباحته لتعدد الزوجات الحق
فى أن تشترط على زوجها ألا يتزوج عليها كما يجيز لها أيضا ان تجعل عصمتها بيدها
لكى يسهل عليها الطلاق إذا تزوج زوجها عليها.. بل انه ليجيز لها كذلك أن تشترط فى
عقد زواجها تعويضا ماليا يقدمه لها زوجها إذا تزوج عليها.
والأصل
فى الزواج انه تعاهد بين طرفين على أن يكون كل منهما للآخر وحده بلا شريك له فى
قلبه ولا فى حياته, فإذا خرج الزوج على هذا التعاهد الضمني فقد خانه.. والشرع
والقانون يطالبانه بأن يصارح زوجته برغبته فى الزواج من أخرى ولها ان تقبل
وتواصل رحلتها معه.. ولها أن ترفض وتطلب الطلاق وتحصل عليه للضرر إذا اصر الزوج
على الزواج من أخرى وبالتالي فإن ما فعله زوجك هو خيانة لعهده معك حين تحاببتما
وتزوجتما وتعاهدتما على الإخلاص والوفاء حتى نهاية الرحلة وهى " خيانة "
بدأت منذ فترة بسلسلة العلاقات والنزوات التى طرأت على حياته معك.. والواضح انه يعانى من أزمة
منتصف العمر التى يعانيها بعض الرجال وبعض النساء أيضا بعد الأربعين , فيدفعهم
قلقهم النفسي من تسرب الشباب وتسلل بوادر المشيب إليهم إلى محاولة إثبات العكس
بالإستجابة لبعض النزوات العابرة والعناية بالمظهر والاهتمام المغالى فيه بالجنس
الآخر.
وهى
مرحلة لا تطول .. على ايه حال ولقد تعاملت معها بصبر وتسامح كبيرين على أمل
الإصلاح إلى أن روعك زواجه من هذه السيدة " المضحية " وإجاباتي على
تساؤلاتك المريرة هى أن عشرين عاما من الحب الصادق.. والعطاء المخلص والوفاء
والتفاني فى إرضاء المحبوب إلى حد تدليله لا يمكن ان ترجحها أو تتكافأ معها علاقة
لا يزيد عمرها على أربعة شهور ويتخفى بها طرفاها عن الآخرين.. لأنهما يعلمان قبل
غيرهما أنها لا تلقى قبول المجتمع ولا احترامه مهما تسمت من المسميات.
كما
أن سعادة بيت صغير وزوجة محبة ومشرفة لزوجها مثلك وثلاثة أبناء وتاريخا طويلا من
الحب والذكريات المشتركة يجمعك بزوجك لا يمكن ان توضع فى إحدى كفتى الميزان مع
سعادة سيدة " مضحية " هجرت زوجها المسن وأبناءها الجامعيين جريا وراء
نداء العاطفة والمغامرة بعد أربعة شهور فقط من تعرفها بفارسها الجديد.
وأغلب
ظني أنها كانت راغبة في التخلص من حياتها الزوجية السابقة من قبل أن تلتقي بزوجك
بكثير وأنها قد حزمت أمرها فى ذلك منذ زمن طويل. إذ ليس من المقبول أن تتخذ زوجة
لمدة 23 عاما على الأقل وأم لأبناء شباب مثل هذا القرار المصيري خلال بضعة شهور
فقط التقت خلالها بفارس أحلام جديد مهما كان سحره عليها أو جاذبيته وإنما الأقرب
للعقل والمنطق هو أنها قد حزمت أمرها فيما يتعلق بحياتها الزوجية منذ زمن طويل
وكانت تنتظر فقط من يعينها على تنفيذ قرارها الصعب هذا وحمايتها من الأهوال
العائلية التى ستترتب عليه.
وكيف
يضعك وأنت الزوجة والأم والحب والعشرة والتاريخ المشترك مع هذه السيدة فى ميزان
واحد؟
لا
يا سيدتي إنها لا تستحق فعلا كما تقولين أن ينهدم من أجلها بيتك وأحلام سعادتك
وأمان أطفالك وأمانك.
