المطلب العسير .. رسالة من بريد الجمعة عام 1994
أنا والد الابنة الحبيبة الكفيفة رشا التي نشرت قصتها في بريد الجمعة عام 1988 بعنوان "سر الحياة" .. وأريد أن أروي لك ما جد من أمرها بعد نشر الرسالة لكي تسعد معنا بوجود الابنة البركة رشا في بيتي بعد أن تألمت معنا لمرضها وظروفها السابقة , فالحمد لله قد التحقت رشا بالسنة الأولى الابتدائية بمدرسة النور والأمل بمصر الجديدة منذ ست سنوات .. وتم ذلك باستثناء شرط السن من وزير التعليم وقتها أكرمه الله .. وقد تفوقت ابنتي في سنوات دراستها الابتدائية كلها وحصلت على الشهادة الابتدائية بمجموع 96% وجاءت الأولى على مدرستها والحمد لله والتحقت بالسنة الأولى الاعدادية ومازالت متفوقة في دراستها وتطلب العلم في كل وقت وخلال الإجازة الصيفية أحضر لها القصص من المركز النموذجي للمكفوفين لتقرأها.
أما من الناحية الصحية التي سردت لك تفاصيلها في رسالتي الأولى فصحتها الآن والحمد لله جيدة جدا وأقوم بعرضها كل ستة شهور على الطبيب لمراقبة تطور المرض , وقد وهبنا الله من فضله خلال السنوات الماضية طفلة ثالثة فأصبحت في بيتي ثلاث زهرات صغيرات جميلات يتبادلن الحب والعطف والرعاية وطفلتاي الصغيرتان تقلدان ابنتي الكبرى الكفيفة رشا التي وهبها الله الذكاء والحنان والحب والحمد لله كثيرا على ما أراده الله وأنعم به علينا .. فنحن كأسرة نعيش سعداء , وقد غرس الله في قلوبنا جميعا الرحمة والمودة .. ومنذ أيام طلبت مني رشا أن أقرأ لها تفسير سورة يس وقرأته لها فأبدت رغبتها في أن تكتبه بطريقة برايل بيدها رغم طوله وكتبت فعلا ست صفحات منه ثم تعبت وتوقفت , وأحسست بأنها تريد أن تقول لي شيئا وتشفق علي منه , فشجعتها على أن تفصح عما تفكر فيه , فإذا بها تقول لي على استحياء بأنها تتمنى أن تكون لديها آلة كاتبة بطريقة برايل لتعينها في دراستها حيث تعلمت الكتابة عليها في المدرسة إلى جانب تعلمها للآلة الكاتبة العادية.
وأسقط في يدي حين سمعت منها ذلك , فهذه الآلة المقصودة ليست متوفرة في مصر ولا توجد سوى في أمريكا وألمانيا , وثمنها أيضا ليس هينا بالنسبة لي فهو في حدود خمسمائة دولار , ومع ذلك فلم أستطع أن أخذلها وأنهي إليها عدم قدرتي على توفيرها لها .. ووعدتها بأن أبحث عن طريقة للحصول على هذه الآلة وفكرت بعد ذلك طويلا فيما أستطيع أن أفعل لاحضارها لها ثم قررت أخيرا أن أكتب إليك ولأسألك هل يستطيع أحد قرائك في الخارج أن يوفر هذه الآلة الثمينة لرشا على أن أدفع ثمنها على دفعات معقولة من مرتبي وإنني أسف لإرهاقك بهذا المطلب العسير .. لكني أحاول قدر جهدي وامكانياتي المحدودة أن أسعد ابنتي وأوفر لها كل ما يساعدها على التقدم في دراستها وأملي كبير في أن أستطيع حل هذه المشكلة الطارئة بمعاونتك مع خالص الشكر والاحترام.
جميع الحقوق محفوظة لمدونة "من الأدب الإنساني لعبد الوهاب مطاوع"
abdelwahabmetawe.blogspot.com
ولــكـــاتـــب هــذه الــرســالــة أقـــول :
المطلب العسير يصبح سهل المنال حين يأذن الله بتحقيقه .. وفي انتظار هذا الإذن فإني أنشر رسالتك عسى أن يستطيع أحد الأحباء المساعدة في توفير هذه الآلة المطلوبة على أن يتحمل بريد الأهرام تكاليفها ويتولى تقديمها هدية مستحقة للأبنة رشا مع أجمل الأمنيات لها بالصحة واستمرار التفوق الدراسي , ولكم جميعا بالسعادة والهناء ودوام الرضا .
نشرت في جريدة الأهرام "باب بريد الجمعة" في يناير 1994
كتابة النص من مصدره / بسنت محمود
راجعها وأعدها للنشر / نيفين علي
برجاء عدم النسخ احتراما لمجهود فريق العمل في المدونة وكل من ينسخ يعرض صفحته للحذف بموجب حقوق النشر