التعويض .. رسالة من بريد الجمعة عام 1995
أنا سيدة متزوجة
منذ ثماني سنوات وأقيم في مدينة ساحلية وأحمل مؤهلا متوسطا ومنذ اليوم الأول لزواجي
والخلافات والمشاكل لا تنقطع بيني وبين زوجي بسبب طباعه الغريبة فهو يعتبر نفسه
السيد ولا يحب سوى نفسه ولا يراعي شيئا في الحياة سوى مصلحته ولا يعجبه شيء في أهلي
مع أنهم يعاملونه معاملة خاصة إكراما لي وللطفلين اللذين أنجبتهما منه، ومع ذلك
فزوجي غاضب وساخط دائما وشديد العصبية ويده أسرع من لسانه في التعامل معي وقد
صفعني ذات مرة صفعة شديدة أحدثت تشوهات كبيرة في وجهي .. ونفد صبري فلجأت إلى
الشرطة وحررت له محضرا بالتعدي علي وحصلت على تقرير طبي بالإصابات وتحول المحضر
إلى قضية ومع ذلك فقد قبلت الصلح معه بسهولة حين صالحني لأني حريصة على حياتي
الزوجية وسعادة أبنائي ومستقبلهم، واستجبت لطلبه وتنازلت عن المحضر .. وسجلت تنازلي
له في الشهر العقاري وأقررت فيه أيضا أنني لن أقاضيه ذات يوم من هذه الواقعة ورجعت
لحياتي معه.
فلم يمض وقت طويل حتى ضرب ابني
الصغير بالخرطوم ضربا قاسيا فتدخلت بينهما لأخلص طفلي منه فإذا به يلكمني في وجهي
لكمة قوية أسقطت أسناني الأمامية كلها وصرخت وبكيت من الألم والفزع وأنا أرى الدم
يغطي وجهي وملابسي فارتبك .. وراح يصالحني ويعتذر لي ثم أخذني إلى طبيب الأسنان
ليركب لي أسنانا صناعية بدلا من التي أسقطها بلكمته الوحشية سامحه الله، فطلبت منه
ونحن في عيادة طبيب الأسنان تعويضا ماليا عن أسناني الطبيعية التي لن تعوضها لي
هذه الأسنان الصناعية أبدا وحددت له التعويض الذي يرضيني بمبلغ خمسة آلاف جنيه ومع
ذلك فهو يرفض إعطائي هذا المبلغ التافه بالنسبة إليه مع أنه ثري وروث عن أبيه
ثلاثة محلات تجارية، وقد رفض من قبل فكرة العمل بالنسبة لي حين جاءني تعيين القوى
العاملة ويقتر علي ولا يعطيني في يدي إلا خمسة جنيهات للمواصلات حين اذهب لزيارة أهلي
رغم بعد المسافة ولا يسمح لي بزيارتهم كل مرة إلا بعد عذاب وتوسلات وقد تحملت منه
اهانات كثيرة لي ولعائلتي بسبب طيبتي الزائدة وخوفي على أولادي.
وكل سكان العمارة يكرهونه لمشاكله معهم ولأنه
يوقع بينهم البغضاء فماذا افعل مع هذا الزوج المتوحش الذي يستخسر في هذا التعويض
البسيط مقابل أسناني وما أحسست به من آلام مبرحة حين أسقطها لي؟
لقد طالبته به فرفض فقلت له أنني سأحصل على حقي
بالقانون فهل أنا مخطئة في ذلك .. وبماذا تنصحني أن أفعل
؟
جميع الحقوق محفوظة لمدونة "من الأدب الإنساني لعبد الوهاب مطاوع"
abdelwahabmetawe.blogspot.com
ولكاتبة هذه الرسالة أقول:
العين بالعين
والسن بالسن والبادي أظلم .. فإذا كان يرفض أن يؤدي إليك تعويضا ماديا عادلا عما ألحقه
بك من ضرر بليغ وآلام مبرحة فقدت معها أسنانك الطبيعية وهي صنعة الله ومن أحسن من
الله صنعا فليقبل إذن أن تسقطي أنت له أسنانه الأمامية ليتحقق العدل بينكما..
وينفذ فيه قصاص الله العادل وإذا عجزت لكمتك الضعيفة عن أن تحقق القصاص المطلوب
فلتستعينى عليه بأحد أقاربك من أهل النخوة والمروءة أو من جيرانك وقد فهمت من
رسالتك أن كثيرين من سكان العمارة التي تقيمين بها يتلهفون لأداء مثل هذه الخدمة
البسيطة لك انتقاما منه لما يثيره معهم من مشاكل ومنازعات .
أما إذا ضاق
بك الحال نهائيا ولم تجدي بين الأقارب والجيران من ينفذ فيه قضاء الله فإن أهل الخير
من ممارسي لعبة الملاكمة كثيرون والحمد لله.. ولن يتقاعسوا أبدا عن تلبية هذا
النداء الإنساني فليقبل المبدأ إذن ونحن في الخدمة بإذن الله .. ولا حول ولا قوة
إلا بالله .
إنني لا أعني
ما قلت لك بالطبع.. لكن ما هذا يا سيدتي وكيف تستقيم الحياة بين زوجين على هذا
النحو الدموي ؟
ولماذا لا نستأسد دائما إلا على الضعفاء منا ومن يحرصون علينا ويضعون سعادة الأبناء فوق كل اعتبار ؟
إنك لم تخطئي بطلب التعويض المادي منه.. وإنما أخطأت
بعدم إبلاغ الشرطة عن هذه الإصابة البالغة التي لحقت بك حتى تردعه وتعيد إليه رشده
.. وإذا كنت اقدر دوافعك الإنسانية والعائلية لذلك فلا أقل من أن يقبل زوجك
بالتعويض المادي وأن يدفعه لك راغما أو راضيا، لكى يتردد بعد ذلك ألف مرة قبل أن
يمارس معك عدوانيته هذه .. فتمسكي بمطلبك حتى النهاية وما ضاع حق وراءه مطالب.
أعانك الله
على معاشرة الوحوش الآدمية وحفظ لك أبناءك من كل سوء.
راجعها وأعدها للنشر / نيفين علي
برجاء عدم النسخ احتراما لمجهود فريق العمل في المدونة وكل من ينسخ يعرض صفحته للحذف بموجب حقوق النشر