أما
" التضحية " التى يتحدث عنها زوجك.. إذا كان ما زال مصراّ بغرور الرجل
على استمراء الحديث عنها.. فإننى حتى لو وافقته على إعتبارها كذلك.. فإنى أراها
كافية وحدها لو أمعن التفكير فيها بجلاء وبصيرة لأن يزداد تمسكاّ بك أنت وبأطفالك
ولئلا يعدل بك إنسانة أخرى مهما كان شأنها معه ففى رواية فرنسية قديمة, التقت زوجة
فى الأربعين من عمرها لرجل ثرى فى الستين وأم لأربعة أبناء بشاب وسيم فى الثامنة
والثلاثين من عمره وزوج لزوجة شابة مخلصة وأب لطفلين, فتدلهت فى حبه خلال وقت
خاطف, واستجاب لها الرجل الوسيم متأثرا بجمالها وبوحدته العارضة خلال سفر زوجته
وطفليه لزيارة اهلها وقررت الزوجة العاشقة أن تتخلص من حياتها الزوجية لكى تهرب مع
الشاب الوسيم إلى بلدة اخرى, وتركت رسالة لزوجها بذلك تطلب منه فيها ألا يبحث عنها
ورسالة أخرى لأكبر أبنائها ترجوه فيها أن يلتمس لها " العذر" فيما فعلت
وألا يكرهها هو واخوته.. ثم وافت عشيقها فى مكان اللقاء فى الموعد المحدد ليركبا
معا عربة ؟ تحملهما إلى حياتهما الجديدة.
فإذا
به يجئ إليها فى موعده.. ولكن بلا حقيبة سفر.. وبشخصية مختلفة عن شخصيته خلال
الأيام الماضية ويطلب منها العودة إلى زوجها وأبنائها ونسيان علاقتهما العابرة
فلقد عادت زوجته وطفلاه إلى البيت فأفاق من نزوته وأدرك عمق الهاوية التى كاد يسقط
بها وازداد تمسكا بزوجته المخلصة وأسرته الصغيرة..
وانهارت
الزوجة العاشقة حتى كادت تتداعى على الأرض وانهمرت دموعها كالمطر وراحت ترجوه
وتتوسل إليه وتستعطفه ألا يتردد فى اقتناص السعادة المتاحة لهما.. وألا يحطم
قلبها.. وهو يصر على الرفض بحزم مهذب..
ففقدت
الزوجة الخائنة أعصابها وثارت عليه ثورة هائلة واتهمته " بالغدر " و
" الخسة ".. و " الخيانة " وقالت له بانفعال شديد:
أتتخلى
عنى بعد أن "ضحيت" من أجلك بزوجي الذى يحبني ويحتاج إلى رعايتي وبأبنائي
الأربعة الذين يحتاجونني إلى جوارهم فأجابها بهوء قاتل:.. بل إننى أتخلى عنك من
أجل هذه التضحية " المخيفة " نفسها.. فمن تضحى بزواج عمره 20 عاماّ وزوج
محب يحتاج إليها فى شيخوخته وأربعة أبناء من أجل رجل التقت به منذ أسابيع فقط لا
أضمن عدم تقلب مشاعرها ولا إخلاصها لى إذا التقت ذات يوم قريب أو بعيد بمن هو أكثر
منى وسامة وأنضر شباباّ.
ولست
أثق فى ان مثل هذه السيدة تستحق أن أفقد زوجتي المخلصة وأعرض أطفالي للتعاسة من
أجلها؟
ثم
استدار من حيث جاء وعاد بخطوات بطيئة واثقة إلى زوجته وطفليه!
وهكذا
كان ينبغي لزوجك أن يفعل ذلك مع هذه السيدة حين عرضت عليه" تضحيتها "
المزعومة.
وهكذا
ينبغي أن يفعل الآن تصحيحا لهذا الخطأ.. وتفضيلا لزوجته المخلصة وأبنائه الثلاثة..
وأمان أسرته وإستقرارها.
أما
مسئوليته عن حماية السيدة " المضحية " من أسرتها فيستطيع أن يقوم بها
زملاؤه.. وبالقانون.. وليس بهدم الأسر السعيدة الآمنة..وشكرا.
رابط رسالة اللحظة الفاصلة تعقيبا على هذه الرسالة
راجعها وأعدها للنشر / نيفين علي
برجاء عدم النسخ احتراما لمجهود فريق العمل في المدونة وكل من ينسخ يعرض صفحته للحذف بموجب حقوق النشر